رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. محمد بن سعود الجذلاني يكتب عن خاشقجي: مسرحية غبية لا تهزّ كيان دولة

محمد-بن-سعود
محمد-بن-سعود

من الحماقة أن يظنّ أحدٌ أن الضجة التى أحدثها الخصوم السياسيون للمملكة حول اختفاء مواطنها جمال خاشقجى تأتى لدوافع إنسانية أو حقوقية قانونية حزنًا أو حرصًا أو تعاطفًا مع شخص خاشقجي؛ إذ لم تكن قضية خاشقجى وحدها هى التى مارس فيها هؤلاء الخصوم خلط الأوراق، ولا افتعال الأحكام، وفبركة الوقائع لصناعة وترويج الأكاذيب فى صورة حقائق ثابتة.
وبمنطق العقل قبل القانون فإنه لا يمكن أن ينطلى على عاقل أو أن يصدّق فصول المسرحية التى أخرجها بغباء هؤلاء الخصوم والأعداء الحاقدون، التى تحاول إقناع العالم بأن دولةً كبرى ذات ثقل سياسى واقتصادى مؤثر، وذات سياسة واضحة، ومبادئ راسخة- يمكن أن تنزل إلى مستوى من الحماقة والبلطجية لتقتل مواطنها خاشقجى وفى داخل أروقة قنصليتها أيضًا!.
وإن المملكة التى لم يُسجّل التاريخ عليها يومًا أنها تعرضت بأى محاولات اعتداء غير قانونى على أى من معارضيها فى الخارج رغم بلوغهم أدنى درجات الخسة والحقارة فى حق وطنهم المملكة، وتناولهم لرموزها بأقذر أساليب الكلام التى تليق بعقولهم وأخلاقهم؛ أنها تتقصد الاعتداء على حياة مواطن جاء طواعية إلى قنصلية بلده طالبًا بعض خدماتها المستحقة له باعتباره مواطنًا، وهو يثق بأنه فى أكثر الأماكن أمانًا فى العالم، وأن هذه القنصلية هى ملجأه بعد الله إذا احتاج إلى الحماية.
إن لدى المملكة- وهى دولة الشريعة والقانون- من الأدوات والوسائل الشرعية ما يكفل لها ملاحقة أى مجرم أو مخالف لأنظمتها داخل حدودها أو خارجها، فليست بحاجة إلى التشبه بأساليب التنظيمات الإرهابية والحكومات المارقة التى يحفل سجلها بما لا يحصى من الانتهاكات القذرة للقوانين الدولية والحقوق الإنسانية.
أما بمنطق القانون فإن ما صاحب المسرحية من مظاهر إخراج غبى يكفى لإثبات حقيقة الجهة التى تقف وراء هذه الجريمة، ابتداءً بأول من بادروا بإعلان وقوعها قبل صدور أى إعلان من جهة رسمية، مرورا بالمبدأ القانونى الذى يفترض أن المستفيد من الجريمة يكون غالبًا أول المتهمين بارتكابها، وانتهاءً بما يحيط بهذه الواقعة من قرائن ومعلومات قد تقود التحقيقات مستقبلًا إلى أن الذى يقف وراء هذه الجريمة هم خصوم المملكة.
لقد أكّد جميع العقلاء من المتابعين لهذه الحادثة أن مستوى الضجة التى انطلقت فى وقت واحد، والتوظيف الخبيث للحدث، والتنظيم اللافت للنظر فى سرعته لردود الأفعال- تؤكد أن هؤلاء الأعداء الحمقى قد أعدّوا العدة وكانوا على أهبة الاستعداد لانطلاق فعاليات الردح الحزبى الحقير، بينما كانت طبيعة الأمور تفرض أن وقوع حادثة كهذه سيكون مفاجئا لهم كما كان مفاجئا لكل الأطراف؛ مما يدل على أن الطرف الذى انطلق فورا للردح والتفاعل لم يكن هذا الحدث أبدا مفاجئا له بل كان ينتظره وكان هو من حدّد توقيته.
كما أن مما يفضح حماقة هؤلاء الأعداء أنهم جميعا مرتبطون ارتباطا وثيقا فى أجندتهم وفى تمويلهم بنفس النظام الخبيث فى الدوحة، الذى سبق له منح شهادة الشرف والنزاهة للنظام الإيرانى الإرهابى بوصف إيران أنها دولة شريفة، رغم ما شهده العالم أجمع من انتهاكاتها فى ملفات حقوق الإنسان، وضربها بالمواثيق الدولية والأعراف السياسية عرض الحائط، وتصديرها الإرهاب ودعم منظماته فى كل العالم.
ثم يأتى أتباع ومرتزقة هذين النظامين القطرى والإيرانى ليتباكوا أمام العالم بزعم التعاطف والدفاع عن قضية المواطن السعودى جمال خاشقجى، وإعلان قتله ووصف طريقة القتل بكل حماقة، ثم التراجع وسحب رواياتهم الغبية بعد أن أدركوا كم كانوا حمقى ومغفلين فضحوا مخططاتهم بحماقاتهم.
إن دولة مثل المملكة التى وظّفت ثقلها السياسى وأدواتها القانونية للدفاع عن حقوق الإنسان فى العالم عامة وحقوق المواطن السعودى خاصة، لا تنتظر تقييما ولا شهادة، فضلا عن محاكمة يصدرها أنصار دولة علّقت لمواطنيها فى الداخل مشانق على أعمدة الرافعات، وسعت لزرع الحروب والفتن فى دول المنطقة، وصدّرت الإرهاب بكل أصنافه إلى دول العالم. وإن ما صدر من مواقف حول هذه القضية، عن حفنة المرتزقة وحثالة العربان من منتسبى التنظيمات الإرهابية الذين يوظفهم نظام الدوحة الغادر، ليعطى المملكة الحق فى تتبع هؤلاء جميعا بالملاحقة القانونية وفقًا للقوانين الدولية، والمطالبة بتحميلهم تبعات ما صدر عنهم من جرائم كذب وتدليس وافتراء، وتضليل للرأى العام، وخرق فاضح لميثاق الشرف الإعلامى، واعتداء على حقوق أسرة المواطن خاشقجى التى أكدت ثقتها بإجراءات دولته واستنكارها توظيف قضيته ضد وطنه.
ولئن كان جميع المواطنين السعوديين أظهروا مستوى عاليًا من المسئولية والوعى فى التعاطى مع هذه المسرحية المغرضة، وقاموا بما تعجز عنه أكبر وسائل الإعلام إمكانات، من التصدى لكل من حاول النيل من سمعة وطنهم، وفضح أساليب هؤلاء الأعداء وتتبع تاريخهم الأسود فى الكيد والإجرام؛ فإن هذا يجعلنا نثق تمام الثقة بأن وراء هذا الوطن الشامخ المملكة العربية السعودية شعبا يُعتمد عليه فى الملمات، ومواطنين يوثق بوعيهم وولائهم لوطنهم، سِلمًا لمن سالم الوطن، وحربًا على من حاربه.
حرس الله وطننا العزيز ومواطنيه وأهله والمقيمين على أرضه وأدام عليه الأمن والرخاء، آمين.

صحيفة "الرياض"