رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتجلى.. الهلباوى: أنا مش شيخ.. و«مرسال لحبيبتى» جذبت الملحدين لحفلات الإنشاد

جريدة الدستور

على الهلباوى.. منشد اخترق القواعد المألوفة للإنشاد، فلم يظهر مثل الباقين بالجلباب والعمامة، بل ساير الشباب، وأنشد بالبنطلون والقميص، لأنه يرى أن المنشد «صوت» وليس «مظهرًا». أدرك مبكرًا أن الإنشاد طريق طويل، لذا لم يكفه كونه ابن المنشد محمد الهلباوى لضمان النجاح، ولم يكتف بصوته الجميل، وتعلم أصول النغم والمقامات ليفتح لنفسه طريقًا يخصه وحده. وفى حواره مع «الدستور» كان «الهلباوى» فخورًا بنجاحه فى جذب الشباب إلى عالم الإنشاد من خلال أغنية «مرسال لحبيبتى»، كاشفًا عن جوانب كثيرة فى شخصيته، نتعرف عليها فى السطور التالية.

والدى نصحنى بـ«التجديد» وتجنب التقليد

يبدأ «الهلباوى» حديثه مسترجعًا بداياته مع عالم الإنشاد: «يوم ميلادى عام ١٩٧٧ كان اليوم نفسه الذى اُعتمد فيه والدى مبتهلًا فى الإذاعة، التى كان لها شأن كبير فى هذا الوقت، وتضم أصواتًا مثل محمد عمران والنقشبندى اللذين كنت أراهما مع والدى». ويضيف: «كنت أحضر الحضرة الصوفية فى مسجد الحامدية الشاذلية بالمهندسين، لذا عشت أجواء هذا العالم، وبدأت أنشد من عمر ٦ سنين فى المدرسة، وحصلت على جوائز، ثم شاركت فى مسابقات وزارة الشباب والرياضة».
ويتذكر «الهلباوى» أغلى نصائح والده: «كان يُسمعنى ألحانًا ونتناقش فيها بعد إدراكى علم النغم، وكان يقولى لى بصفة دائمة: (إن لم تجدد فلن تستمر.. جدد حتى تستمر فى علم الإنشاد)».
ونصحه «الهلباوى» الأب بالاهتمام بـ«الثقافة السمعية»، وكان يقول له إن «لغة الموسيقى واحدة، جاز أو روك أو إيرانى أو غيرها، هى ما نتعامل به»، داعيًا إياه لأن يصبح شخصية مستقلة بذاته سواء كان عازفًا أو مقرئًا أو غيره، عن طريق الاستماع لكل الشيوخ، وعدم تقليدهم، لأنك «حين تسمع المنشاوى فقط لن تخرج من عباءته وستقلده، لكن لو نوعت حتمًا ستبتكر قالبًا جديدًا يليق بك، وهذا يمنعك من التأثر بأحد معين».
ويرى على الهلباوى أن خامة صوته وصوت الشيخ واحدة، موضحًا: «أى أحد يسمعنى فى (مولاى) مثلًا، سيقول هو الشيخ محمد، لكننى بشخصية مستقلة أصبحت على الهلباوى وليس محمد الهلباوى».
ويعتبر أن الإنشادين المصرى والسورى لهما حالة ما زالت موجودة، قائلًا: «هناك فرقة أبوشعر والمرعشلى وغيرهما».
ويطالب «الهلباوى» الدولة والإعلام بالاهتمام بالإنشاد الدينى، الذى «يجب أن يكون مثله مثل الغناء»، مضيفًا: «الإعلام المصرى لا يهتم بالإنشاد سوى فى رمضان والموالد والهجرة، فيستضيف منشدين، وبعد ذلك لا ترى أحدهم. لدينا (أراب آيدول) و(إكس فاكتور) فلماذا لا يُقدم برنامج للإنشاد الدينى على غرار ذلك؟ لماذا لا يكون هناك اهتمام بالأصوات التى ترتقى للسماء؟».

أنا أهلاوى غير متعصب.. متزوج من بنت خالتى ولدىّ 3 بنات.. ومسيحيون يحضرون حفلاتى

ربما كان شكل «الهلباوى» لافتًا للأنظار، باعتباره «منشد مودرن»، يرتدى البنطلون والأزياء الحديثة، عن ذلك يقول: «محمود التهامى وغيره يقولون لى (البس العمة) فأقول لهم إن من يأتون لسماع الإنشاد يعرفون طريقهم، وذاهبون لسماع الإنشاد لا للنظر إلى ما أرتديه، بعكس من لا يعرفون عن الإنشاد شيئًا».
ويضيف: «أغلب من يأتوننى يرغب فى سماع أغنية (مرسال لحبيبتى) و(قل للمليحة)، وهم ليسوا من سميعة الإنشاد، وبالتالى أعتبر هذا المظهر نوعًا من الاستقطاب لأبناء هذا الجيل، وتربيتهم على سماع الأناشيد، لأنهم اليوم يسمعوننى وغدًا يبحثون عن الآخرين».
ويتابع: «ارتداء البنطلون والقميص يقربنى من الشباب، إذ يشعرون وقتها بأننى واحد منهم، ومثلهم، ولست شيخًا بالعِمة والقفطان»، معتبرًا أن «العمامة» هى لعالم اللغة والقرآن والحديث، مضيفًا: «أنا لست كذلك.. فأنا منشد ومغنٍ، فلماذا العمامة والجبة؟.. العمامة تضع حائلًا بينى وبين الشباب».
ويستكمل: «أحببت أن أكون إنسانًا عاديًا جدًا، فهل حين تؤدى صلاتك يُشترط جلباب وقفطان؟ فى النهاية، على الهلباوى صوت، حين يحب الله سيحب الله وحين يحب النبى أو وطنه أو آل بيته سيفعل ذلك».
وعن أغنية «مرسال لحبيبتى» تحديدًا يقول: «قدمت بعض الأغانى قبلها، لكنها اشتهرت بسرعة، وأظن أننى أختلف عن غيرى من المطربين الذين يغنون للحب وملامح الوجه، فلى لونى الخاص، بلا غرائز أو إثارة شهوات أو غيرهما. والإسلام دين طيب، والحب متاح، لكن بعفة ورؤية وانتقاء، فلذلك مشكلتى هى البحث عن كلمات تليق، ودون خدش حياء».
ويضيف: «هناك نوعية من الشباب استقطبتهم أغنية (مرسال لحبيبتى)، والبعض منهم لا يعرفون نبيًا أو دينًا. أنا أجمعهم: من يريد الغناء ومن يريد الإنشاد. أنشد أولًا ليستمعوا ويعرفوا ما هو الإنشاد، ثم أغنى (مرسال لحبيبتى) التى يحبونها، وسماعهم لها وما أنشده يشدهم إلى ذكر الله والنبى، ويجعلهم يبحثون عنى وعن الإنشاد فى بيوتهم. بالتالى أرى أننى أؤدى رسالة جميلة، وأكاد أقسم أن هناك مسيحيين يحضرون حفلاتى ويذكرون الله، أنا كسبتهم، وهم يتجاوبون معى تمامًا».
ثم قادنا الحديث مع «الهلباوى» إلى حياته الشخصية، فتابع: «أنا مشجع كروى للنادى الأهلى تحديدًا، لكننى لست متعصبًا، وأدرك تمامًا أن الكرة غالب ومغلوب. أنا أهلاوى حتى النخاع، لكننى لا أقل أدبى على أى أحد، وبصفة عامة لا أحرص على متابعة المباريات، وأكتفى فقط بمعرفة النتيجة».
تزوج «الشيخ على» من بنت خاله المولودة فى مسقط رأسه، ولديه منها ٣ بنات. ويقول: «لا أقدر على الاستغناء عن أهل بيتى أبدًا».

جمهور فرانكفورت صفق لى 5 دقائق متواصلة.. وأنسى نفسى على المسرح

عن الجمهور الأجنبى الذى يستمع لإنشاده وهو لا يفهم العربية، يقول «الهلباوى» إن مذيعة «مونت كارلو» ومديرة «الكونسرفتوار» سألتا والده: «كيف تتنقل بين المقامات الموسيقية دون آلات مصاحبة؟» فأجابهما: «وكيف تقبلتما هذا اللون من الإنشاد دون أن تدركا أو تفهما اللغة العربية؟». فردتا عليه: «لقد أخذتنا إلى عالم ندرك معناه ولا ندرك مداه، وعندما أنهيت عملك تركتنا على الأرض دون هوية». ويوضح: «الإحساس بالكلمة وتوظيفها باللحن فى الموطن الصحيح، يجعل ما يخرج من القلب يصل إلى القلب».
ويتذكر: «كنت أغنى فى أوبرا بمدينة فرانكفورت، وأحيى الجمهور، وبعدما انتهيت لم ينتهوا من التصفيق لمدة ٥ دقائق، وطالبونى بإعادة ما أنشدته. هم لا يفهمون ما أقول لكنه التجاوب».
ويضيف عن سبب تأثيره فى الجمهور لهذه الدرجة: «حين أصعد على المسرح، أتجرد تمامًا من على الهلباوى، أنا لا أرانى على المسرح، أتجرد منى تمامًا، وأكون مغايرًا لى، لا أشعر سوى بإحساس الكلمة التى أقولها وما تحمله من شحنة شعورية سواء فرحًا أو حزنًا أو شجنًا. وأحيانًا لا أرى الجمهور أو الفرقة، وأنسى كل شىء فى التو واللحظة، وحين أنزل من المسرح أرجع إلى (على)، حتى إننى أسأل أعضاء الفرقة أحيانًا: هل كنت جيدًا بما يكفى، لأننى لا أشعر بنفسى تمامًا على المسرح». أما عن أدائه لكل أنواع الغناء من نشيد وحضرة صوفية وغناء، فيوضح: «أغنى كل الأنواع حتى المونولوج، وألحن المونولوجات الجديدة، وهناك مونولوج اسمه (دوم) قدمته أوائل ٢٠١٨، وغنيت قبله (ليلى طال) و(صلى ع النبى) لشكوكو، بجانب أغنية جديدة اسمها (ضربة شمس) كتبها عمرو قطامش».
أما طقوسه قبل الإنشاد، فتتضمن إجراء «بروفات»: «كل منا يعمل ما عليه فيها، وأرمى حمولى على الله»، لافتًا إلى أنه فى إحدى حفلات الشاعر هشام الجخ، كان يصطاد سمكًا فى ساقية الصاوى، فجاءه هشام، وقال له: «عندنا حفل وإنت بتصطاد»، فقال له: «إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا».