رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اجتماع الجامعة العربية الطارئ



مجلس جامعه الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، تمخّض فوافق على إدراج «التدخلات التركية في الدول العربية» بندًا دائمًا على جدول أعمال المجلس. و... و.... ثم كشّر عن أنيابه وقرر في اجتماعه الطارئ، الذي انعقد أمس السبت، النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة «العدوان التركي» على سوريا، بينها خفض العلاقات الدبلوماسية ووقف التعاون العسكري ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية.
بعد لفت النظر إلى بديهية وجود اختلاف بين ما يحدث في الغرف المغلقة وما يتم الإعلان عنه في بيانات رسمية أو في مؤتمرات صحفية. ومع الإشارة إلى أن القضية، أي قضية تموت بمرور الوقت، فالثابت هو أن قوة اللاعب الجيد، تكمن في ما يملكه من كروت، أو أوراق اللعب، المكشوفة أو المغطاة. وغير ملف تركيا الأسود المتخم، الذي يتيح التحرك دوليًا عبر الأمم المتحدة، هناك أيضًا الكثير والكثير من الكروت التي يمكن اللعب بها دون الحاجة إلى غطاء أممي. وبين تلك الكروت، مثلًا، سحب الودائع وتجميد الأصول وحركة الأموال التركية. والضغط على الشركات الأجنبية وتخييرها بين العمل داخل تركيا أو الدول العربية.
أضعف الإيمان، توقعنا أو تمنينا أن يتضمن البيان الختامي فرض عقوبات مثل منع سفر كبار الشخصيات والمسئولين الأتراك إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم المالية، وأرصدة الحكومة التركية ووقف التعاملات المالية معها. وتجميد تمويل إقامة مشروعات تركية على أراضي الدول العربية. ووقف تعامل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي التركي. ووقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة التركية، و...... غيرها من العقوبات التي سبق أن فرضتها جامعة الدول العربية على سوريا، أواخر نوفمبر ٢٠١١، والتي كان مهندسها ومعلنها حمد بن حاسم بن جبر آل ثاني، الذي كان يوصف بـ«رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري». ونقول كان يوصف، لأنه لم يكن أكثر من «كومبارس متكلم»، وربما امتاز عن أشباهه بأنه كان يتعامل، أحيانًا، بشكل مباشر مع دولة الاحتلال.
المهم، أو غير المهم، هو أن مجلس الجامعة جدد التأكيد على مسئولية المجتمع الدولي لاتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بوقف تلك المحاولات وفرض التزام تركيا بقواعد القانون الدولي الإنساني، و.... و....إلخ بينما كانت الأمم المتحدة، قد ذكرت، يوم الجمعة، أن نحو ١٠٠ ألف شخص فروا من منازلهم في شمالي سوريا، منذ بدء العدوان التركي. في حين قالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي يقودها الأكراد، إن عدد النازحين يزيد على ١٩٠ ألفًا. وجاء في بيان أصدرته الإدارة أنه «بسبب الاستهداف العشوائي من قبل الجيش التركي لمدن وبلدات شمال وشرق سوريا، والاستهتار بحياة المدنيين، حدثت موجات نزوح كبيرة جدا تسببت في إفراغ مدن بكاملها من سكانها».
الاجتماع الطارئ انعقد بناء على طلب مصر، وتأييد عدة دول عربية وبالتشاور مع وزير خارجية العراق، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري. ومع وزراء خارجية، مصر السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، الأردن، لبنان، تونس، وموريتانيا، شارك أمين عام الشئون الخارجية الجزائري، ومندوبا السودان وفلسطين الدائمين، وكان مؤسفًا حضور مندوب قطر الدائم، مع أن العائلة الضالة التي تحكم دويلته بالوكالة تحميها قوات تركية، وكان وزير دفاعها أحد اثنين دعموا العدوان التركي.
طبقًا لبيان أصدرته وزارة الدفاع التركية، فإن المدعو خالد بن محمد العطية وزير الدفاع القطري كان أول مسئول أجنبي يبلغه خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي بمعلومات عن سير ما توصف بـ«عملية نبع السلام»، في اتصال تليفوني، يوم الخميس. وذكر البيان أن الوزير القطري أكد على دعم بلاده لهذه العملية التي لاقت تحفظا وشجبا من معظم دول العالم. أما الداعم الثاني، فكان عمران خان، رئيس وزراء باكستان، الذي ذكر بيان أصدرته حكومته أنه أجرى اتصالًا تليفونيًا، يوم الجمعة، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإبداء «الدعم والتضامن»، وللتأكيد على أنه «يصلي من أجل نجاح جهود تركيا لتعزيز أمن واستقرار المنطقة». ولن نتوقف عند حركة حماس، التي دافع المتحدث الرسمي باسمها سامي أبو زهري، عن تركيا، وهاجم منتقديها، إذ لم نتوقع غير ذلك من حركة إخوانية، بلا شرف أو ضمير.
..وتبقى الإشارة إلى أن الحرب المستمرة في سوريا، لأكثر من ثماني سنوات، أجبرت نحو ثلاثة ملايين لاجئ على الإقامة في تركيا، اضطر غالبيتهم بسبب عدم توافر فرص العمل إلى التسول ووقعت النساء والفتيات ضحايا لعمليات الاتجار بالبشر. وهناك عشرات التقارير الدولية تؤكد أن تركيا هي المحطة الأخيرة أو دولة «الترانزيت» وتصل أحيانًا إلى مستوى «المصدر» فيما يتعلق بتجارة الدعارة والتشغيل القسري للنساء والرجال والأطفال.