رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مولده.. أستاذ بالأزهر: يجب أن نجعل من أنفسنا شاشة عرض لأخلاق الرسول

جريدة الدستور

قال حمادة إسماعيل مدرس اللغة التركية بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، نعيش هذه الأيام ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك نحتاج إلى دراسة سيرته وإنسانيته ورحمته وتسامحه، وكل جوانب شخصيته الشريفة الكريمة، والإلمام بالأحداث التي وقعت في عهده، قبل البعثة وبعدها، ليس مجرد معرفة فقط، بل يجب علينا سبر أغوار هذه الأحداث، وتحليلها تحليلًا دقيقًا، إذا فعلنا ذلك فسنرى ببصرنا وسنشعرُ ببصيرتنا وحواسنا كيف أثر النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمعه الذي نشأ فيه، والذي كان مجتمعًا جاهليًا يشبه اللوحة السوداء المنفرة، مفعمًا بالباطل الذي يشوه كل شيء، مجتمع اهتزت فيه جميع الأشياء وفي مقدمتها عقيدة التوحيد، حيث عبد الناسُ الأوثانَ، وملئوا بها البيت الحرام، وتباهوا بعبادتها، وذبحوا لها القرابين.

وتابع: مجتمع كان إذا أنجبت امرأة فيه بنتًا، يغضبُ أبوها، ويسود وجهه من الخجل بسبب ما بُشر به، ولا يستطيع أن يرفع وجهه بين الناس خجلًا منهم، وليس أمام هذا الأب سوى حل من اثنين إما أن يُبقي على ابنته ويتحمل نظرات المجتمع إليه، ويتجرع في سبيل ذلك آلام الهوان، أو يقوم بقتلها ويمشي رافعًا رأسه، متباهيًا بجرمه بين الناس.

وأضاف في تصريحات لـ"الدستور": لكن رحمة الله سبحانه وتعالى أرادت الخير لهذا المجتمع، وأنعمت عليه وعلى الإنسانية كلها بأفضل وأكبر نعمة، وأعظم إحسان من رب العالمين، وهو مولد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي علم الإنسانية كلها الرحمة، وعلم الإنسانية كلها التسامح، فرحم وهو قوي من آذوه وهو ضعيف، وتسامح وهو قوي مع من آخرجوه من أحب بلاد الله إليه وهو ضعيف، ودعا وهو حزين والدم ينهمر من رأسه الشريف لمن ألقوه بالحجارة وأغروا به سفهائهم ليضربوه ويسخرون منه، متمنيًا من الله أن يُخرج من نسل هؤلاء من يعبد الله ولا يُشركُ به شيئ.

وأشار إلى أن هذه هى أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو تسامحه صلى الله عليه وسلم، وهذه هى رحمته صلى الله عليه وسلم، وهذه هي فطرته السليمة وأخلاقه السامية ومثاليته العالية، لم ترى الدنيا لصفاته مثيلا، ولا لأخلاقه نظيرا، ولا لعلو همته منافسًا. وهذه هى الأشياء التي ينبغي أن نفهمها جيدًا، ونُفهِمُها لأبناءنا، ونستخلص منها العبر والعظات، فنحن في الوقت الذي يُتهم فيه الإسلام بأنه دين العنف والإرهاب بسبب حفنة من الإرهابيين لا يفهمون من دينهم شيئ، ولا يسمعون عن رحمة نبيهم وتسامحه شيئ.

ونوه مدرس اللغة التركية، أنه ينبغي أن نجدد فهمنا للدين وخصوصًا للسيرة النبوية العطرة، وننفي هذه الصفات عن ديننا الذي هو منها براء، ونثبت للعالم كله بالأفعال أن رسولنا الكريم كان رسول سلام لا رسول حرب، رسول مرحمة لا رسول ملحمة، رسول يحرص على إنقاذ مخاطبيه وينتظر منهم الخير دائمًا، رسول استمرت حياته الدعوية ثلاثة وعشرين عامًا أي حوالي ثمانية ألاف يوم، يحتاج كل يوم منها إلى قراءة خاصة، وفهم عميق، وتدبر وإسقاط على واقعنا اليوم.

وطالب من كل مسلم ضرورة أن يجعل من نفسه شاشة عرض لأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وقيمه ومبادئه وسيرته العطرة، التي يجب على أهل التخصص فيها ألا يتناولها في الوقت الحاضر ضمن السلسلة المعتادة التي تعدد الغزوات فقط، بل يجب مطالعة كيفية تعامل النبي مع المشكلات، وطريقة معالجته لها، وكيف استطاع إيصال نور القرآن إلى قلوب قساة الجاهلية، وبذله الغالي والنفيس في هذا السبيل، فهذا هو محور دعوته صلى الله عليه وسلم.