رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أنفاس مسمومة".. الحكومة تواجه ظاهرة التدخين بين المراهقين

جريدة الدستور

"لقيت صحابي بيشربوا قولت أجرب".. كلمات بدأها أحمد علي، 18 عامًا، حين سألناها عن سبب تلك السيجارة التي يمسكها في يده، فالأمر بدأ معه منذ سنتين حين دخل حديثًا إلى مدرسته الثانوية، حيث تعرف على مجموعة جديدة من الأصدقاء، في البداية ظل يرفض عرضهم بتجربة التدخين معهم، لكنهم سرعان ما أطلقوا عليه عبارات السخرية، معتبرين أنه لا يزال طفلًا يهاب تجارب الرجال.

ويتابع "علي" حديثه لـ"الدستور" بعدما أصابته نوبة من السعال إثر التدخين، فيقول إنه عاجز عن الإقلاع عنها، وفي نفس الوقت أخفي الأمر عن ذويه لأنه يعرف مسبقًا العقاب الذي سيلاحقه حال نما إلى علمهم هذا الأمر.

"أحمد" واحد من بين 50% من الذكور المصريين فوق سن 15 سنة الذين يدخنون السجائر، بناء على مسح أجرته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة المصرية في ديسمبر 2018، وهي نسبة كبيرة دفعت النائبة آمال رزق الله، عضو مجلس النواب، بالتوجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم، بشأن تدريس خطورة التدخين والتعاطي لطلبة المدارس لتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم وحمايتهم من الأضرار الناتجة عن ذلك.

"التدخين بطلع فيه همي من اللي بيحصل في البيت"، مطلع تلك الجملة كانت بداية حديثنا مع حالة أخرى من المدخنين من فئة المراهقين، وهو خالد نبيل، الذي لم يتخطِ 15 عامًا من عمره، والذي وجد أن السيجارة التي يدخنها يخرج مع كل نفس منها زفرات الهمّ الذي ألم بيه جراء الخلافات المستمرة بين ذويه، وحالة التوتر الشديد السائدة في بيته.

"خالد" بدأ التدخين قبل عام، وبدأ معه الأمر حين خرج من بيته في إحدى ليالي يونيو الماضي، وذلك بعدما طرده والده إثر رسوبه في إحدى المواد الدراسية، واضطراره إلى إعادة امتحان المادة في "الدور التاني"، وأثناء انفعاله وخروجه في الشارع دون أن يعلم وجهته، تظلل تحت إحدى الشجيرات فوجد أسفلها سيجارة لم يكد يختفي منها لهيب النيران، فوضعها على فمه وبدأت رحلته مع التدخين، حين شعر براحة نسبية بعد تدخينها، واتجه بعد ذلك لتقسيم المصروف الذي يحصل عليه ليضع بندًا للسجائر.

الأرقام الرسمية تقول إن حوالي 11% من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا يستهلكون منتجات التبغ مثل السجائر، بحسب مسح أجرته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة المصرية في ديسمبر 2018، متوقعًا أن النسبة تصل إلى 63% بحلول عام 2020، وهو ما يتجاوز التقديرات في الدول العربية الأخرى، بما في ذلك لبنان والسعودية والمغرب.

ويُرجع الدكتور طه أبو حسين، الخبير النفسي، تدخين الشباب في سن صغير أو خلال فترة المراهقة إلى الرغبة في الشعور بالرجولة مبكرًا، مشيرًا إلى أن الأمر يعطيهم إحساس بالاستقلالية عن الأسرة والمجتمع.

أوضح الخبير النفسي أن كثرة وجود مشاهد تدخين المراهقين في السينما والدراما، دفعت لانتشار الأمر كأنه أمرًا عاديًا وأصبح لا يتعجب أحد من رؤية مراهق يدخن، مبينًا أن الأمر يتخطى في كثير من الأحيان فكرة التدخين.

ويرى أن العلاج يكمن في النشأة من البداية على يد الأهل، فلا يجب ترك الشباب في تلك المرحلة بلا مراقبة شديدة، موضحًا أن الأمر في ذلك السن يكون أسهل في علاجه من أي سن آخر.

بحسب مسح منظمة الصحة العالمية، فهناك 21.4% من طلبة المدارس الثانوية من الفتيان يدخنون، فيما تدخن حوالى 6.9% من الفتيات في المدارس الثانوية.

وفي أحدث إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، سجلت الفئة العمرية من 30-44 عامًا أعلى الفئات العمرية استهلاكًا للسجائر العادية في اليوم بمعدل 16.6 سيجارة، ثم الفئة العمرية من 15-29 عام بمعدل 16.2 سيجارة، فيما سجلت الفئة العمرية من 60-69 الأقل استهلاكًا للسجائر العادية بمتوسط 13.7 سيجارة في اليوم.