رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإهمال الذى استشرى فى حياتنا


يد الإهمال تضرب فى كل المواقع فى بلدنا، ولا بد من وقفة من خلال تنظيم وتطبيق القوانين، حتى لا يصبح سلوكًا يوميًا وعاديًا للمصريين، خاصة أنه ينتج عنه ضحايا أبرياء من المواطنين الشرفاء، فلقد أصبحنا نفتقد الجودة المطلوبة فى كثير من الخدمات والممارسات وفى كثير من المؤسسات والمواقع.

إننى أدرك تمامًا أننا أمام تراكمات سنوات طويلة وليس نتيجة ممارسات سنة أو سنتين، لكن يمكننى القول إننا منذ سبع سنوات، نتيجة مخططات شيطانية وممارسات ممنهجة، نجد أن الأحوال قد تحولت إلى ممارسات ضارة ومروعة نشهدها كثيرًا فى حياتنا اليومية، ووجد البعض فى الفوضى ما يريحهم بدلًا من الإتقان والاجتهاد فى العمل أو حتى القيام بالعمل على الوجه الصحيح.. وخلال الأيام الأخيرة وجدنا الإهمال يصل إلى حد وفاة ٣ مواطنين بمستشفى ديرب نجم بالشرقية أثناء عملية غسيل كلوى، بالإضافة إلى مرضى آخرين انتقلوا للعلاج فى مستشفيات أخرى لتدهور حالاتهم أثناء الغسيل الكلوى بالمستشفى نفسه.. إن هذه الواقعة الأليمة تدل على وجود إهمال جسيم فى مراجعة حالة الأجهزة، ومراقبة العلاج للمريض حتى يتم علاجه.. وأيًا كانت التحقيقات، فإن ما حدث يعكس إهمالًا جسيمًا استشرى فى المستشفيات الحكومية من عدة أطراف وليس من طرف واحد، والنتيجة كارثية كما رأينا.

وقد رأينا أيضًا كارثة تصادم قطار بالمنوفية، ما أسفر عنه ضحايا أبرياء نتيجة إهمال السائق.. ومن قبل ذلك حوادث مروّعة بخروج قطارات عن مسارها، مسببة ضحايا لا حول لهم ولا قوة.. وفى كل يوم تشهد الطرق السريعة حوادث طرق مروّعة ومميتة، حتى إننا أطلقنا خلال هذا الصيف على طريق مرسى مطروح والساحل الشمالى طريق الموت، الذى يشهد فوضى عارمة من سائقى النقل واللوارى، الذين يسيرون بأقصى سرعة جنونية ويقطعون الطريق بالعرض، ما يؤدى إلى حوادث مروّعة، وما زالت طرقنا السريعة فى أمسّ الحاجة إلى دوريات مرورية لمراقبتها وتطبيق القانون على المخالفين.. لدينا طرق مهمة ومحورية لا تجد فيها دوريات مرورية أبدًا.
وهناك مبانٍ مخالفة تمت تعليتها، حيث أصبحت تهدد سكان العقارات وتشكل تحديًا صارخًا لسلطة الدولة وتعكس فسادًا فى المحليات، وللأسف لا تزال متروكة دون إزالة، وكثير منها تم بناؤه بعد الفوضى التى انتشرت كسلوك عام منذ يناير ٢٠١١.. إن من بين ما نعرفه أيضًا أن هناك خلايا نائمة فى المؤسسات الكبرى، وبعضها فى قطاعات حيوية.. نعلم أيضًا أن عملية تطهير المؤسسات من الخلايا النائمة لم تتم بعد، وهناك من يقوم بالإهمال المتعمد ضد المواطنين حتى تحدث فجوة بين الحكومة والمواطنين.. ففى قطاع الكهرباء، مثلًا، يقوم البعض متعمدًا بالمغالاة فى تقدير استهلاك الكهرباء فى كثير من المناطق والعقارات، وإذا تقدم المواطن بشكوى فلا مجيب ولا مجال للتراجع فى الفواتير المرتفعة بشكل أكثر من جنونى، ومما لا تقدر عليه ميزانية الأسر المصرية المتوسطة وفوق المتوسطة.. وهناك أيضًا إهمال واضح فى التعامل مع الجمهور فى كثير من المكاتب الحكومية والمستشفيات الحكومية التى وظيفتها الأساسية خدمة المواطنين.. كما امتدت يد الإهمال إلى المدارس الحكومية التى يعانى الكثير منها من القِدم والتصدع.. وتجد منتهى الإهمال فى تعامل المدرس مع التلاميذ، ما يستدعى متابعة من مسئولى الوزارة.

من ناحية أخرى، فإن يد الإهمال قد استشرت فى مبنى ماسبيرو إلى حد يرثى له، سواء فى الاستديوهات أو قاعات الضيوف أو الممرات والمكاتب لصغار العاملين، ما يستدعى نظرة متابعة من الدولة لهذا المبنى المتهالك، فستجد أنه قد أصبح بقايا مبنى عريق كان يؤدى دورًا مهمًا للدولة ذات يوم، وأصبح التعيين فيه بالواسطة وليس بالكفاءة أو الخبرة.. وفى الإسكندرية، التى كانت عروس البحر المتوسط، امتدت يد الإهمال بشكل واضح للعيان فى الشوارع والشواطئ، وهى تعانى من الزحام والتكدس وكثرة القمامة، مثل قاهرة المعز.
إننا فى حاجة إلى استعادة النظام فى حياتنا والارتقاء بسلوكياتنا، وتطبيق القوانين على المخالفين، ونفض يد الإهمال التى امتدت إلى كثير من مجالات حيوية فى بلدنا.. من الضرورى أن نعمل على تفعيل القوانين، والحرص على الأمانة فى ممارسة أعمالنا.. أما الذين يتعمدون الإهمال فى الأرواح، وتخريب المؤسسات، وزرع الفوضى فى الشوارع والسلوكيات، فلا بد من التصدى لهم بتطبيق دولة القانون.