رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن الإقليمى.. أين العرب؟


فى تقرير صدر مؤخرًا عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الأمريكى، توقع الخبيران فى الشئون العسكرية، نداف بن جو الرائد فى الجيش الإسرائيلى، ومايكل إيزنشتات، أن التوترات المتزايدة على الحدود الشمالية لإسرائيل، تثير مخاوف من وقوع مواجهة بين إسرائيل وحزب الله، أو اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران فى سوريا.

التقرير أشار لما هو معلوم من تنفيذ إسرائيل منذ عام ٢٠١٣م، أكثر من ١٣٠ ضربة فى سوريا، ضد ما سمّته إسرائيل شحنات الأسلحة الموجهة لحزب الله، ثم تم توسيع هذه الضربات الإسرائيلية منذ عام ٢٠١٧م، لتشمل مواقع عسكرية سورية، قالت إسرائيل إنها مواقع إيرانية، وتوقع الخبيران أن العام المقبل ٢٠١٩م قد يكون عام الحرب، وحددا سيناريوهات مختلفة للحرب المحتملة وأطرافها، وهل ستكون على أرض سوريا فقط أم ستمتد إلى لبنان؟، وهل ستكون ضد حزب الله فقط فى لبنان، أم ستكون حربًا على أرض سوريا ضد حزب الله وإيران والجيش السورى؟، ولست منحازًا لأى من السيناريوهات أقرب للحدوث، لكن يبقى التساؤل الأهم: هل يمكن أن يكون للعرب دور فى صياغة معادلة جديدة للأمن الإقليمى فى المنطقة؟!، فإن إيران تدرى ماذا تريد، وبالطبع لها مشروع إقليمى يدفع فى اتجاه مختلف عن الرؤية الرسمية العربية، وغذى البعض تحويل صراع النفوذ السياسى هذا، إلى خلاف طائفى (سنى- شيعى)، ويبدو أن هذه الفكرة تلقى هوى الأطراف المتصارعة إقليميًا، وحتى بعض الأطراف الدولية، فكلما اشتعل الصراع الطائفى، غاب جوهر الصراع العربى مع إسرائيل حول القضية الفلسطينية، وحافظت إيران رغم العواصف على اتفاقها النووى أوروبيًا، رغم الانسحاب الأمريكى من الاتفاق، فقد ظهرت للعالم بمنطق الدولة العاقلة التى لا تنفعل رغم العصبية الهوجاء التى تصرف بها الرئيس الأمريكى ترامب، بإلغائه الاتفاق منفردًا من جانبه، وظهر للسطح الخلاف الأمريكى- الأوروبى، وتجلى فى خطابات بعض الدول الأوروبية من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول الاتفاق والقرار الأمريكى بإلغائه، وتعلم إسرائيل بالبلطجة أحيانًا، وبالدعم الأمريكى الأعمى أحيانًا أخرى، وبكليهما أغلب الوقت، ماذا تريد فى معادلات النفوذ فى المنطقة؟، لكن الطرف العربى الذى تدور معظم المعارك على أرضه، وبأطراف بالوكالة، يكون العربى آخر من يفكر فى خطورة التحولات الكبرى التى تجرى للمنطقة، فالبعض منهم غارق فى مشاكله الداخلية- وما أكثرها-، والآخر يستسهل الإغراق فى الصراع السنى- الشيعى طائفيًا، خوفًا من فتح باب الصراع السياسى مع إسرائيل حول قضية فلسطين، خاصة مع التحركات الأمريكية لفرض تصور ما أطلق عليه صفقة القرن، تنهى من خلالها القضية الفلسطينية نفسها، وتتلاشى فى تلك الصفقة، كل قضايا الوضع النهائى، فلا قدس ولا عودة لاجئين ولا وقف الاستيطان، والعالم لا يعترف إلا بتكتلات القوى، فأما العرب فتراهم كثرًا لكن قلوبهم شتى، رغم أن مصر وبكل ما تعانيه من هزات فى السنوات الأخيرة أول من أدرك أهمية التكتلات لحماية المصالح المشتركة عربيًا، فكانت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتأسيس قوة عربية مشتركة، إلا أن الفكرة على الرغم من وجاهتها فى تلك الظروف، لم تفضلها أطراف كثيرة، ولأسباب ليس من الصعب الآن تخمينها.