رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاولات اغتيال وزراء الداخلية فى مصر


مثلت واقعة اغتيال اللواء رءوف خيرت -رئيس قطاع مكافحة التطرف الدينى فى جهاز أمن الدولة- علامة بارزة فى عنف تلك الجماعات، بما عكسته من دلالات بشن قدرة جماعات التطرف على اختراق جهاز أمن الدولة واغتيال رموزه.

بدأت فى مصر مع نهاية الثمانينيات موجة من الاعتداءات استهدفت وزراء الداخلية الحاليين منهم والسابقين. كما شملت الاعتداءات رجال الشرطة من الضباط والجنود والمخبرين السريين والخفراء النظاميين، وكانت عملية اغتيالات رجال الشرطة لها هدفان هما:

الأول: ترويع وتخويف رجال الأمن، وبث الرعب فى قلوبهم لشل حركتهم.

الثانى: الحصول على الأسلحة والذخائر.

والحق أن عمليات الاغتيال لم تستهدف رجال الشرطة فقط، ولكنها استهدفت أيضا المواطنين المتعاونين مع أجهزة الأمن من المرشدين، أو المشتبه فى تعاونهم مع الشرطة، وقد وقعت معظم تلك العمليات فى محافظات الصعيد، حيث الظروف المواتية للاغتيالات والقدرة على الفرار والاختباء فى زراعات القصب الكثيفة أو الجبال المحيطة بوادى النيل، كما مثلت واقعة اغتيال اللواء رءوف خيرت -رئيس قطاع مكافحة التطرف الدينى فى جهاز أمن الدولة- علامة بارزة فى عنف تلك الجماعات، بما عكسته من دلالات بشن قدرة جماعات التطرف على اختراق جهاز أمن الدولة واغتيال رموزه.

وسوف نتعرض بالتفصيل لمحاولات اغتيال وزراء داخلية مصر حسب الترتيب الزمنى:

فى يوم الثلاثاء 6 مايو 1987وفى تمام العاشرة مساء وبينما كان اللواء حسن أبوباشا -وزير الداخلية الأسبق- عائدا إلى منزله من منزل ابنته، وبعد نزوله من السيارة التى كان يقودها بنفسه أطلق مجهولون النار عليه، وعلى الفور ألقى الوزير بنفسه بين سيارتين واقفتين، أصيب الوزير فى ساقيه وفخذه، كما أصيب بواب العمارة فرج الله على، والطفل شيرين خورى، وفر الجناة فى سيارة كانت تنتظرهم.

وفى 31 يوليو 1987 أطلق مجهولون الرصاص على اللواء نبوى إسماعيل -نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأسبق- أثناء وجوده فى شرفة منزله من الجانب الآخر للشارع الذى يسكن فيه، انتقلت أجهزة الأمن إلى منزل النبوى ووجدت أن المقذوفات النارية التى عثر عليها تتطابق مع المقذوفات التى استخدمت فى محاولة اغتيال اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق والصحفى الكبير مكرم محمد أحمد.

وفى يوم 26 نوفمبر 1989 تعرض اللواء زكى بدر- وزير الداخلية- لمحاولة اغتيال أثناء مرور موكبه بشارع صلاح سالم، وذلك عن طريق التفجير بالريموت كنترول بالقرب من موكبه، لم تصب سيارة الوزير ولا أى سيارة مرافقة، وتبين أن الفاعلين حفروا حفرة بالطريق، وارتدوا ملابس عمال البلدية، وظلوا يرقبون مرور موكب الوزير أثناء ذهابه إلى اتحاد الشرطة الرياضى.

أما الحادث الأكثر بشاعة فقد كانت محاولة اغتيال اللواء عبد الحليم موسى، ولكن المحاولة أصابت الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب وحراسه.

ففى 12 أكتوبر 1990 فى تمام الساعة العاشرة توجه 4 أشخاص يستقلون دراجتين بخاريتين بسلاحهم الآلى إلى شارع الكورنيش أمام فندق سميراميس بالقاهرة انتظارا لمرور موكب اللواء محمد عبد الحليم موسى وزير الداخلية.

فى الوقت الذى كان فيه موكب الدكتور رفعت المحجوب -رئيس مجلس الشعب- فى طريقه إلى المجلس، كان موكب رئيس مجلس الشعب مكوناً من سيارتين الأولى رقم 7212 ملاكى القاهرة مرسيدس ويستقلها الدكتور المحجوب وبجواره المقدم عمرو الشربينى- حارسه الخاص- ويجلسان متجاورين فى المقعد الخلفى، والثانية 167532بيجو 505 ويستقلها أمينى الشرطة عبد العال على رمضان وكمال عبد المطلب، وسائق السيارة.

ترجل راكبو الموتوسيكلات، وأطلقوا النار على السيارتين، وقتلوا من بداخلهما . وبعد أن فرغوا من السيارتين اتجهوا إلى حراس فندق سميراميس وأطلقوا عليهم النار، كان الحراس قد تبادلوا إطلاق الرصاص مع راكبى الدراجات النارية.

بعد أن فرغوا من عمليتهم ركبوا موتوسيكلا تهم وفروا هاربين متجهين ناحية فندق هيلتون رمسيس بشارع أمريكا اللاتينية وهم يطلقون الرصاص فى كل اتجاه، تصادف فى تلك اللحظة وجود العميد عادل سليم -وكيل مباحث العاصمة- والملازم أول حاتم حمدى لمعاينة جثة غريق أمام فندق هيلتون رمسيس على النيل، حول الضابطان التصدى لأحد المسلحين وإمساكه، ولكنه عاجلهما بدفعة نيران أصابت العميد محمد سليم إصابات خطيرة، وتمكن من الفرار جريا على الأقدام داخل الفندق وتسلل منه إلى السوق التجارى ثم شارع الجلاء.

وفى 25 أكتوبر 1990 ألقت مباحث أمن الدولة القبض على المدعو ممدوح على يوسف أحد المتهمين وأقر أنه اشترك فى عملية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، وأقر أنه على موعد للقاء ثلاثة من أعوانه المشاركين فى العملية أمام مبنى كلية الهندسة جامعة القاهرة، وفى الموعد المحدد توجهت قوة من مباحث أمن الدولة إليهم، وعند القبض عليهم تبين وجود شخص رابع معهم تم التعامل معه بالرصاص، وقتل اثنان هما محمد عبد الفتاح ومحمد صلاح، وألقى القبض على عادل مسلم وأصيب محمد النجار فى رقبته، كما أصيب بعض رجال أمن الدولة.

وفى أول يناير 1991 أكدت التحريات أن المدعو محمد سيد محمد عبد الجواد على ارتباط بالعناصر التى شاركت فى حادث المحجوب، وأنه يقيم فى بنسيون بالفجالة، وداهمته قوة من أمن الدولة، وبتفتيش الحجرة التى يقيم فيها عثر على حقيبة أسفل السرير بداخلها بندقية آلية بدبشك حديدى ينطوى، وخزينتى طبنجة، وإبرتى ضرب نار من النوع المستخدم فى البنادق الآلية.

وفى يوم 29 يوليو 1993 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها ببراءة جميع المتهمين فى قضية محاولة اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، وتلا رئيس المحكمة بيانا فى الجلسة نوه فيه إلى عجز الشرطة عن الوصول إلى الجناة الحقيقيين.

■ خبير أمنى