رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"رحم مهجور".. نساء عانينّ لعدم قدرتهنّْ على الإنجاب

جريدة الدستور

"الأوله بسم الله، والتانيه باسم الله، والتالته باسم الله، والسابعة يا بركة محمد بن عبد الله"، كلمات تترد داخل منزل مكون من أربعة طوابق بقرية بهيج بأسيوط، فاليوم يتزامن مع "سبوع" الحفيد للابن الأصغر في عائلة بوشناف، كل أفرادها حاضرون؛ كبارًا وصغارًا منهم يدق "الهون"، والأجدة تهزّ الغربال حاملة الطفل تلقنه الأمنيات، والأخرون يوزعون حلوى على الحضور.

مشهد دافء جمع الأقارب والأحباء، حُرمت منه "أ.م" زوجة الإبن الأوسط، وهو قرار أخذته الحماة، فهي اعتبرت ابنه التسعة وعشرين عام جالبة الحظ العسر والفال الشؤم، حتى أنها مُنعت من رؤية المولود ووالدته منذ خروجهما من المستشفى.

تروي "أ.م" أصل الحكاية قائلة: بعد أن تزوجت "محمد" بنحو عام، بدأت الأسرة تسأل عن سبب تأخر الإنجاب، وشرعت في البحث حتى أخبرنى الأطباء أن ليس هناك أمل في الحمل، لإصابتى بتكيسات شديدة في المبيض تعيق إنتاج البويضات.

وتكمل "أ.م" أنها قضت أكثر من عام تدخر من راتب زوجها، وباعت ذهبها حتى تتمكن من إجراء عملية حقن مجهري، لكنها فشلت وقرر الأطباء عدم المحاولة مرة أخرى حفاظًا على صحتها.

بدأت رحلة معاناتها، نبذتها الأسرة وحرمتها من كل الامتيازات، أصبحت مهمتها الوحيد خدمة باقي أفراد العائلة، باتت تعمل كخادمة، وفي حال التقصير تعاقب ضربًا وحرقت يدها، وحين تشتكي لأسرتها، طلبوا تطليقها لكنها رفضت خوفًا من عادات المجتمع الصعيدي الذي يحرم المرأة من الزواج مرة ثانية، هي الآن متيقنة أن محمد لن يتزوج عليها لعدم قدرته المادية لكن تخوفها سيزداد حين مورد أخر للمال.

 "أ.م" ليست وحدها التى تعرضت للتعنيف والتنمر لعدم قدرتها على الانجاب، فمنذ عدة أيام كانت آية السيد ضحية لأحد أبشع جرائم العنف الزوجي، حتى أودى بحياتها.

يروي شقيقها أن ذات الثمانية وعشرين عاما عاشت حياة مأساوية في مدة زوجها التي استمرت ثلاث سنوات فقط، دومًا كانت تشتكي من سؤء معاملة والدة زوحها ونعتها بألفاظ نابية لعدم الانجاب حتى أنها أصبحت ملقبة بـ "الأرض البور"، رغم أن سبب عدم الانجاب ليس لها ذنب فيه لانسداد قانتي الفالوب، وعدم صالحية إجراء جراحة لانقاذها.

بدأ الزوج يتعدي عليها بالضرب دون وجود أسباب كي يدفعها لطلب الطلاق والتنازل عن حقوقها، ويذكر عمرو: مساء الجمعة الماضية حاول الاتصال بشقيقته لكن لم تجيبه لمدة طويلة، فاتصل بزوجها ليسمع صراخها فظن أنهما متشاجرين كالعادة، ونظرًا لتواجده على مقربة من منزلهما فكر في المرور لتهدئة الوضع بينهما.

وأكمل: عند وصوله فُجع برؤية شقيقته "آية" تحملها الإسعاف إلي المستشفي، وجد جسدها متفحم بالكامل، وبالسؤال عن زوجها وجده يشاهد الموقف من البلكونة غير عابئ ليعرف من الجيران أنه القى عليه مادة كحولية وأشعل بها النار، فأصيبت بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة حتى تضررت الرئة بنسبة 70%، رفض عدد من المستشفيات استقبالها لسوء حالتها، ولم يمضى عليها سوى عدة ساعات حتى وافتها المنية.

ويفسر الدكتور محمد المهدي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، حوادث العنف التي ترتكب ضد المرأة لعدم قدرتها على انجاب بأحد أمرين، الأول انتقامي، فالزوج يشعر أن حياته حُكم عليها بالاعدام خاصة أنه قرار زواجه باخرى سيشكل عبئا ماديا.

والسبب الثاني الأكثر شيوعًا، هو الوصمة الاجتماعية للمرأة غير القادرة على الإنجاب، فتطاردها ألقاب مشينة منها " العاقر، الأرض البور"، وتمثل لأسرتها عبء إحتماعي غير منتج، فمازلنا وإن كنا في الألفية الثالثة نعامل المرأة بأنها غرض للمتعة وينتج بإنجابه لاكمال الوجاهة الاجتماعية واستمرار نسل العائلة لا سيما في الصعيد.