رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حدث غدًا.. قصة مسرحية بخط يد الإذاعى أحمد سعيد

أحمد سعيد
أحمد سعيد

ما أذكره جيدا أن هذه المسرحية النادرة أعطاها لى أستاذى الناقد الكبير رجاء النقاش رحمه الله، كان الزمان هو نهايات التسعينيات، وعرفت منه أن الإذاعى الشهير أحمد سعيد أرسلها إليه، طالبا أن يقرأها ويُقيّمها وإذا أعجبته سيكون ممتنا لو كتب لها مقدمة عند طباعتها فى كتاب، وتاهت المسرحية وسط أكداس الأوراق والملفات على مكتب رجاء النقاش، وبذل جهدا ووقتا فى البحث عنها حتى وجدها، وظنا أننى أكثر منه تنظيما وترتيبا وجدته يناولها لى مُقررا: خذها اقرأها وقل لى ماذا فهمت منها وخليها عندك حتى أطلبها منك!.
ولكن رجاء النقاش لم يطلبها، ومرت سنون نسيها هو ونسيتها، والحق أننى لم أقرأها فى حينها، وتاهت منى بعد أن أصابتنى عدوى الفوضى وتكدست عندى الأوراق والملفات.. وحدث أننى اقتربت من أحمد سعيد وحاورته مرارا واكتسبت ثقته، وفى واحد من لقاءاتنا ذكرته بالمسرحية، التى أرسلها قبل سنوات لرجاء النقاش، واعترفت له أننى احتفظت بنصها، فكان غاية فى اللطف وطلب منى هو الآخر أن أقرأها وأقول رأيى فيها بصراحة، وهل لا يزال النص صالحا للنشر أو للتمثيل على خشبة المسرح؟
وجاءت الاضطرابات السياسية بعد يناير ٢٠١١ لتؤجل كل المشروعات، فلم يكن هناك صوت يعلو فوق صوت السياسة، وفى فترة صعود الإخوان لم يتورعوا عن تصفية حساباتهم القديمة مع عبدالناصر وزمنه، وطالت اتهاماتهم أحمد سعيد وفتحوا له ملف التنظيم الطليعى والتقارير السرية، التى كان أعضاؤه يكتبونها فى بعضهم البعض، وحينها أجريت حوارا مطولا مع أحمد سعيد، وكان ممتنا أن كلامه نُشر بأمانة وكاملا فى مجلة تخضع لرئاسة وزير إعلام الإخوان.
وظلت الاتصالات مع الرجل ممتدة لآخر أيامه، وفى الاتصال الأخير جاءنى صوته واهنا، لم يكن هو الصوت الذى طالما زلزل العالم العربى وأسقط وزارات وأشعل مظاهرات وهز عواصم وعروشًا، كان المرض قد تمكن منه ونشب مخالبه فى جسده واستنزف معاشه فى مصاريف العلاج، ومنعه كبرياؤه أن يتصل بمسئول يطلب علاجا على نفقة الدولة.. وكان يستحقه بجدارة.
رحل أحمد سعيد فى شهر رمضان والناس مشغولة بمسلسلاته وبمباريات المونديال، فلم ينل ما يستحقه من تكريم واهتمام يليق بأشهر مذيع عربى، بلغ من الأهمية والتأثير أن الناس قرنت اسمه بأجهزة الراديو فصارت «صندوق أحمد سعيد»..
تحتاج سيرة الرجل لقراءة دوره لإعادة التقييم، وتاريخه لإعادة الاعتبار، ونظن أننا نقوم بذلك عندما نكشف هذا الجانب المجهول من شخصية أحمد سعيد.. جانب المبدع، فلا بد أن كثيرين سيشعرون بالدهشة عندما يقرأون هذا النص المسرحى الذى كتبه المذيع الشهير قبل نحو ربع قرن وننشره لأول مرة.

كتبها بعد الغزو الأمريكى للعراق.. مكونة من
٣ فصول.. والمؤلف: «هدفنا أن نميتكم من الضحك»

المسرحية عنوانها (حدث غدا)، وسجلها أحمد سعيد فى الشهر العقارى بمكتب قصر النيل تحت رقم ٢٨٩٢٧٠٨، وهى مكونة من ثلاثة فصول مجموعها ١٠٨ ورقات من القطع الكبير، ومكتوبة على آلة كاتبة قديمة، والواضح أن أحمد سعيد كتبها بعد الغزو الأمريكى السافر للعراق ومن وحيه، وهو ما يظهر فى مشهد المحاكمة الهزلى لإحدى شخصيات المسرحية (مخيمر آل كابونى) ولا تجد صعوبة فى إدراك تأثره بوقائع محاكمة صدام حسين، والاختلاف الوحيد أن المحكمة حكمت على الرئيس العراقى بالإعدام شنقا ونفذت الحكم، أما بطل مسرحية أحمد سعيد فحكموا عليه بالإعدام أيضا لكن مع وقف التنفيذ!.
(حدث غدا) تناقش فى الظاهر قضية التقدم العلمى المذهل ونجاح العلماء فى فك الخريطة الجينية للإنسان وتمكنهم من استنساخ أنواع سوبر من البشر سرعان ما يتحولون إلى كارثة على البشرية والأحداث تقع بعد مليون سنة من الآن، وفى أجواء من الخيال العلمى المختلط بالفانتازيا، لكنك سرعان ما تكتشف أنه مجرد ستار خادع، وأن كل الوقائع والشخصيات هى إسقاط على واقع نعيشه وشخصيات نعرفها وقضايا نغرق فيها.
ومن المهم هنا أن نشير إلى أن أحمد سعيد كتب مقدمة لمسرحيته لتكون خارطة طريق لقارئها توضح أهدافها وتكشف الخطوط الرئيسية لأفكارها وتلقى الضوء أو قليلًا منه على مراميها.. ومن المفيد أن نقرأ المقدمة كما كتبها الإذاعى الشهير بقلمه وأسلوبه وبلاغته تحت عنوان «كلمة يجب أن تقال»:
«أنت وأنا.. جمعنا كلنا.. تحدد سلوكنا وأمراضنا ومنعطفات حياتنا جُزئيات متناهية الصغر تتواجد فى خلايا كل كائن حى، ففى سنة ١٨٦٠ وعلى يد عالم النباتات النمساوى جريجور مندل عرف البشر جُزىء الخلية الحامل للحياة ولشفراتها الوراثية، ومنذ سنة ١٩٧٣ وبعد سلسلة من التجارب، أمكن للعلماء التعرف على العديد من أسرار هذا الُجزىء وأن يمسكوا به ويعزلوه، وكذلك يقصوا قطعة منه ويولجوها مع قطعة أخرى فى جُزىء آخر فاتحين بهذا التطعيم عالما لا يعرف الحدود لقدرات علمية وتخليقية متصاعدة..
وفى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين يتسرب إلى سمع البشر دوى تقرير علمى منسوب لاثنين من أعظم علماء البيولوجيا الجزئية (روبرت سنسهايمر وتشارلز دى ليزى) يعلنان فيه لأول مرة فى التاريخ أن الإنسان – وقد وضع يده على سر وجوده ونمائه ومسيرته فى الحياة- أصبح يمتلك القدرة المتزايدة على صناعة إنسان جديد فائق القدرات، وهو الحلم الذى طالما راود الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال أفلاطون والفارابى وفرانسيس جالتون ووارين ريفر..
وقد استلهمت هذه المسرحية شخوصها وأحداثها من هذه النجاحات العلمية التخليقية الباهرة وفى يقينى- من استقراء لما وهبه الخالق فى خليفته الإنسان وما يجرى تحقيقه من إنجازات علمية مهيمنة- أن هذه المسرحية ليست خيالا علميا بالمفهوم الضيق للاصطلاح بقدر ما هى تأريخ لحدث وقع غدا ويتكرر وقوعه دوما بعد كل غد.
ففى يوم غير بعيد سيعيش الخلق فى الكون جميع الأحداث التى تؤرخ لها أو تنكأ شخوصها هذه المسرحية.. فقط: أرجو قبل معايشة أشخاص هذه المسرحية أن تلموا بالنظام الذى رأيته حاكما للكون غدا وبعد غد.. إنه ليس النظام الحاكم اليوم للخلق باسم عولمة التحالفات المشبوهة بين عصابات المال والسلاح والطاقة والصناعة والتجارة ومافيا الجريمة المنظمة.. ذلك أن المسرحية تبشر بنظام آخر قام على ثورة علمية شملت الكون وسيطرت عليه..
ففى رؤيتى أن العلماء والمخترعين قد اكتشفوا أن السياسيين والاقتصاديين ونفرًا من العسكريين يتحكمون بنتائج الإبداع العلمى فى الأرض وما عليها من خلق وما حولها من فضاء، مستأثرين لأنفسهم بأغلب الثروات والسلطات قهرا للشعوب وغصبا للحقوق وخداعا بالإعلام وإفسادا بالأخلاق، وفى تدبير تكنولوجى ساحق ينجح العلماء والمخترعون فى تصفية أنظمة الحكم القائمة على التحالف بين مافيا السياسيين والاحتكاريين وإقامة حكومة العلماء الكونية التى تفرض نفسها بجبروت علمى متجدد خارق تسود به الأرض وما غزاه العلم من كواكب الفضاء..
وفى ظل هذا الحكم الكاسح للعلماء تجرى أحداث هذه المسرحية سعيا وراء أمل جاد رغم سخريته، أرجو به إجابة عن السؤال القديم الجديد: هل يمكن أن يختلف حكم العلماء والمخترعين عن حكم عصابات السياسيين والمحتكرين؟.. أو بكلمات أكثر وضوحا وتحديدا: هل يتحرر الإنسان يوما فى ظل أى نظام من حياة قائمة على الأنا والغل والكبر والقهر؟.. لقد بدا لى دوما أنه لا يوجد غير جواب صحيح واحد على السؤال: أنه لن يتحرر الإنسان من شرور الأنا وحقدها وكل آثامها إلا عندما ينتهى بالموت كل إنسان..».
ثم يختتم أحمد سعيد مقدمته الطويلة قائلا: وهذه المسرحية مجرد محاولة لإبادة كل شر تعرفه الأرض.. تتساءلون: وكيف؟!.. بأن نميتكم من الضحك على أخلاق الإنسان وكل ما يبدعه أو يفسده هذا الإنسان.. بهذا وحده- الموت – قد يتحقق الهدف النبيل.. فبموت البشر تنفق الأنا ويتبدد الغل ويُقبر الغضب وينتهى كل عدوان.. أدعو الله أن نضحك جميعا.. وأن نموت معا من الضحك».

العمل يطرح رؤية للعالم إذا سيطرت عليه أمريكا بشكل كامل
المسرحية فى قراءتها الأولى الظاهرية تحكى عن مجلس إدارة العالم (ليكون أحمد سعيد أول من تنبأ بهذا المجلس وتكلم عنه وقبل أن نسمع عنه لأول مرة منذ شهور)، يرأسه البروفيسور (أو البروف كما اشتهر)، حاكم حكام العالم وأكبر علماء الأرض والمسيطر والمهيمن على السلطات فيها، لا يحتمل نقدا ولا معارضة، وتزعجه الأخبار التى ترده عن احتجاجات ومظاهرات ضده ومطالب يجاهر بها العمال والفلاحون، فيقرر أن يمنع التمرد والاحتجاج والعصيان فى العالم كله من خلال اختراع إنسان فائق القدرة (فلتة) يكون خلاصة أعظم الجينات والخصائص البشرية، «مخلوق جديد لا يهش ولا ينش من غير إذنى، عقله مربوط بعقلى وفكره محكوم بفكرى، يكون فى عينيه جهاز يقذف نظرة مشعة تشل أى عقل متمرد عن التفكير فى واحد من مليون من التريليون من الثانية حتى لو كان العقل المتمرد فى كوكب بالفضاء على بعد ملايين السنوات الضوئية».
وينجح (البروف) بمساعدة ابنته الفاتنة (هلما) وخطيبها العالم الشاب (مخيمر آل كابونى) فى اختراع (فلتة)، كنموذج مبهر للكائنات البشرية المهجنة، لكن الغرور سرعان ما يركب (فلتة) فيدبر لمؤامرة يقتل فيها صانعه (البروف) ويتهم مساعده ظلما بارتكاب الجريمة ويتزوج من (هلما) ليصبح سيدا للعالم وحاكما بأمره.. لكن وزير داخليته (وطواط) وهو سوبرمان آخر يتولى مهام الأمن تعجبه لعبة السلطة فيطيح بـ(فلتة) ويتولى هو إدارة العالم.. هنا يشعر البشر الحقيقيون بالخطر ويحاولون استعادة السلطة من (المستنسخين والآليين والبزرميط).
هذه هى الحدوتة، لكن القراءة المتعمقة للمسرحية تقول إن لها أبعادا أخرى أبعد وأخطر، فالمؤلف يطرح من خلالها رؤية سياسية للعالم فى حال ما إذا سيطرت عليه الرأسمالية المتوحشة بقيادة الولايات المتحدة، وشخصية (البروف) تشير بشكل ما إلى أمريكا بكل سطوتها وجبروتها، ومجلس إدارة العالم الذى ترأسه وتتحكم فيه يضم كل القوى التى نجحت أمريكا فى إخضاعها لسيطرتها، فيمكنك أن ترى إسرائيل فى شخصية (ليزرون) «المتعافى اللى بيسوى الهوايل»، وأن تلمح ألمانيا فى شخصية (ناخت) بكل ما يحمله من إعجاب لشخصية هتلر، أما (ابن دينار) فهو رمز للعربى الخانع المغلوب على أمره المستسلم لقوة (البروف) وسطوته، ولن تجد جهدا فى تفسير شخصية (كانديلا) الإفريقى الأسمر، و(ماو) الذى هو رمز للصين.. واضح طبعا.

النص يخترق تابوهات السياسة والجنس والدين.. يجسد محاكمة صدام حسين.. ويشهد حضورًا لـ«أحمد زويل»
فى المسرحية يخترق أحمد سعيد التابوهات الثلاثة جميعا: السياسة والجنس والدين.. حتى وإن حاول أن يضللك عنها بتلك الأجواء الخيالية.. فمن بين السطور وفوقها يمكنك أن تقرأ هجومه اللاذع على الهيمنة الأمريكية على العالم بقيمها الرأسمالية المتوحشة، حيث التحالف بين مافيا السياسة والمال والسلاح والمخدرات، وحيث المصالح والمكاسب تعلو على الأخلاق والضمير، وحيث لا مكان للفقراء والضعفاء.. فالعالم ينقسم إلى ذئاب وغنم.. حيات وحمام!.
وفى مشهد المحاكمة الهزلية التى عقدها (فلتة) ليتخلص فيها من خصمه وغريمه (مخيمر) ستجد ذهنك يذهب مباشرة إلى محاكمة الأمريكان الهزلية لصدام حسين، أراد أحمد سعيد أن يسخر منها فاخترع فى المسرحية مخرجا للمحاكمة ليقول إنها مجرد تمثيلية، كل شىء محدد فيها سلفا من أول الشهود إلى الحكم بالإعدام.. كانت محكمة أحمد سعيد أكثر خيالا وهزلا، حتى إنه جعل من (فلتة) الحاكم الجديد للعالم وخصم المتهم هو نفسه قاضى قضاة المحكمة.. الخصم والحكم، ليقول إن هذه هى العدالة على الطريقة الأمريكية!.
وتمتلئ المسرحية كذلك بمشاهد وإيحاءات جنسية مباشرة وصادمة، منها مثلا المشهد الذى تشكو فيه (هلما) لوالدها (البروف) من «عجز» اختراعه الجديد (فلتة)، وكان (البروف) يوفر له كل السبل والتجارب المعملية لينجب من ابنته ليبدأ اختراعه الجديد السوبر سوبر مان فى الانتشار والسيطرة ويحل محل الإنسان الطبيعى.. وأنقل هذا المقطع من المسرحية:
البروف: هيه.. وعمل إيه؟
هلما: (بضيق شديد) ولا حاجة.. إدانى ضهره وهز كتفه كده (تهز كتفها فى لا مبالاة).
البروف: مش معقول الكلام ده يا هلما.. لازم ردود فعله العاطفية تكون أقوى.. ده أنا زارع جواه نويات خلايا حاملة صفات تخصيب أقوى تريليون مرة من هرمونات جينات التخصيب عند ذكر القرد (وولى) بتاع الأمازون اللى كل لما يشوف قردة إلا ويفضل وراها لغاية ما تخلف منه قردين تلاتة!.
هلما: قربت منه.. لزقت فيه.. حطيت صدرى فى وشه.. قلت يشم البارفان إياه فلام دى ديزير.
البروف: (مكملا باهتمام) لهب الشهوة.. ده العطر المعتمد فى كل ليلة دخلة.. أكيد أول ما شمه مخلوط بعرق صدرك أخذك على طول فى حضنه.
هلما: (فى غضب وأسف) يا حسرة.. ده حط وشه فى الأرض.
البروف: (مستنكرا) ده أنا مركب فيه جينات أنف كلب ألاسكا الماموت اللى تجذبه ريحة أى إنسان أو حيوان حى ولو كان مدفون تحت خمسميت متر جليد.
هلما: قلت له مكسوف يا جميل.. تصور أن الندل الجبان يقول لى يا سم.
البروف: (يضرب كفا بكف دهشة وأسفا) مش معقول.. مش معقول.
هلما: لزقت أكتر.
البروف: (فى شوق) هيه
هلما: نزلت حمالة المايوه
البروف: (فى شوق) هيه.. هيه
هلما: نزلت الحمالة التانية
البروف: (فى شوق متزايد) هيه هيه هيه
هلما: (فى أسف وحنق ودق الأرض بحذائها) اتنطر بعيد (باكية).
البروف: (تبرق عيناه فجأة) بس؟
هلما: تفتكر يا بابى (بحياء نوعا) بعد كل ده (بحياء أكثر) ممكن يحصل؟.
البروف: من كل بد يا هلما.. دى معادلة علمية ما تعرفش العبث.. أسباب لا بد تفرز نتايجها.. تمام زى البيضة.. لو لقحتيها ودفنتيها لازم تطلع كتكوت.
هلما: بس أنا فى آخر لقانا عملت له عرض إستربتيز.
البروف: قلعتى له حتى المايوه ده؟
هلما: (تشير بما يفيد عريها الكامل)
البروف: (باهتمام) وعمل إيه؟
هلما: طق منه شرار وهوه بيصرخ.. زى اللى لمسته كهربا بتاعة مليون فولت ضغط عالى.
البروف: (مبتهجا) وجايه تقولى لى ده لوح تلج.. المعجزة ح تحصل خلاص!
وبنفس الجرأة يكتب أحمد سعيد عن الدين، فهو يعتبر أن العلماء الذين نجحوا فى فك الشفرة الجينية للإنسان هم الأنبياء الجدد وأولياء من أصحاب الكرامات.. وأنقل هذا الحوار بين (البروفيسور) ومساعده (مخيمر آل كابونى):
البروف: (يتقدم صوب كابونى فى غضب هائل وهو يرفع ذراعيه فى اتجاه عنق كابونى)
كابونى: (متراجعا بظهره وهو يتحسس مسدسه) روّق أمال وصلى على أولياء الجينات سيدنا ميندل وسيدنا واطسون وسيدنا جربيند فورانا.
البروف: (يرمق حركة كابونى فى قلق ويتوقف عن مهاجمته وهو يختلس نظرة إلى حامل مسدساته الإلكترونية فوق المكتب) عليهم ألف صلاة وسلام.
كابونى: وكمان صلى على ولى الفيمتو سيدنا زويل.
البروف: (بضيق) عليك ألف صلاة يا سيدى زويل.
كابونى: وزيد الصلاة على صاحب الكرامة بتاعة الجزئية البيولوجية والجينوم الأمثل روبرت فاينبرج.
البروف: (منفجرا) أزيد فاينبرج صلاة يا ابن ستين كابونى!.
ويأتى ذكر زويل فى أكثر من موضع فى المسرحية، كما تتضمن فصولها آيات من التوراة والإنجيل والقرآن، بل يختتمها بالآية القرآنية التى يرى أنها القانون الإلهى لما يحدث فى الكون من صراعات: «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا».