رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدمية القبيحة.. لماذا تدافع نائبة «الكونجرس» إلهان عمر عن الإرهابيين؟

جريدة الدستور

إخوان مصر والخليج يقودون حملة ضخمة للدفاع عن إلهان عمر باعتبارها تمثل الإسلام

شاركت فى الهجوم على مصر دفاعًا عن القيادية الإخوانية هدى عبدالمنعم بزعم اختفائها قسريًا

شنت هجومًا واسعًا على التحالف العربى لتحرير اليمن من أيدى الحوثيين الذين تدعمهم إيران

عشنا عقودًا طويلة ونحن نطالب بالوقوف فى وجه «الخارجين على القانون»، باعتبارهم خطرًا على الأوطان، لكن الأيام والتجارب أثبتت أن هناك من هم أخطر منهم وهم «الخارجون على الأوطان»، الذين لا يترددون فى خيانة بلادهم من أجل خدمة أيديولوجياتهم، سواء أكانت دينية أو فكرية أو سياسية، أو مقابل الفوز بمزيد من الأموال. ‎الخارجون على الأوطان مستعدون لرفع السلاح فى وجه إخوتهم، أبناء نفس البلد الذى ولدوا فيه وساروا فى شوارعه وحواريه، وتعلموا فى مدارسه ونهلوا من خيراته، ومستعدون أيضا للتحريض ضد بلادهم، وفتح أبوابها للمستعمرين والغزاة، طالما أنهم سيضمنون وظائفهم كخدم وعبيد لهؤلاء الغزاة.




الخارجون على الوطن أنواع وأشكال كثيرة، لعل أبرزها اليوم المنتمون لجماعة الإخوان الإرهابية فى منطقتنا العربية وفى جميع بلدان العالم، ولقد كان أشهرهم المدعو مهدى عاكف المرشد السابق للجماعة الإرهابية صاحب مقولة «طز فى مصر، وأبومصر، واللى فى مصر»، وذلك خلال حوار له مع صحيفة «روزاليوسف» بعددها الصادر فى ٩ أبريل ٢٠٠٦، أجراه الزميل سعيد شعيب.
والخارجون على الوطن، هم الذين استماتوا للسخرية لما جاء فى الحديث الشريف الذى يقول عن أهل مصر، إن فيهم خير أجناد الأرض، فى محاولة يائسة للنيل من الجيش المصرى، مع أن الحديث لم يتطرق إلى جيش مصر فى أى عصر، وإنما تحدث عن عموم المصريين.
‎وقد كشفت لنا أحداث الربيع الأسود أن الإخوان الإرهابيين عصابة واحدة، سواء فى مصر أو فى منطقة الخليج أو حتى فى أوروبا والولايات المتحدة، حيث رأينا مؤخرًا مهازل عضو الكونجرس الأمريكى عن الحزب الديمقراطى إلهان عمر، وهى أمريكية من أصول صومالية تم انتخابها لتمثل المواطنين الأمريكيين، لكننا وجدناها تخدم الأجندة الإخوانية، فتشن هجومًا واسعًا على التحالف العربى بقيادة السعودية، لتحرير اليمن من أيدى الحوثيين الذين تساندهم إيران بكل أدوات القتل والدمار، وبناء على ذلك طالبت بشكل معلن داخل الكونجرس بوقف بيع الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية.
ولم تكتف إلهان بذلك بل شاركت فى حملة مشبوهة، من خلال قناة الجزيرة الإنجليزية، وموقع «كونسرفاتيف ريفيو» الأمريكى، للهجوم على مصر من خلال قصة وهمية زعمت فيها أن السلطات المصرية قد أخفت قسريًا القيادية الإخوانية هدى عبدالمنعم، ناسية أو متناسية أن هذه القيادية الإخوانية قد تم القبض عليها مع ابنة خيرت الشاطر، وأحيلت إلى النيابة العامة التى وجهت إليها رسميًا سلسلة من الاتهامات أبرزها الانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة، والإدلاء ببيانات كاذبة لوسائل الإعلام.
ولإضفاء المزيد من الدراما الرخيصة، استقبلت إلهان عمر المدعوة «جهاد» ابنة القيادية الإخوانية وزوجها مراسل قناة الجزيرة السابق فى القاهرة، داخل مبنى الكونجرس قبيل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة إلى واشنطن، وأمام وسائل الإعلام الأمريكية أخذت تحرض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «الذى لا يطيقها» من أجل الإفراج عن القيادية الإخوانية.
وإذا كانت «إلهان» قد اختارت موقع «كونسرفاتيف ريفيو» الأمريكى للولولة والنحيب على القيادية الإخوانية، فإن كاتبًا فى نفس الموقع هو ﺟﻮﺭﺩﺍﻥ ﺷﺎﺷﺘﻴﻞ، شن هجومًا عليها على صفحته بموقع «ﺗﻮﻳﺘﺮ»، منتقدًا تدخلها فى شئون دول أخرى، ومطالبتها بإطلاق سراح ناشطة إرهابية قائلًا: «تأكدت فورًا أن هدى عبدالمنعم قائدة ﻧﺴﻮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ الإخوان بمصر»، متسائلًا: «ﻟﻤﺎﺫﺍ تدافع عضو فى الكونجرس الأمريكى ﻋﻦ ناشطة ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ؟».
والحقيقة أن إلهان عمر تعرضت مؤخرًا، بسبب حماقتها وتهورها، لهجوم كبير، عندما سخرت من هجمات ١١ سبتمبر، وقللت من قيمتها، حيث قالت أثناء كلمة لها بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير»: «لقد تأسس كير بعد ١١ سبتمبر، بعد أن قام بعض الأشخاص بفعل شىء ما، وبسبب ذلك بدأنا جميعًا نفقد السبل نحو حرياتنا المدنية».
كلمات «إلهان» أثارت غضب «ترامب» فغرد ضدها بشكل مباشر، وتضمنت تغريدته مقطع فيديو يظهر لقطات لهجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ مع خطاب النائبة إلهان عمر.
ويظهر المقطع النائبة وهى تقول: «بعض الأشخاص فعلوا شيئًا ما» بين لقطات للطائرات وهى تضرب برجى التجارة العالمى والناس يفرون منهما، مصحوبًا بتعليق من الرئيس: «لن ننسى».
ومع الهجوم الكبير من الديمقراطيين ضده بذريعة أنه يحرض ضد النائبة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن الرئيس لم يقصد أى إساءة فى تغريدته على «تويتر»، موضحة: «لا يقصد الرئيس الإساءة ولا العنف بالتأكيد تجاه أى شخص.. لكن على الرئيس بالقطع مخاطبة عضو الكونجرس بسبب تاريخ من تعليقاتها المعادية للسامية وليس مرة واحدة فحسب».
وقد نشرت وسائل الإعلام الأمريكية أن انتخاب «إلهان» جاء بعد عدة أيام فقط من اتهام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمهاجرين الصوماليين فى مينيسوتا بنشر آرائهم المتطرفة.
وحكاية الصوماليين فى مينيسوتا وعلى رأسهم «إلهان» تحتاج إلى وقفة متأنية، لعلها توضح حقيقة مواقفها وتوجهاتها السياسية، ففى ١٨ سبتمبر ٢٠١٧، توجهت «إلهان»- التى كانت مجهولة بدرجة كبيرة بالنسبة لوسائل الإعلام الأمريكية- إلى مدينة نيويورك لعقد اجتماع مغلق مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان خلال حضوره الدورة الـ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وظهرت صور الاجتماع على وسائل التواصل الاجتماعى، دون الكشف عما دار الحديث عنه على مدى ساعة كاملة استغرقها اللقاء، لكن صحيفة «توزمو تايمز» Tusmo Times المحلية فى ولاية مينيسوتا التى تغطى أخبار الجالية الصومالية، حصلت على معلومات عن هذا الاجتماع، وكتب عبدالرحمن مختار مؤسس الصحيفة ومحررها، مقالًا باللغة الصومالية تطرق فيه إلى تفاصيل الاجتماع، ولأسباب غير معروفة تم حذف المقال منذ ذلك الحين من قِبل الصحيفة!.
ومن خلال الحصول على نسخة من التقرير عن طريق أرشيف موقع «archive.org»، تم الكشف عن أن إلهان عمر قادت وفدًا من الجالية الصومالية المقيمة فى ولاية مينيسوتا ضم زوجها غير السياسى الذى التقى«أردوغان».
وقالت إلهان عمر حينها فى حديثها إلى صحيفة «Tusmo Times»، إنها التقت «أردوغان» لمدة ساعة تقريبًا، وناقشا قضايا متعلقة بأصل إلهان عمر الصومالى ومشاكل الصوماليين فى مينيسوتا، وانتهى الاجتماع بطلب «أردوغان» من إلهان عمر بالتعبير عن دعمها لتركيا، وخلص التقرير إلى أن «إلهان» لم تلتق «أردوغان» فحسب، بل التقت أيضًا رئيس الوزراء التركى وغيره من كبار المسئولين الأتراك.
وبعد شهر واحد من اجتماعها مع «أردوغان»، قدمت إلهان عمر شكرها لتركيا على تقديمها المساعدات للصومال بعد سلسلة من التفجيرات فى مقديشو، وفى أواخر عام ٢٠١٧، فتحت تركيا قاعدة عسكرية كبيرة فى الصومال، ومنذ ذلك الحين قدمت الأسلحة والمساعدات للجنود الصوماليين.
لا يعيب إلهان عمر أنها لاجئة اضطرت للهرب من الصومال وهى فى عمر الثامنة، وبعدما أمضت أربع سنوات فى مخيم لاجئين فى كينيا، استقرت عائلتها عام ١٩٩٧ فى مينيسوتا حيث تعيش جالية كبرى من دول القرن الإفريقى.
ولا يعيبها أنها حفرت طريقها فى مجتمع فتح لها أبوابه ومنحها جنسيته، فتعلمت الإنجليزية فى غضون ثلاثة أشهر، وأصبحت مترجمة وهى فى الرابعة عشرة من عمرها ثم درست وتخرجت فى كلية العلوم السياسية والدراسات الدولية فى جامعة «نورث داكوتا» عام ٢٠١١، تم أتيح لها أن تبدأ حياتها المهنية كمعلمة تغذية فى جامعة مينيسوتا من عام ٢٠٠٦ إلى ٢٠٠٩.
وقد عملت مديرة حملة إعادة انتخاب «كارى دزييدزيتش» لمجلس الشيوخ بولاية مينيسوتا لعام ٢٠١٢، ثم عملت منسقة للتوعية بتغذية الأطفال فى وزارة التعليم بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٣، وفى عام ٢٠١٣، أدارت حملة المرشح «أندرو جونسون» لمجلس بلدية مدينة مينيابوليس.
وبعد فوز الأخير، عملت مساعدة سياسية له، وفى ٢٠١٦ فازت ضمن منظمة نافذة مدافعة عن الحقوق المدنية، بمقعد نيابى فى ولايتها الصناعية حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.
لكن ما يعاب عليها أنها تتنكر لقيم هذا المجتمع، وتخدم أجندة جماعة إرهابية، ثم تتبجح خلال حملتها الانتخابية قائلة: إنها تتعهد بمحاربة العنصرية والإسلاموفوبيا فى البلاد، ناسية أو متناسية أنها لم تواجه هذين العدوين بدليل دخولها الكونجرس كنائبة منتخبة، وهى فى السابعة والثلاثين.
‎كما هُوجمت إلهان عمر بضراوة بسبب تغريدات، ألمحت فيها إلى أن المشرعين الأمريكيين يدعمون إسرائيل بسبب تمويل جماعات الضغط، وهى التصريحات التى أدت لاتهامها بمعاداة السامية، مما دفعها- كعادة الإخوان الذين لا يعتبرون إسرائيل عدوًا لهم- إلى الاعتذار بشكل واضح وصريح لكل يهودى أو إسرائيلى، وقالت بالحرف الواحد: «معاداة السامية أمر واقعى وأنا ممتنة للحلفاء والزملاء اليهود الذين أتعلم منهم التاريخ المؤلم للعبارات المعادية للسامية».. لكنها بطبيعة الحال لم تفكر لحظة فى الاعتذار لمصر أو السعودية، لأن هجومها نابع من منطلق إخوانى، سواء أكان الأمر نابعًا من عقيدة، أو مقابل ملايين من دولارات الجماعة التى تغدقها عليها قطر وتركيا.. خاصة أن صور لقائها مع «أردوغان» منشورة فى كل وسائل الإعلام الأمريكية، كما أنها شاركت بصورة معلنة فى جمع تبرعات لمنظمة الإغاثة الإسلامية فى فلوريدا، وهى منظمة تخضع للتحقيق داخل الكونجرس، بشأن دعمها بعض الجماعات الإرهابية من بينها تنظيم الإخوان.
‎هل أصبحت إلهان عمر- بسبب أجندتها الإخوانية- واحدة من الخارجين على الوطن الأمريكى الذى احتضنها؟، وهل خانت الناخبين الأمريكيين الذين انتخبوها دون الالتفات للون بشرتها أو لحجابها الإسلامى؟.
‎قبل أن يتسرع أحدكم بالإجابة عن هذا التساؤل المهم، دعونى ألفت نظركم لهذه الحملة الضخمة التى يخوضها إخوان مصر والخليج وبلدان عربية أخرى للدفاع عن إلهان عمر والإيحاء بأنها ترفع لواء الإسلام داخل مجلس النواب الأمريكى، باعتبارها واحدة من أول سيدتين محجبتين يتم انتخابهما لعضوية الكونجرس.
‎هذا الحماس النابع من التحرك بمنطق القطيع- وهو أهم ما يميز الجماعة الإرهابية- يؤكد أن التعليمات التى صدرت لهم بتأييد هذه النائبة تقطع بأنها تنفذ ما تسعى إليه الجماعة الإرهابية داخل الولايات المتحدة، ويؤكد أمرًا آخر قد يبدو أكثر خطورة، وهو أن الجماعة الإرهابية ربما تكون قد نجحت فى أولى تجاربها لغزو الكونجرس، خاصة أنها نائبة عن الحزب الديمقراطى، الذى كان مؤيدًا للإخوان، وسعى لتمكينها من الحكم فى أكثر من بلد عربى بعد الربيع الأسود فى ٢٠١١. ‎قطعان الإخوان لا تتحرك بناء على اجتهادات أو مواقف فردية، ولكنها تستقى آراءها ومواقفها من مصادر واحدة، ووقوفها وراء هذه النائبة الأمريكية المريبة يقطع بأنها تنفذ أجندة الخارجين على الأوطان، أو أنها واحدة منهم.