رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نافخو الصافرات.. كيف كشفت تسريبات الإخوان صراع الحصول على تمويلات؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تسريبات صوتية عديدة باتت تخرج من أيدي الجماعة الإرهابية أنفسهم، لتكون مشاعًا للعالم كله للاستماع إلى خططهم الدموية، لتكون رسالة تأكيد للعالم أنهم لا يستحقون رسائل الاستعطاف التي يحاولون بثها بين الآونة والأخرى.

منذ أيام قليلة، خرجت جملة من هذه التسريبات تكشف عن الصراع الداخلي بين الجماعة، والذي لم يكن ظاهرًا من قبل، لكن هنا الصراع ليس على السلطة أو تصدر الصورة الإعلامية لهم، إنما على التمويلات التي تصل إليهم، التي غرضها في الأساس مساعدة أعضاء الجماعة على الأعمال الخيرية التي يدعون ضرورتها، وأن تمويلاتهم لا تذهب سوى إليها، إلا أن الواقع اكتشفنا أنه عكس ذلك.

ويعلق الدكتور نبيل نعيم، القيادي السابق بالجماعة، قائلًا إن الجماعة مخترقة من قبل العديد من الأجهزة الأمنية، ومنها الأجهزة الأمنية المصرية التي لها من الأعين داخلها بما يكفي لفضح أكاذيبهم وكشف حقائقهم، أما عن تسريب التسجيلات التي تكشف مؤامراتهم على الشعب المصري فليس من المستبعد أن تكون قد تمت عن طريق عناصر من داخل الجماعة نفسها لصالح بعض الدول المتعاونة معها نظير دفعها للأموال قائلًا: "الإخوان تجار ليس لديهم مبادئ"، فهم يبيعون كل شئ مقابل الأموال الطائلة.

فضائحهم بدأت تتكشف على يد شبابهم الذين تداركوا مواقف القيادات ناحيتهم، فالشاب عمر حسن، أحد شباب الجماعة، كان على رأس قائمة المسربين لتلك التسجيلات الصوتية، فعرض تسجيل لأمير بسام، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، يقول: "إزاى محمود حسين والإبياري وإبراهيم منير ياخدوا الفلوس بالشكل ده".

ويتابع: "في الأول تبرعوا ولموا فلوس وفى آخر اللقاء خدنا ملايين ولم يتكلم منكم أحد ولم يتحدث أحد، وراكبين عربيات فارهة الواحدة بـ100 ألف يورو.. إزاى يسرقوا الفلوس ويشتروا بها شقق وعمارات واعترفوا اعتراف صحيح أمام الناس لأن فيه طلبة بيتذلوا علشان ياخدوا 200 ليرة كل شهر وفيه واحد زي محمود حسين واخد عربية بي إم دبليو".

ولمعرفة تلك الأسماء السالف ذكرها، تقرأ في السطور التالية تعريفًا بهم، فبسام أمير، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان منذ عام 1981 وقبض عليه مرات عدة في: 1987 – 89 – 91 – 94 – 97 – 98، وهو مؤسس مجموعة من الجمعيات الخيرية الإخوانية، وحكم عليه غيابيًا بالحبس لمدة عامين مع 12 قيادي إخواني آخر عقب فض اعتصام رابعة بعدة تهم منها: التجمهر بمدينة العاشر من رمضان، وحرق بعض المحال التجارية وتحطيم عدد من السيارات، والتحريض على العنف وسبق إحالته أكثر من 4 مرات لمحكمة الجنايات بتهمة تمويل الإخوان والتحريض على العنف بمحافظة الشرقية.

أما محمود حسين، هو عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وأمين عام الجماعة، وانتخب عضوًا بالمكتب الإداري للجماعة بأسيوط عام 1985 وظل بهذا المنصب 5 سنوات وهو نفس العام الذي عاد فيه من أمريكا بعد الحصول على درجة الدكتوراه، وتم القبض عليه 3 مرات، وحُكم عليه عام 1995 في أول محكمة عسكرية بتاريخ الإخوان في عهد مبارك، ثم اُعتقل عام 2007 وأُفرج عنه لإجراء عملية قلب مفتوح وكانت الأخيرة في يونيو 2009، لمدة 115 يومًا.

الاسم الثالث هو محمود حسين الإبياري، الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي للإخوان في لندن، ومسئول عن نقل تعليمات وتكليفات المرشد إلى بقية أعضاء قيادات الإخوان، عبر مجموعة بريدية خاصة تضم دائرة ضيقة ومحدودة من القادة، ومجموعة بريدية أخرى خاصة بعناصر الجماعة وهي مجموعة أكبر يشارك فيها عدد كبير من قادة وعناصر الجماعة وتسمى "مهجة الروح"، كما يدير موقع رسالة أحد الأذرع الإعلامية للجماعة على الإنترنت.

"الإبياري" مسئول عن ماليات الإخوان في أوروبا، ومشرف على متابعة نشاط شركات ومؤسسات الجماعة، أيضًا الإشراف على رعاية عناصر الجماعة الفارين من مصر إلى تركيا، تلك المعلومات وردت على لسان أحد عناصر الإخوان في تصريحات سابقة دون الكشف عن هويته.

وأخيرًا إبراهيم منير أحمد، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، هو المتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا والمشرف العام على موقع (رسالة الإخوان)، يعيش في لندن، وأحد مؤسسي منتدى الوحدة الإسلامية بلندن، ولد في العام 1937 بمصر، حكم عليه بالأشغال الشاقة لـ 10 سنوات في قضية إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام 1965م وعمره وقتها 28 سنة. وفي 26 يوليو 2012 أصدر الرئيس المصري السابق محمد مرسي عفوا عاما عنه نشر في الجريدة الرسمية العدد 30 لسنة 2012.

وعاد "نعيم" للتعقيب قائلاً: ليست الأجهزة الأمنية المصرية، وحدها هي الكاشف لمؤامرات الإخوان وأكاذيبهم عن طريق تسريب تسجيلاتهم بل أشار إلى أن الدول العربية كذلك تفضح خططهم موضحًا أن ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة إمارة دبي الشقيقة صرح أن الجهات الأمنية الإمارتية كشفت تسجيل اجتماع سري لقيادات الإخوان بتركيا للإطاحة بآل زايد.

التسريبات عن تلك الأسماء الثلاثة لم تكن المرة الأولى، ففي مارس 2016، كشفت تحمل اسم "ويكيلكس الإخوان"، تعمل تحت قيادة محمد كمال، عضو مجلس شورى الإخوان، الذي قُتل في مصر أثناء محاولات القبض عليه، بعد قيامه بتأسيس الخلايا الإخوانية الإرهابية المسلحة بعد عزل محمد مرسي.

"كمال" يمثل الجبهة التي ترى ضرورة محاربة النظام المصري القائم بالقوة، وعكفت على محاربة الجبهة الأخرى التي ترى أن الحلول السلمية هي الحل الأمثل في التعامل مع استبعاد الإخوان من الصورة، يرأسها ثلاثة رجال هم المرشد العام بالتكليف محمود عزت، والأمين العام محمود حسين المقيم في تركيا والأمين العام للتنظيم الدولي إبراهيم منير المقيم في لندن.

وذكرت "ويكيلكس الإخوان" الممثلة في صفحتها "صوت الإخوان" على "الفيسبوك"، إن ‏محمود حسين و محمود الأبيارى يوظفان حولهما فريقًا بمرتبات عالية، دورهم الوحيد أن يمجدهما ويلمعهما، واضعين مثالاً لذلك: كاتب إخواني يعمل لصالح محمود حسين بمرتب شهري يكفي لإعالة 20 أسرة إخوانية.

التسريبات التي وضعها الإخوان أمام الرأي العام، واستغلالهم لبعض الشخصيات لتحريك الشارع المصري، يمكن إطلاق عليه مصطلح "نافخي الصافرات"، وتعريفًا له هو الذي يعمل على كشف أسرار السلطة أو الإدارة للعامة، لأنه في الأساس يكون جزء من المنظومة بالفعل قبل أن ينقلب عليها.

توجد قوانين لحماية نافخي الصافرات في 12 دولة حول العالم منها الولايات المتحدة، وكندا، وجامايكا، والهند، وتعمل تلك القوانين على حماية كاشفي الفساد من الملاحقة أو التعرض للطرد التعسفي، وربما تضمن لهم الحصول على جائزة مادية أيضًا عبارة عن نسبة من التعويضات التي تدفعها الجهة المتورطة في الفساد، لكن تبقى تلك القوانين مقيدة بشروط قد لا تضم جميع من نفخوا الصافرات.