رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حروب الغاز


تظل قضية الغاز هى المحرض الأكبر، والدافع لكل الحروب فى المنطقة العربية. كانت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران بسبب ظهور صدام وآية الله الخمينى معا فى توقيت واحد، وهو ما جعل كلا منهما يحاول أن يكون بمفرده على الساحة، ولما حسم صدام حسين المعركة بإيعاز من أمريكا، شعر بالغرور، وسال لعابه على الغاز الكويتى والمال السعودى.
حاول صدام أن يظهر بمظهر بلطجى المنطقة، ويفرض الإتاوات على حكومات الخليج، فتغاضت الولايات المتحدة الأمريكية عن تحرشه بالكويت، بل سهلت له الأمر، وأرسلت له سفيرتها بمهمة خاصة جدا، وهى أنها ستتغاضى عن معاركه مع الكويت وستعتبرها شأنا داخليا. وبعد أسبوع كان صدام حسين يحتل الكويت، وتدخلت الدول الكبرى، والدول العربية تناشده الجلاء عن الكويت، ولكنه رفض، وكانت أمريكا فى ذلك تدرب قواتها للحرب فى الصحراء الأمريكية فى جبال نيفادا، التى تشبه الصحراء الخليجية، بقيادة الجنرال شوارتسكوف. وبعد أن اكتملت عملية التدريب، بدأت فى مرحلة استفزازه، لينسحب، كانت أمريكا تفهم عقلية صدام حسين العنيدة، ثم أكملت تحالفها بقوات من الدول العربية، وبدأت الحرب عليه فى فبراير ١٩٩٠.
كان الهدف هو التواجد فى المنطقة لحماية حقول الغاز فى السعودية والخليج وهيمنة الشركات الأمريكية على الغاز فى تلك المنطقة. ثم بدأت تظهر حقول غاز جديدة بالقرب من سواحل سوريا ولبنان، وأعلن أن سوريا ستصبح ثالث دولة فى إنتاج الغاز، وهو ما جعل أمريكا تسارع بالتدخل لإنهاء المشكلة السورية ويبدأ العمل باستخراج الغاز السورى، وعندها ستصبح سوريا واحدة من أفضل دول المنطقة اقتصاديا. وفى ظل حكومات سورية جديدة مثل حكومات العراق التى أعقبت الغزو، ستتمكن الشركات الأمريكية من الحصول على الغاز. كان الصراع على الغاز والبترول فى شرقى البحر الأبيض المتوسط، قد بدأ خفيًا منذ عام ١٩٦٦، عندما اكتشفت سفن أبحاثٍ بريطانية حقولًا للغاز فى جبل إراتوسثينس، ثم جاءت الولايات المتحدة وروسيا بين عامى ١٩٧٧ و٢٠٠٣، لتؤكد أنّ الغاز فى شرقى المتوسط يمتدُ من شواطئ اللاذقية إلى غربى مصر، فى جبل إراتوسثينس الممتد تحت مياه المتوسط، اعتبارًا من جرف اللاذقية إلى شمالى دمياط بـ١٨٠ كلم!!، ثم شاركت إسرائيل عام ١٩٩٧ البحث، بعدما نشرت شرقى المتوسط «مجسّات إلكترونية». كانت الحجة دائمًا هى السلاح النووى الإيرانى، لإبعادها عن المنطقة، وكانت تستفزها لتبدأ حربا كلامية يقودها ملالى حزب الله وإيران لإظهار نواياهم لإبادة إسرائيل، وهو ما يبرر الحرب عليها، ومنعها من الوصول لمنطقة المتوسط، لإبعادها عن مناطق الغاز. ونجحت التجارب الأولية، التى أجرتها سفينة أبحاث أمريكية، فى ١٧ أغسطس ٢٠١٠ فى اكتشاف واحد من أكبر حقول احتياطى الغاز فى العالم، يقع شرقى المتوسط، وهو حقل «لفيتان» العملاق للغاز باحتياطى قدره ٢٣ تريليون قدم مكعب!!، رغم أنّ إسرائيل سطت على مياه لبنان ومصر، لكن يبقى نصيب سوريا ولبنان ومصر أكبر من نصيبها. وتم حرمان تركيا من الوصول لتلك الحقول البعيدة عنها، مع العلم أن شواطئ تركيا خالية تماما من الغاز، عند ذلك بدأت المؤامرة فى استغلال الجو الثورى الذى أحدثه الربيع العربى من أجل أن تشتعل الحرب فى سوريا بين الشيعة والسنة، وكان تنظيم الدولة الإسلامية جاهزا للقيام بالمهمة، كتنظيم سنى، ودخلت إيران وحزب الله إلى جانب سوريا، كان التدخل التركى بحجة منع الأكراد من تكوين دولة بجوارهم. إنها نفس الأسباب التقليدية للحروب على الغاز.