رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية محمود فهمي حجازي تلميذ طه حسين وسهير القلماوي

الدكتور محمود فهمي
الدكتور محمود فهمي حجازي

درس الدكتور محمود فهمي حجازي الذي وافته المنية أمس، على يد عدد من كبار أساتذة الأدب العربي، منهم الدكتور طه حسين، والدكتور شوقي ضيف، والدكتورة سهير القلماوي، في كلية الآداب جامعة القاهرة.

حصل على درجة الليسانس الممتازة سنة 1958، مسجلًا أعلى درجة في تاريخ الكلية وقتها، ثم أُرسل في بعثة دراسية إلى ألمانيا الاتحادية خلال الفترة من 1960 حتى 1965، وحصل فيها على دبلومات في العبرية والألمانية ثم درجة الدكتوراه بتقدير الدرجة العظمى مع المدح من جامعة ميونيخ، قسم الدراسات اللغوية السامية، في منهج التحليل اللغوي عند العرب في ضوء شرح السيرافي على كتاب سيبويه عام 1965.

محمود فهمي حجازي المولود في محافظة الدقهلية مركز المنصورة، عام 1940، ألف المئات من المقالات والبحوث في علم اللغة والسياسة اللغوية، بالإضافة إلى ما يزيد عن 12 كتابًا وعملًا مرجعيًا، وكان أول أعماله المعجم الألماني العربي، وألف أيضًا كتاب "اللغة العربية عبر القرون"، و"علم اللغة بين التراث والمناهج الحديثة"، و"علم اللغة العربية ـ مدخل تاريخي مقارن في ضوء التراث واللغات السامية"، و"مدخل إلى علم اللغة"، و"أصول الفكر العربي الحديث عند الطهطاوي"، و"الأسس اللغوية لعلم المصطلح البحث اللغوي"، و"اللغة العربية في العصر الحديث"، و"طه حسين حياته وفكره"، و"أصول علم اللغة".

وحصل على وسام الاستحقاق الاتحادي من الطبقة الأولى لجمهورية ألمانيا الاتحادية 1997، وعلى الجائزة التقديرية لجامعة القاهرة في العلوم الإنسانية عام 1998، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب لجمهورية مصر العربية عام 2000، وعلى وسام رئيس جمهورية كازاخستان 2013، وكذلك كُرم بحصوله على الدكتوراة الفخرية بدرجة أستاذ، من جامعة العلاقات الدولية واللغات العالمية، ألماطي، بجمهورية كازاخستان عام 2004.

عمل الراحل معيدًا عضو بعثة حكومية (1960-1965) ثم مدرسًا، ثم عين أستاذًا مساعدًا عام 1972، ثم أستاذ علم اللغة بكلية الآداب – جامعة القاهرة عام 1978، ودرّس في جامعة الكويت (1970-1974) وجامعة قطر (1980-1984)، وعضو هيئة تدريس زائر بجامعة إرلانجن ـ نورنبرج ـ ألمانيا الإتحادية (1969-1970)، وكان أستاذًا زائرًا باسم حكومة جمهورية مصر العربية في جامعتي بودابست (المجر) وامستردام (هولندا) وليون (فرنسا)، ولمدد قصيرة للدراسات العليا بالجامعات العربية، ومنها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، والجامعة الأمريكية بالقاهرة.

وعمل وكيلا للدراسات العليا والبحوث بكلية الآداب وأمينًا لمجلس الدراسات العليا ـ جامعة القاهرة (1989-1994) ومستشارًا لجامعة زايد في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأستاذًا العلوم اللغوية بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، حيث أشرف على الرسائل بالمعهد في مجالات القضايا اللغوية المعاصرة.

أسهم على مدى ثلاثين عامًا في تقديم المشورة إلى عدد من الدول العربية والإسلامية، في مجالات تعليم اللغة العربية لأبناء اللغات الأخرى، منها الكويت وقطر وماليزيا ودول أخرى، وعمل خبيرًا، ثم كبير الخبراء اللغويين بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالقاهرة (1976- 1979).

تولى مهام كثيرة في متابعة التنفيذ وتطوير التعليم قبل الجامعي والجامعي بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منها معهد الخرطوم لإعداد متخصصين في تعليم العربية لغير الناطقين بها لإعداد خبراء في تعليم اللغة العربية "إعداد المشروع الأساسي لخطة الدراسة والبحوث وبدأ تنفيذه عام 1975"، ومشروع النهوض بتعليم اللغة العربية في باكستان "1975"، والخطة الخمسية لنشر اللغات والثقافة العربيتين في أفريقيا.

مشروع إنشاء صندوق التنمية الثقافية العربية في الخارج "1975 و1978"، وكذلك اشترك مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "1984"، لتطوير تعليم اللغة العربية في ماليزيا حيث خطط وأشرف على دورات تدريب معلمي اللغة العربية "1984 ـ 1994" وتدريب مؤلفي الكتب المدرسية للعربية "1986" وإعداد سلسلة تعليمية للمدارس الحكومية إضافة إلى مرشد المعلم.

حجازي كان المستشار الوحيد من خارج أوروبا وأمريكا منذ 1981 لتحرير مجلة الدراسات اللغوية العربية التي تصدر في جامعة هايدلبرج بألمانيا، كما كان رئيس تحرير مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة (1989 –1994) وفي إطار مهام منصبه وكيلا لكلية الآداب بجامعة القاهرة ( 1989ـ 1994)، عمل على تطوير مجلة الآداب بجامعة القاهرة، فأصبحت – ولأول مرة – دورية علمية محكمة تصدر بشكل منتظم أربع مرات سنويًا على أرفع مستوى علمي.

قام بالتخطيط لإنشاء منظومة من المراكز العلمية في مجالات: اللغة العربية، اللغات الأجنبية، الدراسات اللغوية والأدبية المقارنة، وبذلك بدأت كلية الآداب بجامعة القاهرة مرحلة جديدة لخدمة المجتمع والدولة والبحث العلمي، تولى عضوية اللجنة الدائمة للترقية لوظائف الأستاذية بالجامعات المصرية منذ 1985 ثم أصبح مقرر اللجنة الدائمة لترقيات الأساتذة في اللغة العربية وآدابها بالجامعات المصرية منذ 1994، كما اشترك في عضوية عدد من اللجان بالمجلس الأعلى للآداب والفنون بالقاهرة.

أشرف على أكثر من مائة وأربعين رسالة جامعية لنيل درجات الماجستير والدكتوراة في علوم اللغة العربية والدراسات المقارنة في مصر ودول عربية وأخرى، أكثر من نصف هؤلاء الباحثين أعدوا موضوعات في التراث العربي الإسلامي برؤية لغوية، وتناول غيرهم موضوعات لغوية معاصرة وقضايا لغوية تطبيقية.

يعد هؤلاء الباحثون مدرسة علمية عربية في الدراسات اللغوية، أكثرهم أعد رسالتيه بجامعة القاهرة وبعضهم أعد رسالته بإشرافه في كليات أخرى في داخل مصر وخارجها، ومنهم من نال درجته بنظام الإشراف المشترك مع الجامعات الألمانية والفرنسية والبريطانية، يضاف إلى ذلك الاشتراك في مناقشة عدد كبير من الرسائل في مجالات التراث العربي، وعلم اللغة التطبيقي والقضايا اللغوية المعاصرة والمناهج وطرق التدريس.

ترجم "حجازي" وحقق وراجع المادة العلمية لتاريخ التراث العربس تأليف فؤاد سزكين (10 أجزاء)، هذا العمل من أهم المراجع الحديثة في بحث التراث العربي، مؤلف بالألمانية، وقد تم التخطيط لترجمة الكتاب فور ظهوره إلى العربية، وتعاون معه بعض المتخصصين العرب، وظهرت عشرة أجزاء من الترجمة العربية بالقاهرة.