رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقاصيص لا تعنيك

جريدة الدستور

عم نصر
مر على كل بيوت القرية، معه قصاصات صغيرة؛ مكتوب فيها رقم الهاتف، استحلفنا بكل غالٍ أن نطلبه فى حال احتجنا إليه، كلما قلبت أوراق أيامى، يطاردنى رقم الهاتف بكتابته الرديئة، عم نصر الذى ترك هاتفه، ومات منذ سنوات.

فرح
ننتظر الطبيب فى حجرة المريض، وضع السماعة على القلب، فتح العين، تمتم بالشهادة، البقاء لله، انتفض الشاب ألقى بحقيبة الطبيب على الأرض، أخذ يضرب وجهه، يولول كالنساء، حزنًا على تأجيل زواجه.

تجارة
بعد أن سمعنا دوى أول طلقة رصاص، أخرجنا بنادقنا الآلية، تتوالى الطلقات، تتملكنا الرغبة فى قتل الخوف؛ الذى يلفنا منذ شهور، يأتى الصوت لا نعرف من أين؟، فى الصباح الباكر جاء التاجر، مَن أخبره بنفاد ذخيرتنا؟.

ضحكات
ضحكنا كثيرًا؛ عندما كنا ننط سور المستشفى، نسينا أجسادنا المكتنزة باللحم، أخذتنا أقدامنا التى تعبث بها واخزات (اليوريك أسيد)، الخفة التى جعلتنا نعبر كل شوارع مدينة صبانا، ضحكنا كثيرًا؛ عندما رأينا البنت التى أحبتنا، وهى تُنّشر همَ أيامها، بكينا عند عودتنا المتعبة، لم نستطع نط السور بعد غلق أبواب المستشفى.

معايدة
موعد اتصال المحافظ؛ صباح العيد، أخذ يجرى يتعثر فى الأثاث حتى وصل الهاتف، نظر؛ وجد رقم ساعى المكتب، نظر إليه باحتقار، ترك الهاتف يكمل الرنين.

المثلث المقلوب
ينام بعد صلاة العشاء، تلقائيًا يصحو قبل صلاة الفجر، يتوضأ يستزيد من أنوار الصبح، مطمئن البال والقلب، راقبته التى تسكن أول الدرب، تنتظره كل فجر تكنس الشارع القروى الضيق، تثير الغبار، لم يلتفت إليها فى بادئ الأمر، استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثانى يوم، ثالث يوم رفعت الثوب يظهر بعضًا من السحر، مثلث برمودا ينادى فى خفوت، وقف أمامها برهة، بحركة مصطنعة سحبت الثوب تستر الفخذ، رابع يوم تركت الباب مفتوحًا، لم تكنس الشارع، أضاءت نور الغرفة اختلس النظر رآها تداعب (...)، من يومها لم نره يصلى الفجر.

مساعدة
فى شارع المدينة المزدحم، بكل صنوف البشر وقف مزهوًا كطاووس، عندما نادت عليه: «لو سمحت»، نظر حوله، أشارت إليه: أنت، عدل من ياقة القميص، أدخل أصابعه بين خصلات شعره المجعد، نظر إلى حذائه الذى يلمع، تلفت حوله بدونية لكل الرجال المارين بالشارع، توقع أشياءً كثيرة، أقلها كلمة إعجاب، قبل أن تتواصل الكلمات التى حفظها عن ظهر قلب انهارت كل أحلامه، أعطاها كل ما معه من نقود معدنية واختفى.

معرفة
لم يعرف أحد من الحضور فى قاعة المحكمة، سر ثورة القاضى على المرأة، التى جاءت لتحضر الحكم فى دعوى خُلعها، ثورة القاضى أحس بها كل مَن كان بالمحكمة، أطال فى إحراج المرأة بأسئلته المذلة، الوحيد الذى كان يعرف ساعى المحكمة.

أبوة
أبى الذى كان يضرب الأرض، فتخُرج لنا غداءنا، يحملنى على كتفه حين يعبر موانع الجغرافيا المائية، يطلب منى أن أبول على جرحه الذى أصابه من حقول القصب العصية، أبى الذى لم أعرف أن الكبر تسلق على أكتافه، إلا بعد موت عمى الأكبر، أبى على عصاه الملتوية يبحث فى دروب القرية، عن المسجد يصلى الفجر، يغافلنا، يشترى لنا الخبز ونحن نيام حتى الظهيرة.