رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثلاثة منازل

جريدة الدستور



منزل: وَطْأتُهُ
من قال: لا وزنَ للضوءِ؟ جَرِّبْ أن تَضَعَ وشاحَ نورٍ على كَتِفَيْكَ. للضَوْءِ وَطْأةٌ لا يَعْرِفُها إلا آحادُ القوم. لقد عَجَزَتْ أربع جَرَّافاتٍ عن رَفْعِ كلِّ مُخَلَّفاتِ المَصابيح القديمة بَعْدَما سَدَّتْ مَداخلَ الطُّرُقِ كأنها أكوامٌ من جَليدٍ قُطْبِىَّ. بينما تُحَدِّقُ فيكَ أكوامٌ أخرَى من جَماجمَ خاليةِ المَحَاجِر. فى الجانب الآخر انتحَتْ امرأةٌ فوقَ كُرْسِىَّ ولادتِها وقد أحاطتها حَتْحُورُ عن يَمينها وشَمالِها حانيةً. وكان الطُوسِىُّ يُعيدُ حِساباتِهِ لمَعْرفةِ مِيعادِ الخُسوفِ حتى لا يُعَلِّقَ هُولاكو رأسَهُ على سُور المدينة.
منزل: الكُرْسِىّ
ذَهَبِىُّ الصَّنْعَةِ. كأن صائغَهُ غادرَهُ للتوِّ بعدَ أن نَفَضَ يديهِ وانصرفَ لحالِه. ما زالت نظرةُ الأسديْنِ المُقَدَّسَيْنِ عُدْوانيةً. فليس لفانٍ أن يستوىَ على عَرْشِ تُوت. ولأن صاحبَهُ ليسَ بفانٍ فقد احتفظَ بكَسْرٍ فى جُمْجمتِهِ تأكيدًا لخُلودِهِ. وعلامةً على أنهُ كانَ فى مُقَدمةِ جَيْشِهِ. كانَ كَرَّارًا لا فَرَّارًا. ولأنه لم يكن جِلْفًا أو خِرتيتًا، وأنَّ جِلْدَهُ لم يكن جِلْدَ تمساح يَمْرَحُ فى النيل فقد شاء لرُوحِهِ أن تُزَخْرِفَ الكُرْسِىَّ بالجواهر الكريمة، وأن تجعلَ شمسَ رَعْ فى ظَهْرِهِ لتشدَّ من أزرِهِ وتَحْرِقَ أعداءَه. فكانت الصياغةُ شاهدةً على الصائغ. والبِدْعَةُ شاهدةً على المُبْدِع. تَرَكَ آيةَ الكُرْسِىَّ فى بَيْتِ الرُّوح حتى عَوْدَةِ الابن الضال إلى رُوحِهِ الضالة.
منزلُ: الجُعْران
رُحْتُ أُسَوِّى بَيْتًا. بينما استغرقَ هُوَ فى تكوير كُرَةٍ من الطينِ. قلتُ: أنشئُ عائلةً. وأكتبُ شِعْرًا. وأحدثُ ضوضاءً فى مَجْرَى النهر. بينما كان هو يَضَعُ بيوضَهُ فى عين الكُرَةِ الطينية. كنتُ أسحبُ من رصيدى فى الـBTM وكان هو يدحرج كُرَتَهُ برجليهِ الخلفيتين على الرمال حتى مَخْبَأهِ ليلاً. ويُخْرِجُها مَعَ البكور. كنتُ أذوبُ مثل قطعة ثلجٍ فى يومٍ صائفٍ. بينما رع يكون فى البكور شَمسًا. وفى المساء جُعْرانًا.