رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاد رينيه حبشي صاحب فكرة الشخصانية

رينيه حبشي
رينيه حبشي

فيلسوف مصري لبناني واستاذ جامعي وقد نال دكتوراة في الفلسفة في جامعة نانتير بفكرة تحت عنوان "الفلسفة الشخصانية لدى إمانويل مونييه"، وذلك بإشراف وإدارة الفيلسوف الفرنسي "جاك شوفالييه"، إنه رينيه حبشي، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده.

يعتبر رينيه حبشي فيلسوفا شخصانيا ركز تفكيره على أهمية الشخص البشري، وفلسفته تتمحور حول ثلاثة مواضيع رئيسية، ألا وهما "الشَّخص البشريّ، الحرِّيَّة، وقضية الحقيقة" فمن وجهة نظر رينيه أن الإنسان هو المحور الأساسي والمنطلق لأي حوار يقوم به، انطلاقًا من الحرية وبلوغًا إلى الحقيقة.

فالحرية لا تفهم إلا من خلال المعرفة التامة والعميقة لجوهر الإنسان، من حيث هو شخص قائم في ذاته.
وأن تكون حرًّا يعني أولًا أن تكون لذاتك وبذاتك. حريتك في أن تعرف حقيقة حدودك، أما شروط الحرية فثلاثة: 1-العقل الواعي المدرك. 2- الغريزة الموجهة توجيها مدركًا ومنطقيًا. 3- أوقات التسلية البناءة.
والحرية التي تخرج من نطاق هذه الأمور الأساسية تحكم على ذاتها بالضياع والفوضى

فمن مبدأ الحرية وممارستها نستطيع أن نقيم حوارًا بناءً مع الآخرين، وإن كل عمل حر متعلق تعلقًا جوهريًا بشخصه الذاتي، وباستعداده المستمر إلى تقبل الحظ والمعنى الصحيحين لحريته. وبالنتيجة، إن حرية الشخص هي حرية الشخص الموجود في وضع معين في (الآن - الحاضر) أي اللحظة الحالية وهي حرية الشخص المقيم في ذاته، أي المعطي ذاته معنى "وجوديًا".

فمن بداية خلق الإنسان وإلى الآن كانت حريته المحور الأساسي لمعاناته ولوجوده، بل هي مأساة كل وجود، لأن الحرية اختيار، وأول مظهر من مظاهر شخصية الإنسان يقوم في أن يختار بنفسه ولنفسه، جاهدًا أن يكون مميزًا، هنا تكمن مأساة الوجود الإنسانيّ، لأن الإنسان ينفرد بوعيه لجروحه ولقضيته، فيظهر بذلك نقاط الضعف لديه، كما يٌظهر نقاط القوة أيضًا، فانطلاقًا من الاختيار يشعر الإنسان بأنه كائن حرّ، لأن الله عز وجل احترم حرية الإنسان. وآخر نداء توجهه الحرية إلى الإنسان هو وقت الفراق أو موته حين يعطي الإنسان خالِقه حريته المنعتقة من ذاته كلها. وهنا يكمن اللقاء الحرّ، لقاء "حرية الإنسان مع حرية الله".

فالحقيقة متعلقة تعلقًا وثيقًا بكياننا، وبقدر مايكون الإنسان مستعدًا لأن يفتح الحوار البناء مع الآخرين، يثبت شخصيته وحقيقة وجوده. وينتقد رينيه بشدة علماء الكيمياء والحساب، وكل الذين يعتبرون أن الحقيقة مبنية على أساس حسابي، فهذه الحقيقة بالنسبة إليه مجرد اصطلاح، وليست حقيقة خالصة، كما أنها لاتتطلب ولا تفترض من الشخص الذي اكتشفها التضحية بالذات ولا أحد كما يقول رينيه مات من أجل قاعدة حسابية كما أنها لاتزكي بشكل واقعي حياتنا أو وجودنا، فلذلك هي حقيقة آنية- نسبية.

أما الحقيقة عند رينيه فهي الحقيقة المنتِجة، التي تدفع بالإنسان إلى البحث والتفتيش، لاكتشاف أسس وجودة الخلاّقة، فالحقيقة في حاجة دائمة إلى مساعدتنا وتعاوننا، وإلا لا يمكنها أن تُظهر ذاتها كأنها حقيقة، لأنها في الواقع لا وجود لها في ذاتها، لذلك فإنها انفتاح على الآخر وعلى كل ماهو شخصي، كما أنها انفتاح جوهري على اللامتناهي لذلك، تصبح الحقيقة حقيقة مُبدعة وصاحبة دعوة دائمة، إذ إنها تستطيع بفضل هذه المعطيات، التي تتساءل عن سبب وجودنا وحضورنا في هذا الكون، أن تدفعنا إلى تغيير أوضاعنا الاجتماعية والمدنية والدينية والروحية، لأن الحقل الخصب لعمل الحقيقة المُبدع، هو الوقت الحاضر الذي يصبو دائمًا إلى المستقبل، ويعمل في هذا الاتجاه.

من أهم مؤلفاته: ثلاثة مفكرين أمام مشكلة الوجود، تجلي الخوف، معني الشفقة، علي مستوي الإنسان.