رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس النواب وقانون الحق فى العمل


يناقش مجلس النواب هذا الأسبوع قانون العمل الذى يمس ٢٤ مليون عامل يعملون فى القطاع الخاص فى ٤ ملايين منشأة، منها ٢ مليون و٤٠٠ ألف منشأة رسمية، يعمل بها ١٨ مليون عامل، ومليون و٦٠٠ ألف منشأة فى القطاع غير الرسمى فيها ٦ ملايين عامل، ويسهم القطاع الخاص بشقيه الرسمى وغير الرسمى بـ٧٠ ٪ من الناتج المحلى الإجمالى.
ومن هنا تبرز أهمية قانون العمل الذى ينظم العلاقة بين أصحاب الأعمال والعمال، ومن المعروف أن العامل هو العنصر الأضعف فى هذه العلاقة، ولا بد من حمايته ووضع قانون عادل يحقق مصلحة العمال وأصحاب العمل حتى تستقر المنظومة الاقتصادية والتنمية والنمو المنشود، قانون يحقق الأمان الوظيفى والأجر العادل والعمل المناسب، كما ينص الدستور، وتنص جميع الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التى وقَّعت عليها مصر وملتزمة بها.
وتنص كل الاتفاقيات الخاصة بالعمال ومواد الدستور المصرى الذى أقسم عليه أعضاء وعضوات مجلس النواب وأعضاء السلطة التنفيذية على أنه لكل فرد الحق فى العمل، ويعد الحق فى العمل أساسًا لإعمال حقوق الإنسان والتمتع بحياة كريمة (وهذا ما طالبت به ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية) ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لكل فرد لكسب رزقه عن طريق عمل مناسب وكريم يختاره، والتزام الدولة بتوفير فرص العمل وتقديم التوجيه فى مجال التعليم المهنى والفنى، كما تلتزم الدولة بكفالة الأجور العادلة واحترام مبدأ الأجر المتساوى عن العمل المتساوى القيمة مع ضمان حصول العمال على حد أدنى للأجور يكفى الاحتياجات الأساسية والضرورية للعامل وأسرته، ولا بد من توافر ظروف عمل آمنة وصحية مع تحديد ساعات العمل والراحة والحصول على إجازات مدفوعة الأجر. كما تنص أيضًا المواد التى تشملها هذه المعاهدات على حق العمال فى ممارسة المفاوضة الجماعية من أجل تحسين ظروف العمل وتحسين مستوى معيشتهم، ويرتبط ذلك بحق العمال فى تكوين نقاباتهم المدافعة عن مصالحهم وحق الإضراب السلمى.. وإذا انتقلنا إلى المواد الدستورية التى تؤكد هذه الحقوق:
■ المادة ١٢ «العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة. ولا يجوز إلزام أى مواطن بالعمل جبرًا، إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة لمدة محددة وبمقابل عادل، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل».
■ المادة ١٣ «تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية وتكفل سبل التفاوض الجماعى، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويحظر فصلهم تعسفيًا».
■ المادة ٢٧ «يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيًا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر، وفقًا للقانون».
■ المادة ٤٢ «يكون للعاملين نصيب فى إدارة المشروعات وفى أرباحها، ويلتزمون بتنمية الإنتاج وتنفيذ الخطة فى وحداتهم الإنتاجية وفقًا للقانون، والمحافظة على أدوات الإنتاج واجب وطنى».
■ المادة ١٥ «الإضراب السلمى حق ينظمه القانون». واسمحوا لى أن أقول لكم إنه فى مشروع قانون العمل الذى يناقشه مجلس النواب حوت المادة الخاصة بالإضراب عددًا كبيرًا من المحظورات والعراقيل والكلمات المطاطة، التى تسلب العمال هذا الحق السلمى الذى يلجأون له لأخذ حقوقهم بعدما تقفل أمامهم كل الأبواب، وأصبحت المادة مقيدة ومانعة أمام هذا الحق الذى تنص عليه كل المواثيق والمعاهدات.
واسمحوا لى أن أتناول ما يُعرف بالأمان الوظيفى فى العقد المبرم بين صاحب العمل والعامل، ما يساعد على استقرار ظروف العمل والتنمية وتطوير العمل وزيادة دخل المنشأة، وبالتالى زيادة دخل العامل وصاحب العمل. والأصل فى الأمان الوظيفى هو العقد غير محدد المدة، ولكن للأسف تنص المادة ٦٩ من مشروع القانون على غير ذلك، مما ينسف مبدأ الأمان الوظيفى بجعل العقد محدد المدة، مما يعطى صاحب العمل حق إنهاء عقد العمل وفصل العامل، مما يُعرِّض حياة العامل وأسرته للخطر الناتج عن فقدان العمل ودخل العامل المفاجئ، كما يؤدى إلى تشريد العمال وزيادة نسبة البطالة، وتكون نتيجة ذلك عدم استقرار الأسرة والمجتمع (مش كده ولاّ إيه؟).