رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أثرت الكتب الاجتماعية في ارتفاع معدلات الطلاق؟

جريدة الدستور

كانت تتسوق هبة أكرم، 32 عامًا، ربة منزل، في معرض الكتاب الماضي كعادتها كل عام، تميل أكثر إلى شراء الكتب الاجتماعية، التي تتحدث عن الزواج والتربية الإيجابية وما شابه، وجدت كتاب جديد يدعى «القوة الآن» يتحدث عن الطلاق.

ابتاعته السيدة بثمن 120 جنيهًا كما تذكر، تقول إنه يتحدث عن أمور خاصة بالتعامل بين المرأة وزوجها، لفت انتباهها أحد الفقرات التي ينصح فيها الكاتب الزوجات بكيفية التعامل مع الزوج العصبي.

تقول: «طبقت نظرية الكاتب في أن الزوجة لا ترضى بكل شيء يطلبه منها زوجها، وإذا صرخ في وجهها تقابله بنفس الفعل، وعليها أن تتعلم أحد ألعاب القوى حتى إذا قام بضربها ترد له نفس الفعل، وبدأت بالفعل في تطبيق تلك التعليمات مع زوجي، فتطورت أحد المشكلات إلى حد الطلاق».

جهاد، هي واحدة ضمن سيدات كثيرات انساقت خلف أحد الكتب التي تتحدث عن الطلاق في مصر سواء العربية أو الإنجليزية، وكانت نهايتها الطلاق والانفصال عن زوجها، بسبب احتوائها على نصائح ربما لم تكن مدروسة بالشكل الكافي.

اتساقًا مع ذلك، أثير جدل قوي على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بعدما تداول الرواد كتابين مختلفين في الاسم والمحتوى ومضادين لبعضها، إحداهم يحرض السيدات على الطلاق وبدء حياه جديدة، والآخر يدعو إلى الخضوع للزوج واختلفت الآراء حولهما ما بين مؤيد ومعارض.

«الدستور» فتحت ملف كتب الطلاق والزواج في مصر، وتبين أن هناك بالفعل ضحايا لهان وناقشت محتواها مع عدد من الخبراء والكتاب، لاسيما أن هناك ارتفاعات عدة كل عام في معدلات الطلاق في مصر.

بداية فإن كتاب "القوة الآن" من تأليف الكاتب الكنديٍة «إيكهارت تول»، وهو كاتب لا ديني، يتحدث في كتابه عن شكل الحياة بعد هذا القرار والتركيز على شكل الحياة فيما بعد، ويعتنق فكر المساواة بين الزوج والزوجة في كل شيء.

وفي بعض صفحات الكتاب، يرى الكاتب أن من حق الزوجة ضرب زوجته في حال أنه قام بذلك، وألا تكون هي مجرد رد فعل فقط، ولكن يجب أن تكون فعل وفعالة في حياتها الزوجية ولها كيان مستقل.

يعلق على ذلك الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتاوى الأسبق بالأزهر، بأن الإسلام لم يساوي بالطبع بين الرجل والمرأة في كل شيء فهناك فروق بينهم في بعض الأشياء والتعاملات.

يشير إلى أن تلك الفروق لا تنقص من حق المرأة، ولكنها فروق عادية اختلفت بينهم بسبب طبيعة النوع والحياة، مبينًا أن تلك الأمور لا بد أن يفتي فيها أصحاب أهل العلم في الدين والدنيا وليس مجرد كتاب.

يوضح أنه لا بد من وجود رقابة على الكتب وخاصة الاجتماعية التي تتحدث عن الزواج والطلاق، لكونها تخالف في بعض الأحيان تعاليم الدين الإسلامي، مشيرًا إلى أن تلك الأمور يفصل فيها أهل العلم.

«رنا جمال» 23 عامًا، إحدى الفتيات المتزوجات اللاتي تأثرن كثيرًا بالكتب الاجتماعية التي تناقش أمور الطلاق والزواج، منهم كتاب «قوة الهدف» الذي استعارته من إحدى صديقاتها، ويشجع السيدات على اتخاذ قرار الطلاق والتحرر من قيود التربية والحياة الزوجية.

تقول: «الكتاب بالفعل أثر في حياتي وعلاقتي الزوجية واهتمامي بأطفالي، وجعلني أشعر بأن هناك بالفعل قيود كثيرة أريد التحرر منها، فكنت أشعر بأنني أعمل في ساقية لا بد أن تدور طوال الوقت دون توقف».

توضح أن للكتاب أثر نفسي سيء، حيث يلعب على وتر حساس لدى السيدات، وهو فكرة القيود، التي كانت متحررة منها قبل أن تكون زوجة، ويشجع على ترك كل تلك القيود والتحرر منها بفكرة الطلاق.

بالبحث فكتاب «قوة الهدف» مؤلفه «واين دير» أمريكي الجنسية، ومحاضر شهير، تتخطى مبيعات كتبه الـ30 نسخة، مقدمة كتابه تعرف محتواه بأنه كتاب يساعدك كثيرًا على اتخاذ هذا القرار الذي أصبح مهم أن تتخذيه المشار إليه بقرار الطلاق.

يلّعب الكاتب على قوة الحياة عقب ذلك القرار عند السيدات تحديدًا، وأنهن لا بد أن يتحررن من قيود الزوج والأطفال والروتين اليومي الذي لا ينتهي لديهن، ويبدأن حياه جديدة بحرية تامة.

تنتقد الكاتبة «غادة كريم»، صاحبة كتاب «مكعب الثلج»، والذي يتحدث في أمور الزواج والطلاق من خلال تجارب إنسانية حقيقية، واقعة طلاق الفتاه «هبة» السالف ذكرها، عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

تقول أن لتلك الكتب تأثير اجتماعي قوي، قد يكون أصحابها مرضى نفسيون، مشيرة إلى أن هناك انتشار قوي للكتب الخاصة بالعلاقات ولكنها ضعيفة للغاية، وهدفها التربح دون كفاءة المضمون.

تشير إلى أن كتابها «مكعب ثلج» كانت حريصة فيها على أن كل تجربة إنسانية ذكرتها، ومنهم مثلًا الاكتئاب، يكون المقال تمت مراجعته علميًا وأن تكون التجربة متوازنة، ومراجعته من قبل أطباء نفسيين حتى لا يؤذي أحد.

وسبق وتعرض كتاب «بطعم الفلامنكو» للدكتور محمد طه، لانتقادات عديدة لكونه يشجع على تغير الحياة، وعلق الكاتب على صفحته بأنه في أحيانًا كثيرة لا يكون ذنب الكاتب ولكن فهم القارئ الخاطئ له.

يذكر أن معدلات الطلاق في مصر ارتفعت هذا العام، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي كشف أن الارتفاع بنسبة بـ6.7% في العام الماضي مقارنة بالعام 2017، حيث بلغ عدد شهادات الطلاق 211 ألفًا و554 شهادة العام 2018، مقابل 198 ألفًا و269 شهادة طلاق للعام الذي قبله.

حيث ارتفعت نسب الطلاق في المدن عن الريف بنسب كبيرة وصلت إلى 12.5% مقابل 0.5% وزادت النسب بين الشابات من عمر 25 إلى أقل من 30 عامًا، فيما بلغ عدد عقود الزواج 887 ألفًا و315 عقد زواج خلال العام 2018، مقابل 912 ألفًا و606 عقود زواج العام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.