رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفى ديله 10 سنوات!



قيل إنه حنين إلى الماضى أو نبش فى الذكريات، قبل أن يطلق خبراء تحذيرات من المشاركة فى «تحدى العشر سنوات»، بزعم أنه يمكن الاستفادة منه تجاريًا أو استغلاله أمنيًا، بعد التطورات التى شهدتها تقنيات التعرف على الوجه، وبالتالى نكون أمام طريقة جديدة لجمع بيانات أو معلومات المستخدمين.
لمن جاء متأخرًا أو منعته الظروف الجوية من متابعة الحدوتة من أولها، نوضح أن التحدى، الذى اجتاح شبكات التواصل الاجتماعى، يقوم فيه كل شخص بنشر صورته الحالية وصورته قبل ١٠ سنوات، وظل الجميع سعداء، يتبادلون الإعجابات والقلوب الحمراء، حتى أثارت قلق بعضهم نظريات تؤكد أن هذا التحدى تم إطلاقه، ربما من شركة «فيسبوك»، لأغراض غير نبيلة.. وكانت بين أصحاب تلك النظريات كيت أونيل، التى أكدت أن التحدى ليس أكثر من «طريقة خبيثة» من «فيسبوك» لجمع أكبر عدد من المعلومات والصور عن تطور أشكال سكان العالم خلال ١٠ أعوام. وباستخدام تقنية «التعريف بالوجه»، سيتم تكوين قاعدة بيانات تستفيد منها الشركة وتبيعها لشركات الإعلانات، بل وقد تبيعها أيضًا لشركات التأمين الصحى!.
اللعبة ربما كان هدفها الظاهر هو تعريف الناس بماضى بعضهم البعض، أو عقد المقارنات بين صورهم القديمة والحديثة، للتسلية أو لفتح المجال أمام التعليقات الطريفة أو الساخرة، غير أن نظرية «أونيل» تشير إلى أن شركات الإعلانات قد تستخدم بيانات الشكل، وتطور مراحله، لتسويق منتجاتها وفقًا لأشكال المستهلكين وأعمارهم، بما يجعلها تجنى، هى وشركة «فيسبوك»، مكاسب طائلة. كما أشارت إلى أن بإمكان شركة «فيسبوك» بيع تلك البيانات لشركات التأمين الصحى، التى قد تستخدمها لتقييم التطور العمرى للأشخاص، وعلى أساس هذا التقييم تقبل التأمين على الأشخاص من عدمه.
كان يمكن التعامل مع تلك النظريات على أنها قائمة على أوهام أو هلاوس، لكن ما جعلها تستحق التأمل، هو تاريخ «فيسبوك» مع فضائح جمع المعلومات عن المستخدمين دون علمهم. والأكثر من ذلك، أنه منذ ساعات، أرسلت ٩٠ جمعية حقوقية مذكرة إلى شركات «أمازون» و«مايكروسوفت» و«جوجل» تطالبها بضرورة التوقف عن بيع أنظمة الرقابة والتعرف على الوجوه للحكومة الأمريكية.. وأعلنت نيكول أوزير، رئيس قطاع التكنولوجيا والحريات المدنية فى مؤسسة «ACLU»، أن العالم يقف حاليًا فى منتصف الطريق مع تقنيات التعرف على الوجوه، والشركات التقنية هى التى بيدها قرار الحفاظ على خصوصية حياة المستخدمين وحياتهم الشخصية، أو اختراقها بالكامل وتسهيل تتبعهم.
فى المقابل، اعترفت الشركات الثلاث بمشكلات الخصوصية التى تتسبب فيها تقنيات بصمات الوجوه، حيث أعلنت شركة «جوجل» أنها لن تقوم ببيع أى منتجات برمجية معتمدة على تلك التقنيات للحكومة طالما كانت هناك ثغرات تسمح للأجهزة الأمنية باختراق حياة المواطنين، وأشارت «مايكروسوفت»، فى تصريحات لرئيسها براد سميث، إلى أن هناك العديد من المعايير والأسس التى يجب على الكونجرس الأمريكى صياغتها فى قوانين وتشريعات رسمية تمنع أى استخدام سافر لتلك التقنيات، إلى جانب تجنب التحيز ضد أى شخص، وكذلك ضرورة وجود أمر قضائى لاستخدام تلك التقنيات، أما شركة «أمازون»، فقد أعلن جيف بيزوس، مؤسسها ومديرها التنفيذى، على استحياء، أن هناك العديد من الثغرات فى أنظمة التعرف على الوجوه، إلا أن شركته ما زالت تسعى بشكل حثيث لترويج نظامها المتطور للتعرف على الوجوه فى العديد من الولايات الأمريكية.
نظام التعرف على الوجه «Facial recognition system» هو تقنية قادرة وبشكل تلقائى على تحديد أو التحقق من شخص موجود فى صورة رقمية، أو إطار فيديو مأخوذ من مقطع فيديو، من خلال ملامح الوجه وأشكال الأذن.. وهناك العديد من الطرق التى تعمل بها أنظمة التعرف على الوجه، ولكنها بشكل عام تعمل على مقارنة ملامح الوجه المختارة فى صورة معينة مع الوجوه المخزنة داخل قاعدة بيانات، ولا يتم استخدامها فقط لتحديد الفرد، ولكن أيضًا لاستخراج بيانات شخصية أخرى، مثل مستواه الاجتماعى، وظيفته، سلوكه، حالته الصحية، الأمر الذى يتيح لشركات الإعلانات أو التسويق أو لأى جهة حكومية، معرفة تفاصيل ومعلومات شخصية كثيرة.
مع أن الاستخدام الأمثل لتقنية معرفة الوجه وعملية المطابقة، هو مكافحة الجريمة وفرض رقابة أمنية كافية على الحدود، إلا أنها قد تكون هى ذاتها جريمة، لكونها، وغيرها من تقنيات كشف الهوية، تسهل معرفة كل تفاصيل الحياة الشخصية لأى شخص، وتتيح تتبعه فى أى مكان، حتى لو فات مع الثعلب «اللى فات فات.. وفى ديله ٧ لفات» أو ١٠ سنوات!.