رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فوضى صحية.. الباعة الجائلين يسبقون الطلاب أمام المدارس

جريدة الدستور

مشهد مأسوي، يتكرر سنويًا أمام المدارس وتحديدًا الحكومية، وهو انتشار الباعة الجائلين الذين يبيعون طعام فاسد وضار بصحة الطلاب، دون وجود رقابة عليهم من قبل الجهات المعنية، وبالرغم من التحذيرات المتتالية بشأن هذه الظاهرة، إلا أنهم مازالوا متواجدين بل يسبقون الطلاب أمام المدارس منذ اليوم الدراسي الأول.

عربات الباعة المتجولين تحتوي على أنواع مختلفة من الطعام غير المعروف مصدره، والتي تُباع بأسعار منخفضة لتناسب إمكانيات المواطنين محدودي الدخل، بالإضافة إلى استغلال رغبة الطلاب الصغار في البحث عن الطعام قبل الدخول إلى المدرسة أو بعد الانتهاء منها، حتى يُصاب الأطفال بأمراض مزمنة بسبب تناول تلك الأطعمة الفاسدة.

أجرى "محرر الدستور" جولة على بعض المدارس الحكومية في محافظة الجيزة، لرصد مشهد الباعة الجائلين أمام المدارس، ونوع الأطعمة المُباعة، كما تحدثنا مع أولياء الأمور الذين تعرضوا أبنائهم إلى وعكات صحية بعد تناول تلك الأطعمة.

هنا مدرسة كفر طهرمس الإعدادية بمنطقة فيصل، تقف أمامها عربات خشبية تحمل أصناف مجهولة من الطعام والحلوى التي يقبل عليها الأطفال قبل بداية يومهم الدراسي، فهي منتجات رخيصة الثمن ومجهولة الهوية، وغالبًا ما تسبب أمراض مزمنة لمن يتناولها من الأطفال.

سامية متولي، والدة أحد طلاب المدرسة، تحكي لـ"الدستور" عن الوعكة الصحية التي تعرض لها طفلها "مؤمن" بعد تناوله لكوب من الآيس كريم على العربة القاطنة أمام المدرسة، موضحة أنه كان يشعر بالغثيان والقئ المستمر حين عودته إلى المنزل، وبعد الكشف عليه اكتشفت إصابته بالتسمم نتيجة تناول أطعمة فاسدة.

وفي جولة أخرى على مدرسة الزهور الإبتدائية في منطقة الطوابق فيصل، وجدنا عربات كهربائية مخصصة لطهي الطعام السريع مثل البطاطس وغيرها من الساندوتشات، وكان عليها إقبال كبير من طلاب المدرسة، وغيرهم من المواطنين، فهي تُباع أيضًا بأسعر رخيصة مقارنة بالمحال والمطاعم الأخرى.

يقول عمر، أحد طلاب المرحلة الابتدائية في المدرسة، إنه معتاد على شراء الطعام من هذه العربة قبل دخوله المدرسة بشكل يومي، كما أنها تكون وجهتهم الأولى بعد الانتهاء من اليوم الدراسي، فلا يوجد أحد بيبع الطعام الذين يحبونه مثل هذه العربة، وبأسعار تناسب ما يمتكلون من أموال، وبالرغم من شعوره بأعراض جانبية بعد تناول تلك الأطعمة مثل الإمساك والغثيان، إلا أنه لا يستطيع التوقف عن الشراء منها هو وزملاؤه.

يوضح الدكتور محمد جمعة، استشاري طب الأطفال، أن أطعمة الباعة الجائلين أمام المدارس تتسبب في تعرض الأطفال لأمراض مزمنة مثل البكتيريا والملوثات التي تدخل إلى الأمعاء، وقد يتم إنهاك المعدة تمامًا بعد زيادة نمو الديدان والبكتيريا بداخلها، بالإضافة إلى الإصابة بالتسمم، والشعور بالقئ والغثيان، فهي أطعمة مجهولة مصدر لا تتوافق مع الشروط الصحية.

يستكمل: "يجب الاهتمام بنوع الأطعمة المقدمة للأطفال والطلاب الصغار خصيصًا، والتأكد من أنها لا تحتوي على أي مواد ضارة قد تصيب الطفل، فالأمراض المزمنة تنشأ مع الأطفال منذ فترة صغرهم بسبب تناول الأطعمة الملوثة في الشارع، كما أن هناك أيضًأ أمراض أخرة خطيرة لا يتم اكتشافها إلا بعد فترة".

ومن جهتها، تسعى النائبة هالة أبو السعد، عضو مجلس النواب، لتقديم مشروع قانون يواجه ظاهرة الباعة الجائلين أمام المدارس بداية من دور الانعقاد الخامس لمناقشته خلال الربع الأول من الدورة البرلمانية، موضحة أن الظاهرة انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية دون رقابة كافية، وبدأت تجذب جنسيات مثل الصنيين والسودانيين في الأسواق ما قد يسبب مشاكل أمنية.

تضيف: "القانون سوف يتضمن إجراءات تنظيم عمل الباعة الجائلين في أماكنهم المتاحة، بما يضمن حقوقهم، وفرض الرقابة عليهم، فهذه الظاهرة تمثل خطرًا كبيرًا على صحة الأطفال، بسبب ما يتعرضون له من أمراض خطيرة نتيجة تناول الأطعمة الفاسدة مثل مشتقات البطاطس والعصائر مجهولة المصدر".