رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"لم تقدمهم كذميين".. كيف ظهر المسيحيون في السينما المصرية؟

جريدة الدستور

الكثير من هذه الأفلام التي قدمتها السينما المصرية أظهرت تلاحم المسلمين والمسحيين، فالمسلمون يشاركون أقرانهم المسيحيين في أعيادهم الدينية ومناسبتهم الخاصة، وكذلك يفعل الأقباط مع المسلمين.

قال الناقد السينمائي محمود قاسم لـ"الدستور" إن هذا التلاحم موجود في أفلام بعينها، وذلك من خلال قصص مجموعة من طلاب مصر الجديدة في فيلم "ضحك ولعب وجد وحب " لطارق التلمساني عام 1993، وأيضا في "البوسطجي" عام 1968، "للحب قصة أخيرة" 1985، ثم "سيداتي آنساتي" لرأفت الميهي 199، و"التحويلة" لأمالي بهنسي 1996.

وأشار إلى أن هناك مجموعة من السمات التي تربط بين هذه الأفلام، وموضوع الهوية القبطية التي ظهرت في كل فيلم أو جزء من قصص هذه الأفلام، أولها، تفاوت ظهور الهوية القبطية، أو إخفائها لاعتبارات اجتماعية عامة من فيلم لآخر، ففي بعض الأفلام لم يؤكد السيناريو المكتوب على هوية أبطال القصص، وإن كانت أسماء هؤلاء الأشخاص تأخذ الهويتين معا؛ مثلما حدث في فيلم "البوسطجي" أمام شخص مثل جميلة، وخليل، ومريم، ووصيفة، أما والدا جميلة فقد أشير إليهما في السيناريو المنشور باسم "والدة جميلة" و"والد جميلة"، ولكن السيناريو يشير إلى أن اسمه "سلامة"، وأشار النص الأدبي المأخوذ عنه الفيلم إلى هويتهما الدينية، وجميلة تتلقى تعليمها في مدرسة دينية بأسيوط، وهي نوع من المدارس تضم الكثير من التلاميذ من الديانتين.

وتابع "قاسم": "إذا كان النص الأدبي ليحيى حقي في "دماء وطين" قد أشار إلى هوية جميلة وأسرتها، فإنه لا توجد أي إشارة واضحة بالمرة إلى هذه الهوية في الفيلم، بل أن جميلة تستحلف عمها بالنبي مرتين في المشهد رقم 66 من السيناريو الذي يدور في بيت العمة بالنحيلة: "ياللا والنبي يا عمتي نروح"، ثم هي تكرر الحلف مرة أخرى "والنبي يا عمة.. عشان خاطري".

والمعروف أن الأقباط لا يميلون إلى القسم بشكل عام، ويستخدمون ألفاظ من طراز "صدقني"، كما خلت جدران بيت المعلم سلامة من أي إشارة إلى الهوية الدينية للأسرة، وأيضا لخليل، ولم يكن الفيلم في حاجة للدخول إلى هذه النقطة، ولكن الأسماء التي تر على لسان خليل تتحمل التأويل، فخليل في المشهد رقم 69 يشير إلى أن "نجيب أفندي واصف جوز أختي اللي في إسكندرية كان مواعدني بوظيفة" وهو اسم قبطي بقدر ما هو اسم مسلم في صعيد مصر.

كان هناك أفلام أخرى تتم الإشارة إلى الهوية القبطية بكل وضوح مثل شفيقة القبطية، وبديعة مصابني (وهي أسماء حقيقية في التاريخ)، ومثل الخالة دميانة في "للحب قصة أخيرة"، ومثل "ماما تريز" صاحبة البيت في"سيداتي آنساتي" وهناك بالطبع إشارة واضحة إلى ديانة كل من مها وفريد في فيلم "ضحك ولعب وجد وحب" من خلال اللوحات المعلقة على جدران منزل الفتاة، كذلك هناك إشارة واضحة إلى أن عيسى العوام قبطي مصري في فيلم "الناصر صلاح الدين"، بالإضافة إلى الأماكن التي تدور فيها أحداث أفلام أخرى مثل"الراهبة".

وأكد "قاسم" أن بعض الشخصيات القبطية ظهرت في أفلام مصرية تشير إلى الوحدة الوطنية في مصر، مثل "الناصر صلاح الدين" وشخصية المناضلين في"بين القصرين"، وأيضا شخصية القس في نفس الفيلم، ونفس الشخصية في فيلم "الزواج على الطريقة الحديثة" لكمال كريم، وأيضا شخصي الجنود الأقباط الذين يدفعون حيواتهم من أجل أوطانهم في الحروب ضد إسرائيل في أفلام "الرصاصة لإنزال في جيبي" و"أبناء الصمت" و"العمر لحظة" وغيرها.

ولفت إلى أن السينما تعاملت مع هؤلاء الأشخاص بشكل طبيعي باعتبار أن الأقباط جزء من نسيج المجتمع، وأنه يتم تجنيد أبناء الشعب مهما كانت هويتهم، شريطة اللياقة الجسمانية والعقلانية، وفي داخل الوحدات العسكرية تنصهر كافة الطبقات الاجتماعية والطائفية، تحت لواء الرتبة التي يحملها كل شخص.

كما أشار إلى أن السينما لم تقدم أقباط مصر كذميين، بل كمواطنين يعيشون قصص حب فيما بينهم، مثلما يعيش مسلمون نفس قصص الحب بمفرداتها، وهناك أفلام أخرى قامت فيها قصص حب بين مسيحيين فقط، دون أي تدخل من المسلمين بالمرة، ولعل فيلمي "شفيقة القبطية" و"الراهبة" هما أبرز مثالين على ذلك، والفيلم الأول تدور أحداثه في مصر الربع الأول من القرن العشرين، أما الفيلم الثاني فيدور في لبنان.

وأوضح "قاسم" أنه لا توجد علاقة بين قصة الفيلم، والرواية التي نشرها جليل البنداري قبل عامين من عرض الفيلم، كما ليست هناك علاقة بين وقائع الرواية، والحقيقي للراقصة شفيقة القبطية؛ فحسب مقال نشره محمد السيد شوشة في مجلة "دنيا الفن" عام 1962، فإن البنداري استوحى هذه القصة عن شفيقة القبطية من قصة كتبها شوشة عن راقصة أخرى اسمها "توحيدة"؛ فمزج البنداري بين اسم شفيقة القبوبين حوادث عاشتها توحيدة.