رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هانى شنودة: أعمالى الإسلامية «رد جميل» للنبى.. والقرآن فيه موسيقى روحية عالية

جريدة الدستور

قال الموسيقار هانى شنودة إنه تعلق بحب الموسيقى من خلال والدته، والبيئة التى نشأ فيها بمدينة طنطا المحبة للفن، حيث كان دائم الحضور للموالد والاحتفالات الدينية، بجانب تعلقه بكبار المشايخ وقراء القرآن، الذى رأى أنه يحتوى على «موسيقى روحية عالية».
وحكى «شنودة»، فى حواره مع «الدستور»، عن لقائه أديب نوبل نجيب محفوظ، والنصائح التى غيّرت مستقبله، وكذلك اكتشافه عددًا كبيرًا من النجوم على رأسهم عمرو دياب ومحمد منير.

■ كيف أثرت النشأة فى حياة الموسيقار هانى شنودة؟
- ولدت فى ٢٩ أبريل عام ١٩٤٣، ونشأت فى بيئة تحب الفن بمدينة طنطا، التى تزخر بألوان الفلكلور الشعبى والإنشاد الدينى وأعلامه مثل الشيخ النقشبندى، وتشتهر بحلقات الذكر والموالد والاحتفالات الفنية الدينية، التى تقام بساحة سيدى «السيد البدوى»، فضلًا عن الأسرة التى كانت تقدر الفن، إذ كانت والدتى تعزف البيانو والعود، وكان والدى صيدليًا يحب الموسيقى لكنه لا يمارسها.
■ هل دعمتك الأسرة المحبة للفن لدخول المجال الموسيقى؟
- والدى كان معترضًا لكنه لم يتحدث إلىّ فى هذا الأمر، لكن أعمامى أرادوا أن أصبح صيدليًا لأن معظم عائلتى أطباء وصيادلة، لكننى أوضحت لوالدى أننى مستعد لدخول كلية الصيدلة، «لكن لو درست الموسيقى هيكون لى مستقبل، لأنى بحبها، لكن لو درست الصيدلة هكون صيدلى فاشل»، ما دفع أعمامى لتخصيص فدانين من كل واحد فيهم «أتسند عليهم لو طلعت صيدلى فاشل»، لكننى رفضت ودخلت كلية التربية الموسيقية.
■ متى كانت بدايتك الفعلية مع الفن؟
- بعد تخرجى فى كلية التربية الموسيقية عام ١٩٦٦، أصبحت مؤهلًا لتدريس الموسيقى، وليس العزف فقط، وسرعان ما عملت بفرق موسيقية أجنبية، الأمر الذى منحنى خبرة كبيرة فى صناعة الأغنية بالمواصفات العالمية.
■ وماذا عن تأسيس فرقة «المصريين»؟
- كونّا أول فرقة موسيقية فى مصر، ضمت العديد من القامات الفنية، وكنا وقتها مجموعة من الشباب الهواة، نعزف أغانى إنجليزية وإسبانية وفرنسية تحت اسم «بى تى شا»، ومعناها «القطط الصغيرة»، وحينما شاهدنا نجيب محفوظ خلال حفل لنا فى المنتزه بالإسكندرية، سألنى: «ليه مابتعملوش أغانى عربى؟»، فقلت له إن مقدمة الأغانى العربية طويلة وتساوى ٣ أو ٤ أغان مما نقدم، فقال لى: «لا تستبدل شهوة العمل بشهوة الكلام»، فلم أستوعب كلمته، فقال: «يعنى اللى أنت شايفه صح، شوف الأغنية المفروض تكون إزاى واعملها». فكرت فى كلمته كثيرًا، فوجدت أن إنجلترا وفرنسا بهما الكثير من الفرق، بينما لا نملك فرقًا مثلهما، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس الفرقة، وكان يحضر لنا ما يقرب من ٣ إلى ٥ آلاف شاب فى الحفلة الواحدة.
■ ولماذا توقفت «المصريين» رغم أنها ضمت عمالقة الفن وفى مقدمتهم الشاعر صلاح جاهين؟
- «مافيش حاجة فى الدنيا بتكمل»، كنا نحب أن نستمر، لكن هناك من أراد أن يكمل دراسته، ومن أرادت أن تتزوج، «كل واحد عنده ظروف»، ودائمًا ما تتميز مرحلة الشباب بأنها مرحلة الفرق، وبعدها كل يسير فى اتجاه مناسب له، فهناك من يتجه إلى التلحين وآخر يفضل أن يظل عازفًا.
■ متى بدأت علاقتك بـ«العندليب الأسمر»؟
- كانت الفرقة قد اشتهرت حينذاك، وكنت أتهرب من مقابلته، وأذهب إلى السينما رفقة «الجيرل فريند»، ونسافر إلى الإسكندرية للغناء، وذات مرة اتصل بى قائلًا: «أنا جبت لك جهاز سوبر استرينجز»، وهو جهاز يجمع العائلات الوترية معًا، وعلى الفور قلت له: «أنا جاى لك حالًا».
وبالفعل ذهبت مسرعًا لأرى الجهاز الذى قرأت عنه كثيرًا، وبدأت أعزف الأغانى التى أعرفها، ودخل «عبدالحليم»، وقال لى: «ماتلعبش الأغانى دى، إلعب (أهواك)»، ثم بدأت عزفها بتنويعات مختلفة، أعجب بها كثيرًا، وطلب منى أن أؤسس فرقة صغيرة تحت اسمه «الكوتيشن»، فقلت له «بشرط»، لكنه غضب من الكلمة، «ما هو مين بيشرط على مين؟.. ما ينفعش، بس أنا أيامها ماكنش فارق عندى».
بعدها بدأت أعزف معه ٤ أغان، هى «أهواك، وأول مرة تحب يا قلبى، ويا قلبى ندرٍ علىّ، وتوبة» فى حفل بنادى الجزيرة، وهى متاحة الآن على موقع «يوتيوب»، وأذكر أنه قال لى: «يا هانى إحنا لازم نكون مع بعض ونلف العالم بالأغانى دى»، لكنه توفى بعدها ولم يكتمل مشروعنا الفنى.
■ كنت السر وراء نجاح محمد منير.. ما كواليس أول أعمالكما معًا؟
- بعد وفاة عبدالحليم حافظ وجدت أن الوقت حان لتأسيس فرقة جديدة، وصادف ذلك أن الشاعر عبدالرحيم منصور جاء لى وأخبرنى بأنه اكتشف موهبة رائعة من النوبة، وأننا يجب أن نقدم معها فكرة جديدة، وبالفعل سجلت معه، لكن الشريط الأول لـ«منير» لم ينجح.
كان «الكاسيت» لم ينتشر حينها، وكان الناس بيسمعوا الموسيقى على الأسطوانات أو عبر إذاعة «صوت القاهرة»، وكان الألبوم هو الأول فى الكاسيت، وصدر بعنوان «بحبك لا»، ولما عملنا الشريط التانى «أمانة يا بحر»، نجح جدًا، والشركة جابت الشريط الأولانى، ونشرته بعنوان «علمونى عنيك»، عشان كده الناس فاكرة إن «علمونى» ده الشريط الثانى، لكن الحقيقة ده الشريط الأول.
■ وماذا عن تجربتك مع عمرو دياب؟
- أول أغنية قدمتها لعمرو دياب كانت أغنية للأطفال بعنوان «فين الأسد المرعب؟»، لصلاح جاهين، وأخرجها فهمى عبدالحميد، وتعرفت إلى «عمرو» لأول مرة بعد إحدى حفلات فرقة «المصريين» فى بورسعيد، فبعد أن وصلنا إلى الفندق وجدت الباب بيخبط، لأجد هذا الشاب أمام الباب، وكان عمره حينها حوالى ٢٠ عامًا، وقال لى: «ممكن آخد من وقت حضرتك دقيقة، عايز أكون مطرب».
رحبت به وبدأ يغنى، وقلت له: «أنت ودنك كويسة وبتغنى كويس وصوتك حلو، لكن عندك مشكلتين، نطقك بورسعيدى، وده مش هينفع مع الناس، وإنك مش فى القاهرة»، سكت شوية وخد نفسه ومشى، قلت فى نفسى: «مش هشوفه تانى».
وفى الصباح نزلنا لنرجع إلى القاهرة، لأجده منتظرًا مع الفرقة، وقال: «أنا جاى معاكم مصر». سألته: «هاتروح فين؟ هتبات فين؟» قال: «مالكش دعوة»، قلت له: «طالما هتيجى مصر هندخلك معهد موسيقى عربية»، وبالفعل اتوسطت له بالمعهد وعمل الامتحان ونجح ودخل، وابتديت أشتغل معاه وعملت ليه مع شوقى حجاب سهرة وكان هو المفروض مدرس وبيشرح للأطفال العلوم بالأغانى وكانت كلماتها بتقول «يا صم صم يا ثانوية، يا عامة يا أم العقل أصم، مالك كده مستقوية، وكاتمة ع الأعصاب والدم». والحقيقة عمرو «واد» محترم، يكفى إنه قال: «لو ماكنش هانى شنودة ماكنش فيه حاجة اسمها عمرو دياب».
■ بذكرك أغانى الأطفال.. كيف كانت رحلتك معها؟
- قدمت أغانى كثيرة للأطفال، وكنت قبل أى ألبوم جديد أتفق مع المنتج على إصدار أغنية للأطفال، وللأسف «معظمهم ماديين». كنت بأنزل فى كل أغنية من أغانى فرقة «المصريين» أغانى أطفال، وكانت أول أغنية قدمتها لهم بعنوان «وسط الغابات أنا بتمشى»، من كلمات صلاح جاهين، وبعدها قدمنا أغنية «ميكى ماوس»، وعملنا شريط أطفال للفنان محمد ثروت، بعنوان «حبيبة بابا رشا»، ونجح وكسر الدنيا، بجانب «رانيا حبيبتى».
ووقتها كنت حددت مهمة فرقة «المصريين» للأغانى الاجتماعية، لمناقشة المشاكل الأسرية التى لم تقدم عن طريق الأغانى، مثل «مين هيقول الفرق بينى وبين والدى مسألة السن، بيقولوا يوم ما كان قدى كان جن».
■ ما السر وراء تراجع أغانى الأطفال والأغانى الاجتماعية إذن؟
- تراجع هذا النوع من الغناء بسبب تخلى شركة «صوت القاهرة» عن الإنتاج، كما أن الإذاعة والتليفزيون توقفت تماما عن إنتاجها، والمنتج حاليًا مش مهم عنده الكلمة، لكن المهم عنده هو المكسب، إضافة إلى عدم احترام الملكية الفكرية.
■ ماذا عن أول موسيقى تصويرية قدمتها للسينما؟
- أول موسيقى تصويرية أقدمها للسينما كانت من خلال فيلم «لا عزاء للسيدات»، بطولة الفنانة فاتن حمامة، وحينها وجدت اتصالًا هاتفيًا من المخرج هنرى بركات وقال لى: «تونة عايزاك»، وعندما ذهبت إليها حدثتنى عن رؤيتها لموسيقى الفيلم، وأنها ينبغى أن تكون جملًا قصيرة، على أن تختلف عن «الرحبانية»، واستعرضت ١٦ نقطة ترفض أن تحتويها موسيقى الفيلم.
عندها فكرت فى الاعتذار لـ«بركات»، لكن وأنا مروّح وجدت الأسانسير عطلان، وطلعت السلم، فجاءتنى فكرة إنى آخد السلم الموسيقى من تحت لفوق، وأعمل اللى أنا عايزه واللى هيا عايزاه، بعدها بيومين، هاتفتنى فاتن حمامة، وقالت لى: «روح سجل بكره».
بعدها كلمنى المخرج صلاح سيف لوضع موسيقى تصويرية لفيلم «المشبوه»، ونبهنى قائًلا: «خلى بالك عادل إمام غَيّر من كوميدى لأكشن»، وأبلغته بأننى سأضع موسيقى الفيلم على حسابى الخاص وإن لم تعجبه «كأن محصلش حاجة»، ونجحت الموسيقى التصويرية نجاحًا باهرًا، وسجلت بعدها لعادل إمام حوالى ١٧ موسيقى تصويرية لأفلامه.
■ هل تذهب إلى السينما؟
- حاليا لا.. بأتفرج على الأفلام فى البيت.
■ وما الأعمال التى تحب مشاهدتها فى التليفزيون؟
- بحب فيلم «عنتر ولبلب» لمحمود شكوكو، ولو عرض ١٠٠ مرة سأشاهده، لأنه قدم رسالة مهمة جدًا للجمهور، «ممكن تقول ده فيلم تافه، لكن كانت رسالته أن القوة بالذكاء مش بالجسم»، كذلك بأحب أفلام «دعاء الكروان، والشموع السوداء، وعرق البلح»، وطبعًا بأحب عادل إمام وسمير غانم.
■ وماذا عن الأفلام الحالية؟
- أحببت فيلم «الفيل الأزرق» لكريم عبدالعزيز، وأحب أفلام أحمد حلمى، ممكن أميل إلى زمن الفن الجميل أكثر، وهناك أفلام تعرض حاليًا «كويسة»، لكن ليست بالشكل المطلوب.
■ قدمت أعمالًا فى مديح النبى محمد.. ما سر هذه الأعمال وأنت مسيحى؟
- قدمت أغانى مثل «لجل النبى، ورمضان جانا، والله لسه بدرى، وخايف يا ربى»، وعددًا كبيرًا من أغانى المديح، وأعتبرها «رد جميل»، لأن النبى محمد قال فى حديث شريف «أوصيكم بأقباط مصر خيرًا فإن لكم فيهم صهرًا ونسبًا».
■ ما علاقتك بالقرآن؟
- أحب سماع القرآن، لأن فيه موسيقى روحية عالية جدًا، كذلك بلاغة اللغة وسلاسة التعبير، وكنت فى صغرى أستمع إلى الشيخ النقشبندى فى ساحة السيد البدوى، وتعلقت بالإنشاد والمديح على يديه، فهذا الرجل عبقرى.
■ ولمن تسمع من قرّاء القرآن؟
- الشيخ محمد رفعت، والشيخ نصرالدين طوبار، والشيخ الفشنى، ومصطفى إسماعيل، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والمنشاوى، ومحمود على البنا، بأعتبرهم عظماء القراء، وأنهم أصوات من السماء.
■ وماذا عن علاقتك بالقراءة؟
- أحب القراءة فى جميع المجالات علم النفس والعلوم والفلك، وبحب روايات نجيب محفوظ ويحيى حقى، وعباس العقاد، وطه حسين، وخيرى شلبى، وبحب حتى القصص البوليسية والخيال.
■ هل هناك عمل ندمت عليه؟
- «مافيش عمل ندمت عليه»، لكن فيه مخرج ندمت أننى تعاملت معه، يعيش حاليًا فى أمريكا، مشكلته أنه «حكّاى، يحكى عن الفيلم كويس جدًا، لكن مابيعرفش يخْرِج خالص، بالبلدى كده.. مالوش فيها»، وقدمت معاه عمل واحد ورفضت العمل معه بعدها.