رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى مئوية «ناصر».. منزل الزعيم بأسيوط أيل للسقوط

منزل الزعيم بأسيوط
منزل الزعيم بأسيوط

«رحل الجسد وبقيت الذكرى خالدة».. مئوية كاملة مرت على ميلاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنه استطاع أن يحفظ وجوده، وتميز بمعاصرته لأبناء أكثر من محافظة عاش بها بداية من أسيوط ومرورا بالإسكندرية وحتى استقر بالقاهرة.

وحتى تلك اللحظة ما زال منزل الزعيم في أسيوط كما هو لم يتغير بعد أن هجره الأهل وتركه المسئولون أمام عوامل الزمن تقتص من حوائطه وجدرانه حتى قاربت علي الانهيار.

يقول طه حسين خليل أحد أحفاد جمال عبد الناصر، نحن نعتز ونفتخر كثيرًا بصلة قرابتنا بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فهو مثالًا يحتذي.

وطالب بسرعة الاهتمام بمنزل الزعيم خاصة وأنه آيل للسقوط، وعن مشاكل القرية قال إنها تعاني من مرور أسلاك الضغط العالي بين المنازل وقيام بعض الأهالي ببناء منازل مخالفة.

ويقول عثمان حسين الشريف إن الزعيم الراحل قدم لمصر العديد من الإنجازات، منها بناء السد العالي وتوفير معاش التضامن الاجتماعي للفقراء، مؤكدا علي أنه كان يشعر بالفلاح البسيط ويساعده ويسانده في حل مشاكله.

وأضاف عثمان إن القرية كانت مهمشة خاصة أثناء حكم الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، مطالبًا الرئيس عبد الفتاح السيسي باعطاء تعليمات بتحويلها الي قرية نموزجية تليق باسم بلد الزعيم جمال عبد الناصر.

ويقول أحمد محمود إن وزارة الثقافة كانت شرعت في بناء قصر ثقافة يحمل أسم الزعيم الراحل تخليدا لذكراه الا ان الاهالي فوجئوا قبل افتتاحه بوضع لافته علي القصر تقول نه بيت ثقافة بني مر خلافًا لما تم الإعلان عنه في السابق بأنه قصر ثقافة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

وأوضح "أحمد" إن أهالي القرية كانوا يعيشون سعادة بالغة بعد الإعلان عن إنشاء قصر ثقافة يحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خاصة بعد إهمال المسئولين لترميم منزله الذي شارف علي الانهيار وتساقطت جدرانه وانهارت أجزاء من الحوائط.

وطالب طه الهيئة العامة لقصور الثقافة بسرعة تعديل اللافتات وتوضيح أنه قصر ثقافة الزعيم بدلًا من بيت الثقافة.

ويقول حسين عطية عبد الغفار مشرف مشروع قصر ثقافة "جمال عبد الناصر" إن العمل بدأ منذ ٢٠ إبريل ٢٠١٦م حيث تكاتفت الجهود من الجهاز التنفيذي بالمحافظة وجهاز الخدمات بالقوات المسلحة لإنشاء قصر الزعيم الراحل.

وأضاف حسين إن المشروع ضم ما يقرب من ٢٠٠ عامل وفني ومهندس تنوعت مجالاتهم ما بين عامل بناء وفني وسيراميك ونجار، حيث يبدأ العمال منذ الساعة 7 صباحًا وحتي الساعة 7 مساءًا بشكل يومي حتي جاءت زيارة الدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ليعلن أن موعد تسليم القصر في 15 يناير 2018 ليتم مضاعفة العمل طوال الـ 24 ساعة دون توقف.

وأوضح حسين إن المبني يتم تشييده علي أرض أملاك دولة بمساحة 790 متر بما يعادل 4 قيراط، 15 سهم تم تخصيص مبني علي مساحة ٤٠٠ متر ليكون مسرح مغطي ليستوعب حوالي 500 مقعد والمبني الإدارية مكون من 3 طوابق ويضم قاعات معارض ومكتبة عامة ومكتبة طفل ونادي تكنولوجيا وقاعات أنشطة ونادي مرأة نادي علوم.

وقال ضياء مكاوي مدير عام ثقافة أسيوط إن القصر له أهمية كبري في رفع المستوى الثقافي والوعي لدى المواطنين في مختلف المجالات وتقديم مواد ثقافية مختلفة تنير عقول الشباب ليكونوا قادرين على رؤية واقعهم ومستقبلهم بعيدًا عن التطرف والإرهاب ومحاربة الجهل والتطرف.

يذكر إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولد في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في محافظة أسيوط من أسرة متوسطة ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة.

التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه ثم إلتحق بمدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي ثم التحق بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عامًا واحدًا، ثم نقل في العام التالي إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البريد هناك والتحق بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.

وبعد أن أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش وتقدم إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر بمحافظة أسيوط وابن موظف بسيط لا يملك شيئًا ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥ ولأنه لا يملك واسطة ثم تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم فقبلت الكلية الحربية دفعة فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري ووافق على دخوله في الدورة التالية.

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهرًا بعد أن جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس ثم التحق فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى المنطقة الجنوبية بمنقباد بمحافظة أسيوط وقد التقى هناك بكلًا من زكريا محيى الدين وأنور السادات ثم نقل إلي السودان وهناك قابل عبد الحكيم عامر.

وفي عام ١٩٤٥ وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلتحق جمال عبد الناصر بحركة الضباط الأحرار وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعًا واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظرًا للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩ وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقًا أن المعركة الحقيقية هي في مصر فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش وقد أصبح مقتنعًا أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.

وفى صباح يوم ٢٣ يوليه قامت الثورة المصرية وبعد نجاحها أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيسًا للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢ أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصبًا عامًا كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية.

وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية الذي تولاه زكريا محيى الدين واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.

وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقًا لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ أول دستور للثورة وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا وذلك حتى الانفصال وظل جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.

وفي القاهرة استقر الزعيم جمال عبدالناصر، في منشية البكري بحي مصر الجديدة، الذي قطنه حتى وفاته على سرير فى غرفته الخاصة عام 1970.

وشهد منزل الزعيم الذي احتوى على العديد من الأوسمة والهدايا التذكارية والنياشين، من الأحداث والذكريات والزيارات أيضًا الرسمية والدولية حتى بات بيتًا للأمة في حياته ورمزا أثريا بعد وفاته.

وبعد مرور الأيام على وفاة الزعيم، تحول المنزل إلى متحفا أثريا وذلك تخليدا له ولذكراه منذ بداية الألفية الثالثة وحتى افتتاحه فى سبتمبر من عام 2016، وذلك حسبما صرحت نادية أحمد كامل، مديرة متحف الزعيم.

وتميز الشكل العام للمتحف برونقه الذي يكشف عن ربط الماضي بالحاضر، وذلك من خلال الإبقاء على الغرف الخاصة بالزعيم كما هي، وأبرزها غرفة النوم، والمكتب، والمعيشة، وغرفة استقبال الزعماء.

أما غرف الأبناء فتم استغلالها لتكون معرض لمقتنيات الزعيم، وأبرازها مفاتيح المدن التى أهداها له رؤساء الدول كمدينة القدس وعدن، بالإضافة إلى كسوة الكعبة، والتي كان الزعيم أخر رئيس تسلمها ومعها أهداه ملك السعودية مفتاح الكعبة أثناء زياته لها عام 1962.

ويحتوي المنزل على العديد من الهدايا التي استخدمت بشكل شخصي كالسيجار الكوبي الذي لم ينهي «عبدالناصر» آخر علبة قبل وفاته، حيث كان يهديها له الرئيس الكوبي ويبعثها بشكل شهري، كما توجد في باحة المنزل سيارته المكشوفة التي ظهر بها فى العديد من الاحتفالات وكان يخرج ويلوح بيده تحية للجماهير المصطفة التى أهداها له الرئيس الروسي.

كما يُعرض في المتحف مجموعة من البدل الرسمية، وزيه العسكري، والأحذية، وساعة اليد، وماكينة الحلاقة، وربطات العنق التي ارتداها في العديد من المناسبات، وكذلك البيجامات "الكاستور" التي ارتداها معظم المصريين فى ذلك العصر.

واشتمل المنزل على الألعاب الخاصة بالزعيم مثل الشطرنج، التي اشتهر بها فى الكثير من الصور، وكذلك المنظار والسنارة الخاصة بالصيد، وكاميرا التصوير الذي كان يهواه، كما أنه في ركن من أركان غرفة نومه يوجد مشغل الأسطوانات، وأغنياته المفضلة سواء العربية مثل "هوا ياهوا" لـ"عفاف راضي"، ولا ياحبيبى لـ"أم كلثوم"، التي غُنت له خصيصًا بعد قرار التنحي.