رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللعب القطرى فى الصومال


.. وهذا دليل جديد على أن الإرهابيين يعملون لحساب العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، يضاف إلى مئات الأدلة التى أكدت دعم تلك العائلة ومَن يستعملونها، للتنظيمات الإرهابية، بدءًا من الإخوان، القاعدة، «داعش» و... و... وليس انتهاءً بـ«حركة الشباب المجاهدين» الصومالية، التى ارتكبت مئات الجرائم الإرهابية، أحدثها قيام أحد عناصرها، أمس، بتفجير نفسه فى مكتب عمدة مقديشيو خلال اجتماع أمنى.
الدليل الجديد، انفردت به جريدة «نيويورك تايمز» التى نشرت، الإثنين الماضى، تفاصيل مكالمة مسربة بين رجل الأعمال القطرى، خليفة كايد المهندى، وحسن بن حمزة بن هاشم، السفير القطرى فى مقديشيو، تبادلا فيها التهانى بوقوع تفجيرات ١١ مارس الماضى، التى استهدفت مدينة بوصاصو الساحلية، ووصف الأول منفذيها بأنهم أصدقاؤهم، وأكد أنهم فعلوا ذلك «لتعزيز مصالح قطر». وأضاف مخاطبًا السفير: «اسمح لهم بطرد المستثمرين، حتى لا يجددون العقود معهم وسأحضر العقد هنا إلى الدوحة»، فى إشارة إلى عقود إدارة الموانئ أو استغلال الموارد الطبيعية.
الجريدة الأمريكية ذكرت أنها تواصلت تليفونيًا مع «المهندى» فلم ينف صحة التسجيل، لكنه زعم أنه كان يتحدث كمواطن، وليس كمسئول حكومى. وقال إنه والسفير القطرى صديقان وكانا «زملاء فى المدرسة». فى حين نفى السفير، فى اتصال تليفونى آخر مع الجريدة، معرفته بالمهندى وأنهى المكالمة سريعًا، مع أنه كان الطرف الثانى فى المكالمة، ومع أن ردوده جاءت متوافقة تمامًا مع الطرف الآخر، ولم يبد أى استياء أو اعتراض على وصف الإرهابيين بأنهم أصدقاء لقطر أو كونهم قاموا بالتفجيرات لصالحها.
مكتب الاتصال الحكومى القطرى تنصل، فى بيان، من المهندى بزعم أنه «لا يمثل قطر وليس له الحق فى إصدار تعليق نيابة عن الحكومة». والطريف، أن البيان تجاهل السفير. ربما لأنه، كغيره من سفراء الدوحة، مجرد أداة من أدوات اللعب. ومنذ ثلاثة أسابيع، مثلًا، استضاف السفير القطرى فى أديس أبابا اجتماعًا بين مطلق القحطانى، المسئول عن الملف السودانى فى المخابرات القطرية، واثنين من قادة الحركات المسلحة السودانية. واستنادًا إلى ذلك، أصدرت السلطات الإثيوبية قرارًا بمنع الاثنين من دخول البلاد. كما سبق أن أمرت بترحيل رئيس «حركة العدل والمساواة» السودانية، بعد اجتماعه بالسفير القطرى فى منزله، ثم تراجعت عن القرار!
هذا عن سفير الدوحة، أو سفرائها إجمالًا. أما المهندى، الذى حاول البيان القطرى التنصل منه، فقد كان مرافقًا لتميم بن حمد خلال زيارته إندونيسيا، فى ٧ يونيو الماضى. ورافقه أيضًا خلال زيارته إلى رواندا، فى أبريل الماضى، والتى كان بين مستقبليهم فور هبوطهم من الطائرة الإرهابى وسمسار الرهائن «المصطفى ولد الإمام الشافعى»، موريتانى الأصل متعدد الجنسيات، الذى تربطه علاقات وثيقة بكثير من قيادات الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التى تنشط فى شمال مالى ومنطقة الساحل الإفريقى. وله أيضًا، علاقات مع تل أبيب، التى تستعمله مع الدوحة فى اختراق عدة دول إفريقية.
من هذين المثالين، وهناك طبعًا غيرهما، يمكنك أن تتوقع قوة العلاقة بين أمير قطر والمهندى، التى قد يكون تفسيرها المنطقى عمل الأخير لحساب المخابرات القطرية، كما سبق أن أكد العقيد أحمد المسمارى، المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى، منذ سنتين. ولو عدت إلى تصريحاته، التى نقلتها جريدة «لوكنار انشينيه»، ستجد المسمارى يصف «خليفة كايد المهندى»، بأنه ضابط فى المخابرات القطرية، يتردد على تونس تحت غطاء إقامة مشروعات سياحية. ويتهمه بوضوح بأنه قام بتحويل ٨ مليارات دولار من حساباته فى بنوك تونس إلى الإرهابيين فى ليبيا. ومعروف أن تركيا وقطر تدعمان جماعات وتنظيمات إرهابية عديدة فى ليبيا.
المعلومات التى كشفت عنها «نيويورك تايمز» ليست جديدة، كما أشرنا، وكما ذكر أيضًا حزب «ودجر» الصومالى المعارض، فى بيان أصدره الثلاثاء الماضى، أكد فيه أن كثيرًا من الصوماليين يعرفون أن قطر لها علاقات وثيقة بالجماعات الإرهابية كـ«داعش» و«حركة الشباب». وعليه، دعا الحزب الحكومة الصومالية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المقربين منها، الذين يتولون مناصب حساسة فى الدولة. كما طالب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى ومنظمة الإيجاد والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، بإجراء تحقيق حول صلة قطر بالتنظيمات الإرهابية.
المطالب، كما ترى، عادلة أو منطقية أو بديهية، غير أنك تكون طيبًا، كهذا الحزب الطيب، لو انتظرت تحققها، بعد أن تجاهلت كل المنظمات والمؤسسات، الإقليمية والدولية، مئات الأدلة والإثباتات التى تؤكد أن الدوحة تكاد تكون هى «ماسورة المجارى الأم» التى تتحكم فى حركة ما تحمله المواسير الفرعية من مخلفات وصراصير وجرذان وإرهابيين.