رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«دخان أسود».. خطر السحابة السوداء يُصيب المواطنين بأمراض الصدر

جريدة الدستور

مع دخول موسم حصاد الأرز بمصر خلال شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام تنتشر حرائق قش الأرز، خصوصًا بحقول دلتا مصر المتسعة حجمها، والتي تضم عددًا من محافظات هي الأولى في مصر من حيث الإنتاج.

تلك الحرائق والتي تُسمى بالسحابة السوداء هي الأخطر على الإنسان، حيث يقوم الفلاحون بحرق قش الأرز الناتج عن عملية جمع المحصول في حقولهم، وعلى الرغم من تحذيرات البيئة وفرض عقوبات، إلا أنهم مستمرون في عمليات الحرق، التي تسبب حالات اختناق وأمراض تنفسية خطيرة.

"الدستور" اقتربت أكثر من الظاهرة عبر وقائع خاصة لضحايا حرق قش الأرز، أصيبوا بأمراض تنفسية، في محافظات مختلفة، إلى جانب أطباء وخبراء لمعرفة كيف يمكن معالجة الظاهرة.

محمد البيلي، مواطن من محافظة كفر الشيخ، أُصيب بحالة اختناق شديد في أواخر عام 2017 تزامنًا مع شهر سبتمبر لهذا العام، والذي يبدأ فيه الفلاحون بحصد حقولهم، وما زال يعاني من أزمات صدرية، ترغمه بتناول كميّات من الأدوية يوميًا لعدم حدوث أيَّ أزماتٍ أخرى.

يقول الشاب صاحب الـ30عامًا، إنَّ الأمر بدأ بكحة صدرية حين مرَّ على قريةٍ قريبةٍ من مسقط رأسه، كان أهلها يقومون بحرق قشّ الأرز، على نطاق متسع من المساحات الزراعية، مؤكدًا أنَّ الأدخنة كانت تتصاعد بطريقة مكثفة حتى أصبحت السماء ملوّنة باللون الأسود من شدة الحرائق التي تخطت ما يقرب من 6 فدادين من القشّ.

يحظر قانون البيئة سنة 1994 حرق قش الأرز، ويجرم تلك الممارسات الضارة، والزامه الفلاحين بعدم حرق هذه المخلفات.

في سبتمبر من كل عام يكسو شوارع قرية طهواي التابعة لمركز السمبلاوين بالمنصورة، مشهد واحد وهو السحب السوداء الناتجة عن حرق قش الأرز، العادة التي يتبعها سكان القرية في ذات التوقيت من كل عام.

يجمع السكان مخلفات المحصول، ومن يرغب في الاستفادة من القش يقوم بكبسه في ماكينة الأعلاف ويستخدمه كغذاء للمواشي، أما الغير راغب من الاستفادة منها، فيكون الحرق هو السبيل الوحيد أمامه.

أميرة حداد، أحد مواطني المحافظة، تقول إنها كانت تعاني من نزلات حساسية تصيب الصدر والرئة، وعلى أثرها كانت تُنقل للمشفى للخضوع لجلسات علاجية واستنشاقية، بدأت معاناتها منذ سن الثانية عشرة، لكن أسرتها لم تكن تربط بين تعرضها للأدخنة والإصابة بتلك النوبات.

تكمل أنها ربطت بين حرق القش والإصابة الموسمية، التي تتعرض لها بعد أن انتقلت إلى الدراسة في القاهرة والاستقرار فيها حيث تدرس "أميرة" بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، وبعد التخرج وعودتها للاستقرار في قريتها عاودتها نفس الإصابة والأعراض، لكن هذه المرة صاحبها نزيف من الأنف نتيجة تهيج أغشية الرئة.

توضح "الحداد" أنها اشتكت لوالدها حتى يمنع الجيران من القيام بنفس الفعل لتردي حالتها، لا سيما أن منزلها يقع على أطراف القرية ويحيطه مساحات كبيرة من الحقول التي يعتاد أصحابها التخلص من القش بتلك الطريقة، استجاب والدها وترجى سكان القرية لكنهم امتنعوا عن تنفيذ رغبته، حتى هددهم هذا العام أنه سيلجأ للشرطة لمنعهم بالقوة، وبالفعل قد قدم شكوى للجهاز المحلي بمدينة السمبلاوين لحظر هذا النشاط .

حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، طالب وزارة البيئة بحصر تلك المساحات المزروعة في مصر، وتوفير كل المستلزمات اللازمة من المكابس للمزارعين، وذلك للحد من حريق قش الأرز، مشيرًا إلى متابعة أكثر من جانب الرقابة البيئية، مع وجود تشديد كبير ومتابعة للمحاصيل، من أجل اختفاء «السحابة السوداء».

وأشار حسين صدام، في تصريحاته، إنه من المتوقع أن تشهد معدلات ظهور السحابة السوداء، ارتفاعًا خلال هذا العام، وذلك نتيجة لتضاعف المساحات المزروعة بالأرز عن العام، مشيرًا إلى أن هذا العام تم السماح بزراعة مليون و76 ألف فدان.

في حين قالت وزارة البيئة، إنها تمكنت المحاور المنتشرة بمحافظات المنظومة الشرقية، الغربية، البحيرة، الدقهلية، كفر الشيخ، القليوبية من السيطرة على الحرائق التي قام بها بعض الفلاحين المخالفين لتعليمات الوزارة، بإشعالها للتخلص من قش الأرز، حيث تم تحرير عدد من محاضر حرق مخلفات زراعية قش.

في سبتمبر لعام 2017 أعلن فرع جهاز شئون البيئة بوسط الدلتا طنطا، عن ارتفاع عدد مخالفات حرق الأرز بمحافظتي الغربية وكفر الشيخ، وقال المهندس أيمن شتا، رئيس الفرع، إن لجان المرور الميداني المرتبطة بأجهزة التتبع، والمدعومة بصور الأقمار الصناعية حررت محاضر عديدة بالمحافظتين.

وأصدرت وزيرة البيئة، اليوم، خلال توجيهاتها بضرورة تكثيف الجهود لمواجهة نوبات تلوث الهواء، ومن هذا المنطلق تسعى الوزارة بجهازيها والأفرع الاقليمية ببذل قصارى جهدها وبالتنسيق مع وزارتي الزراعة والتنمية المحلية لعمل إجراءات موسعة للحد من انتشار السحابة السوداء.