رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيت الشعر بالأقصر يحتفي بتجربة مجدي الجابري

بيت الشعر بالأقصر
بيت الشعر بالأقصر

نظم بيت الشعر بالأقصر، مساء الأربعاء، ندوة ثقافية للاحتفاء بتجربة الشاعر الراحل مجدي الجابري، والذي يعتبر أحد أهم رواد قصيدة العامية الجديدة في مصر.

واستضاف بيت الشعر الكاتبة صفاء عبد المنعم، زوجة الشاعر الراحل، وثلاثة من أصدقائه الشعراء المهتمين بالحركة الثقافية الذين عاصروا مشروعه الشعري في مراحل تشكله المختلفة وهم: محمود الحلواني، ومسعود شومان، ويسري حسان، فيما قدم الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر.

بدأت الأمسية بكلمة تحدث فيها القباحي عن اختيار بيت الشعر لتجربة مجدي الجابري لتكون موضع الحديث والاحتفاء، مؤكدًا على أن هذا الاختيار لم يكن بمحض الصدفة إنما جاء من أهمية ومكانة مجدي الجابري في تاريخ قصيدة العامية المصرية، بوصفه قائدًا لانحراف جمالي في خارطة شعر العامية المصرية.

ثم تحدثت الكاتبة صفاء عبد المنعم عن علاقتها الإنسانية بالشاعر مجدي الجابري، بداية من تعرفها عليه إلى زواجهما، وكيف أنه كان مهمومًا بالشعر، ويتخيل أنه وسيلة للمصالحة على العالم وتهذيب الكون، وكان يتعجب كيف لا يغير الشعر من الناس، كان يحاول الوصول إلى إجابات للأسئلة التي لم ولن تطرح، ولم يجد الإجابة ومات مأزومًا بعد أن كتب الكثير من القصائد التي برهنت على وجود شاعر حقيقي يمتلك وعيه الكامل بالشعر.

وقالت إن مجدي الجابري قبل أن يكتب الشعر كتب مسرحية بعنوان "جواز على ورق لحمة" وكان وقتها في كلية الزراعة بعين شمس، وكان من المفترض أن يقوم بدور فيها، وقبل العامية كتب تجارب بالفصحى لم تطبع وحدها، ولكنها صدرت في الأعمال الكاملة "ثرثرنا كثيرا" وهي أشعار باللغة العربية الفصحى تنتمي لشعر التفعيلة.

وبدأ الشاعر محمود الحلواني شهادته عن "الجابري" بقصيدة أهداها للشاعر للراحل، ثم تحدث عن تجربة "الجابري" وعن قلقه وولعه بالحركة، ولكن إلى أين لا يعرف؟ وبخاصة أنه آمن بأن الحياة "هنا والآن" أو كما قال في آخر دواوينه "الحياة مش بروفة" إنما هي العرض نفسه.

وتابع: لم يمكث مجدي الجابري أكثر مما تستغرقه الحركة في منطقة شعرية واحدة فكان يغادر سريعًا، بل كان يقفز بعد مرور متعجل وقبل أن يستريح جسده هنا والآن إلى مجهول آخر يتحول بدوره إلى هنا والآن قبل أن يغادر مجددًا، هل كان يعرف موعد الرحيل؟ فقرر أن يحرق المراحل كلها قبل أن يمضي؟ أم أن قدرا غامضًا كان يدفعه للمغادرة باستمرار حتى يتمكن من تجريب كل شيء بنفسه قبل أن يمضي.

وقال الشاعر يسري حسان في شهادته: "لم يكن مجدي الجابري فتوة ولا حاجة، ولكن مظهره الخارجي كان يوحي بالجدية الزائدة عن اللزوم، وأنا عمري ما حبيت الجد ولا الجدية ولا اللزوم، كنت أعرف مكانته كشاعر مجرب، وكذلك ثقافته العميقة، فإذا أضفنا إلى المكانة والثقافة تلك الجدية البادية على وجهه فهذا كفيل بتجنبه والتشطر على شعراء آخرين ما زالوا في بداياتهم الأولى".

ثم تابع: "المهم أني اكتشفت في مجدي الجابري إنسانًا في غاية الطيبة والبساطة والجمال، لكنه عند الشعر لا يعرف أباه، فهو حاد جدًا تجاه أي شعر رديء، وربما تجاه أي شعر يخالف ما يكتب، لكنه بمرور الوقت امتلك قدرا من المرونة ساعده على تقبل تجارب الآخرين بشرط أن تكون تجارب حقيقية، أما موقفه من الشعر الرديء فقد ظل كما هو وإن لم يجرح مقترفيه، يعني لم يكن فجًا في تعامله مع الشعراء النص نص، تعامل إنسانيًَا فقط، أما الشعر فلا وألف لا".

وقال الشاعر مسعود شومان إن "الجابري" يمثل ركيزة أساسية فى حركة شعر العامية على وجه العموم، وفى جيله على وجه أخص، بوصفه أحد كبار المجددين فى الشعر المصرى.

رحل مجدي الجابري عن عالمنا عام 1999 بعد معاناة مع مرض سرطان الرئة، مخلفا وراءه خمسة دواوين هى: أغسطس 1990 - بالظبط وكأنه حصل 1994- عيل بيصطاد الحواديت 1995- الحياة مش بروفة 1999 - طرطشات موجة حلم 2001، فضلا عن دراسة فولكلورية بعنوان حكايات شعبية 2000.

وتمثل تجربته الشعرية عينة دالة على جيل بكامله لأنها تلخص عدة مراوحات فى الكتابة الشعرية، بدايتها كانت مع المباشرة والقصيدة الموجهة التى ربما اقتربت من روح الزجل، وهى القصائد التى لم تظهر فى الدواوين المنشورة، ووسطها مع القصيدة التى تحفل بالمجاز والصور الشعرية المجردة ساعية للخروج من مأزق تبعية الشعري للسياسى، وآخرها كانت تجربته فى قصيدة النثر، هذه المراوحات جعلت من تجربته الشعرية من أكثر التجارب إثارة للمشاكل، بل وتعرضت للاتهامات السائدة بلا أدلة نقدية تدلل على ما تقول.