رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مَنْ يفوز بكرسى بوتفليقة؟.. "الدستور" تكشف سِيَر المرشحين فى انتخابات الرئاسة الجزائرية

بوتفليقة
بوتفليقة

بدأت الجاليات الجزائرية المقيمة بالخارج، أمس، الإدلاء بأصواتها فى الانتخابات الرئاسية، التى يتنافس فيها ٥ مرشحين، على أن يجرى التصويت فى الداخل، الخميس المقبل. وتعد هذه هى أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد منذ استقالة الرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، فى ٢ أبريل الماضى.
والمرشحون الخمسة هم: عزالدين ميهوبى، الأمين العام بالنيابة لحزب «التجمع الوطنى الديمقراطى»، وعبدالقادر بن قرينة، رئيس حزب «حركة البناء الوطنى»، وعبدالمجيد تبون، رئيس الوزراء الأسبق، وعلى بن فليس، رئيس حزب «طلائع الحريات»، وعبدالعزيز بلعيد، رئيس حزب «جبهة المستقبل». وبشكل عام يغلب على المرشحين الخمسة صلتهم بنظام «بوتفليقة» رغم انشقاقهم مؤخرًا عنه، ولم يمثل الحراك الشعبى الذى خرج ضد الرئيس السابق أى مرشح، ما يهدد مستقبل الرئيس الجديد من حيث حجم المشاركة الشعبية، ونسبة رضاء المواطنين عنه، بخلاف عدم مشاركة أكبر حزب فى الانتخابات، وهو «جبهة التحرير الوطنى» الذى يحكم الجزائر منذ رحيل الاحتلال الفرنسى. «الدستور» تستعرض فى السطور التالية تاريخ وسِيَر المرشحين الخمسة، سواء الشخصية أو المهنية، وأهم البرامج التى قدموها للفوز بأصوات المرشحين، والتحديات التى فى انتظار الفائز بالمنصب.


عبدالمجيد تبون: ابن النظام الذى حاول إصلاحه.. يعد بـ«جمهورية جديدة دون إقصاء»

رغم أنه محسوب على نظام الرئيس السابق بوتفليقة، لم يمنع ذلك عبدالمجيد تبون من الترشح، على اعتبار أنه «رجل دولة» وليس «رجل نظام»، واختار أن يكون الترشح بشكل «مستقل»، فلم يشكل كغيره ممن تركوا حزب «جبهة التحرير» حزبًا خاصًا يحقق به طموحاته. ولد «تبون» فى الجزائر، ١٧ نوفمبر ١٩٤٥، والتحق بـ«المدرسة الوطنية للإدارة»، وتخصص فى الاقتصاد والمالية، ومنذ تخرجه شغل العديد من الوظائف الحكومية، خلال الفترة من ١٩٧٥ لـ١٩٩١، كما أصبح واليًا للعديد من ولايات الدولة المهمة، أهمها الجزائر العاصمة.
وبعد هذه الفترة بدأ فى تولى الحقائب الوزارية الصغيرة، بداية من وزير منتدب بالجماعات المحلية، فى الفترة من ١٩٩١ ـ ١٩٩٢، ثم وزير السكن والعمران من ١٩٩٩ لـ٢٠٠٢، ثم عاد وتولى الوزارة ذاتها من ٢٠١٢ لـ٢٠١٤، حتى كلف بمهام وزير التجارة بالنيابة فى ٢٠١٧.
ومع بروز حالة غضب شعبى شديدة من سياسات وزراء «بوتفليقة»، وضعف سيطرته على الدولة منذ عام ٢٠١٣ بسبب مرضه الشديد، أتى النظام بـ«تبون» إلى رئاسة الوزراء، خلفًا لعبدالملك سلال، الذى يقبع فى السجن الآن، لكنه لم يمكث سوى شهر واحد وأقيل فى أغسطس ٢٠١٧.
وجاءت إقالة «تبون» بسبب تبنيه سياسة مكافحة الفساد، ما أغضب رجال «بوتفليقة»، وعلى رأسهم السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائرى وزمرة من رجال الأعمال، ليأتى مكانه أحمد أويحيى، الأمين العام لحزب التجمع الوطنى الديمقراطى «الأرندى»، القابع الآن فى السجن بتهم فساد.
ويخوض «تبون» هذه الانتخابات معتمدًا على خبرته السياسية كرجل دولة، ومحاولاته تبنى سياسة الفصل بين المال والسياسة، وإصلاح النظام من الداخل، حينما تولى رئاسة الوزراء، كما أنه يعتبر من المقربين حتى الآن لحزب «جبهة التحرير» والجيش، ما قد يدعم حظوظه.
لكن إقالته وليست استقالته من نظام «بوتفليقة»، جعلت العديد من الناس يحسبونه على أنه شريك لنظام الرئيس التاريخى للجزائر، خاصة أنه لم يعارض سياسات هذا النظام، حتى بعد إقالته.
ويسعى «تبون» فى برنامجه الانتخابى للتقرب من الجميع، وتعهد بأنه لن يقصى أحدًا، مبشرًا بـ«جمهورية جديدة دون إقصاء»، بأن يكون همزة وصل بين جيلى «الثورة» و«الشباب»، وعدم الانقلاب على الحراك الشعبى الذى أطاح بـ«بوتفليقة»، مع طمأنة رموز النظام السابق، والأحزاب التقليدية، بأنه لن يتم المساس بها.


على بن فليس: اعتزل السياسة إجباريًا.. 10 سنوات.. وعاد بـ«طلائع الحريات»

يعتبر على بن فليس، ٧٥ عامًا، واحدًا من أقوى المرشحين للفوز برئاسة الجزائر، ورغم كونه ابنًا لنظام «بوتفليقة»، اصطدم معه مبكرًا وانشق عنه فى ٢٠٠٣، بل وقرر منافسته فى انتخابات الرئاسة ٢٠٠٤، لتتم الإطاحة به من حزب «جبهة التحرير»، ويجبر على اعتزال السياسة مدة طويلة قطعتها استقالة «بوتفليقة» مؤخرًا. ولد «بن فليس» بالجزائر فى سبتمبر ١٩٤٤، والتحق بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بالعاصمة، وتخرج فيها عام ١٩٦٨، والتحق فى العام ذاته بالسلك القضائى وظل يترقى فيه حتى عام ١٩٧٤، ثم عمل بالمحاماة حتى اختير لشغل منصب وزير العدل فى ١٩٨٨، واحتفظ بها مع ٣ حكومات متتالية: قاصدى مرباح، مولود حمروش، وسيد أحمد غزالى.
وسرعان ما تحول «بن فليس» ليكون قياديًا بارزًا فى الحزب الحاكم «جبهة التحرير»، فقد انتخب عضوًا فى اللجنة المركزية والمكتب السياسى بالحزب فى ديسمبر ١٩٨٩، ومثّله فى العديد من دورات البرلمان.
ومع مجىء «بوتفليقة» للسلطة عام ١٩٩٩، أصبح «بن فليس» أحد أهم أذرعه، وعُين أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية حتى عام ٢٠٠٣، كما أنه انتخب أمينًا عامًا للحزب الحاكم فى ٢٠٠١، وشغل كرسى رئيس الوزراء فى الفترة من ٢٠٠٠ حتى ٢٠٠٣.
الصدام بين «بوتفليقة» و«بن فليس» وقع مبكرًا، حينما أعلن عن تشكيل تيار إصلاحى داخل حزب «جبهة التحرير» والترشح لانتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٤ أمام «بوتفليقة»، ما أدى إلى طرده من الحزب واعتزاله السياسة لمدة ١٠ سنوات.
وعاد «بن فليس» للمسرح السياسى فى ٢٠١٤، مع الحراك الجزائرى وقتها الذى كان متأثرًا بـ«ثورات الربيع العربى»، وأعلن عن ترشحه أمام «بوتفليقة» فى الانتخابات الرئاسية ٢٠١٤ لكنه خسر، واتجه بعدها إلى تأسيس حزبه «طلائع الحريات».
وقدم رئيس حزب «طلائع الحريات» نفسه للجزائريين على أنه سينقذهم من الأزمة التى تشهدها البلاد، معتبرًا أن الحل يبدأ بوجود مؤسسات شرعية منتخبة تدير البلاد فى هذه المرحلة الحرجة، حتى يتسنى لها إنقاذ الاقتصاد وإجراء إصلاحات واسعة تمتص غضب الشارع. ووعد الشعب الجزائرى بأنه سيقدم له خططًا عاجلة لحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، معتبرًا أن الأزمة الجزائرية شاملة ولا يمكن فصل بعدها السياسى عن بعديها الاقتصادى والاجتماعى.


عزالدين ميهوبى: روائى ورجل صحافة وإعلام.. ومرشح الشريك الرئيسى لـ«جبهة التحرير»

يعول عزالدين ميهوبى، وزير الثقافة السابق، مرشح حزب التجمع الوطنى الديمقراطى «الأرندى»، على تاريخه الأدبى، وقوة حزبه وشركائه الذين قد يدعمونه، فالحزب كان شريكًا طوال السنوات الماضية لحزب «جبهة التحرير».
ولد «ميهوبى» فى ولاية المسيلة، عام ١٩٥٩، وينتمى لعائلة سياسية عريقة، التحق فى صغره بالتعليم الدينى عبر «الكتّاب»، ثم المدرسة النظامية فى عام ١٩٦٧، ومنها دخل مدرسة الفنون الجميلة فى ١٩٧٩، وبعدها بعام دخل المدرسة الوطنية للإدارة، وتخرج فيها سنة ١٩٨٤، وفى ٢٠٠٦، حصل على دبلوم فى الدراسات العليا المتخصصة «فرع الاستراتيجيا» من جامعة الجزائر.
وانضم «ميهوبى» إلى صفوف حزب «التجمع الوطنى الديمقراطى» مبكرًا، ونجح فى الفوز بعضوية البرلمان عن الحزب، فى الدورة البرلمانية من ١٩٩٧ حتى ٢٠٠٢، وأهله هذا ليكون أهم كوادر الحزب، الذى كان شريكًا للسلطة فى الحكم وإحدى أذرعها.
ومع رحيل «بوتفليقة»، وسجن الأمين العام للحزب، رئيس الوزراء، أحمد أويحيى، اختار الحزب «ميهوبى» أمينًا عامًا، فى يونيو ٢٠١٩، بل ودفع به فى انتخابات الرئاسة، لإنقاذ الحزب والحفاظ على بقائه إن لم يفز بالرئاسة.
وبذلك يكتسب «ميهوبى» قوته من أنه مرشح حزب كان شريكًا للسلطة، ولم يدفع بأحد فى الانتخابات غيره، وما زال هو الحزب الأقوى فى البلاد، ويسيطر على مفاصل الدولة.
وبشأن برنامجه الانتخابى، لا يمتلك عزالدين ميهوبى برنامجًا أو رؤية واضحة، بعد أن دفع به حزبه فى اللحظات الأخيرة، وعقب إعلان قبوله رسميًا الترشح لانتخابات ديسمبر، قال إنه سيعمل على تقديم برنامج متكامل وواقعى، معتبرًا أنه ليس الأفضل، لكنه يسعى لتقديم الأفضل وبناء دولة الكفاءة والفرص، وخوض الانتخابات الرئاسية بشرف.
ومثل غيره، لم يجد «ميهوبى» إلا التهويل من خطورة الوضع الحالى حتى يدفع الناس إلى المشاركة فى الانتخابات، وقال إن «المسئولية أصبحت ثقيلة وكبيرة، لكن الوضع فى الجزائر يتطلب رفع الجهد لإقناع المواطنين بالذهاب نحو الاقتراع». ويعد «ميهوبى» رجل أدب وثقافة أكثر منه رجل دولة وسياسة، وعرفه الجزائريون من كتاباته وليس سياساته أو مواقفه، لكن عمله فى الصحافة والإعلام ساعد فى بروزه سياسيًا.
ويملك الرجل سيرة أدبية حافلة، وصدرت له العديد من دواوين الشعر، مثل «أوراس» و«اللعنة والغفران»، وأصدر أيضًا روايات مثل رواية «التوابيت»، كما قدم العديد من المسرحيات مثل مسرحية «٨ ماى ١٩٤٥»، و«زبانا»، وحصد العديد من الجوائز الأدبية المحلية والدولية عن أعماله الأدبية.


عبدالقادر بن قرينة: منشق عن «الإخوان».. ويدعو لـ«إشاعة الفضيلة والقيم»

يعتبر عبدالقادر بن قرينة الممثل الوحيد لتيار الإسلام السياسى فى هذه الانتخابات، رغم انقطاعه فترة طويلة عن ممارسة السياسة التى لم يمارسها إلا من خلال عضويته فى البرلمان، دون المشاركة لفترات طويلة فى مناصب تنفيذية مؤثرة.
ويشغل «بن قرينة» منصب رئيس حزب «حركة البناء الوطنى»، التى شكلها عقب انشقاقه عن حركة المجتمع الإسلامى «حمس»، الممثلة لجماعة الإخوان فى الجزائر.
ولد «بن قرينة» بولاية «ورقلة» جنوبى البلاد، عام ١٩٦٢، والتحق منذ صغره بالجماعات الإسلامية حينما كان عمره ١٤ عامًا، وانضم لصفوف حركة المجتمع الإسلامى «حمس» ثم انشق عنها بسبب طبيعة أهدافها، متجهًا إلى تأسيس «حركة البناء الوطنى».
مارس العمل السياسى ونجح فى الانضمام إلى البرلمان، فى الدورة من ١٩٩٤ إلى ١٩٩٧، وتقلد منصب نائب رئيس المجلس، وأعيد انتخابه فى دورة ١٩٩٧ عن ولاية «ورقلة»، ليعين فى العام ذاته وزيرًا للسياحة والصناعات التقليدية فى عهد الرئيس الأسبق اليامين زروال، لكنه لم يبق فى المنصب طويلًا، وأعيد انتخابه فى سنة ٢٠٠٢ نائبًا فى البرلمان عن ولاية الجزائر العاصمة ليبقى ٥ سنوات أخرى.
وتعتبر فرص فوزه ضعيفة، لأن حركة «حمس» قد ترفض دعمه، حتى لا يؤدى ذلك إلى إضعافها، وتحمل تركة الرئيس السابق «بوتفليقة»، التى سيرثها الرئيس الجديد، وخلافًا لذلك من المستبعد دعمه من القوى الثورية التى رفضت فى الأساس المشاركة فى الانتخابات برمتها.
وتعهد «بن قرينة»، كعادة خطابات تيارات الإسلام السياسى، بـ«إشاعة الفضيلة والقيم فى المجتمع» وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأن يكون أمينًا على أموال الشعب وثرواته ومحاربة الفساد ودعم الحرية والديمقراطية الحقيقية.

عبدالعزيز بلعيد: الأصغر سنًا.. ويبشر بالإصلاح السياسى والحكم المحلى

يعد عبدالعزيز بلعيد، رئيس حزب «جبهة المستقبل»، أصغر المرشحين الرئاسيين عمرًا، بـ٥٦ عامًا، كما أنه أحد أبناء الحزب الحاكم «جبهة التحرير».
ولد «بلعيد» بولاية «باتنة»، فى يونيو ١٩٦٣، وكانت بدايته السياسية فى سن مبكرة عبر الانخراط فى جماعات الإسلام السياسى. انضم إلى صفوف «الكشافة الإسلامية» بمنطقة «باتنة»، ثم التحق بكلية الطب، وحصل على الدكتوراه فيها.
كما حصل على ليسانس من كلية الحقوق بجانب دراسته الطب، وفى الجامعة كثف نشاطه السياسى وترأس الاتحاد الوطنى للطلبة الجزائريين عام ١٩٨٦، وانضم إلى صفوف الاتحاد الوطنى للشبيبة الجزائرية وأصبح أمينًا له.
وسرعان ما أدرك «بلعيد» أصول اللعبة السياسية، لينضم عام ١٩٨٦ إلى حزب «جبهة التحرير»، ويكون أصغر عضو فى اللجنة المركزية للحزب وقتها بعمر لم يتجاوز ٢٣ عامًا، ومع بروز دوره انتخب نائبًا بالبرلمان فى دورتين متتاليتين بين عامى ١٩٩٧ و٢٠٠٧.
وقع الصدام بينه وبين نظام «بوتفليقة» عام ٢٠١١، لينشق عنه ويؤسس حزب «جبهة المستقبل»، الذى حصل على مقعدين فى برلمان ٢٠١٢، وبعدها بعامين ترشح فى الانتخابات الرئاسية أمام «بوتفليقة»، لكنه خسر وحل فى المرتبة الثالثة بنسبة ٣.٣٦٪ من أصوات الناخبين، وفى عام ٢٠١٧ حصد حزبه ١٤ مقعدًا فى البرلمان.
ويبشر «بلعيد» بإجراء إصلاحات سياسية وتعديلات على مختلف القوانين، وإعطاء صلاحيات واسعة لرؤساء البلديات دون فرض رقابة عليهم، ما يدعم اللامركزية فى عموم الجزائر، بخلاف ذلك قال إنه سيعمل على أن تراعى القوانين خصوصية كل منطقة حتى فيما يتعلق بجباية الضرائب.