رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا فعلت الشرطة في 25 يناير؟


حفر رجال الشرطة المصرية أسماءهم بأحرف من نور في تاريخ النضال المصري، ضد كل من يحاول المساس بأمن مصر وكرامتها على مر التاريخ القديم والحديث، وتصدوا للرصاص بصدورهم، فكلفهم ذلك دماءهم. فمنهم من سقط جريحا والكثيرون منهم نالوا شرف حمل لقب شهيد، بعد أن دفعوا عمرهم ثمنا لفداء مصر وترابها الغالي.

ونظرا لقوة جهاز الأمن الداخلي لجمهورية مصر العربية، فلم يسلم من محاولات التشويه من منظمات مشبوهة، دفعت بمأجورين من داخل مصر للنيل من عزيمة رجال الشرطة لمحاولة إثارة البلبلة والزعزعة والترويج لحالات التجاوزات الفردية النادرة، سواء لضباط أو أفراد، لطمس الهوية التاريخية لتضحيات رجال الشرطة الأبرار خاصة في الفترة الأخيرة لمحاولة خلق فجوة بين الشعب وشرطته التي كانت وما زالت تسعى لدحض قوى الشر داخل الوطن، ولكن كل ذلك لم ولن يفلح أبدا.

الحكايات عن بطولات رجال الداخلية وسردها يحتاج إلى مجلدات، والتضحيات سلسالها لن ينقطع على مر التاريخ، وكان آخرها أن نزلت الداخلية على رغبة شعبها في عزل الإرهابي محمد مرسي وجماعته الدامية من الحكم، متحملة عواقب هذا الأمر، لتدفع بمئات الشهداء من رجالها الأبرار، وما زالت تدفع حتى الآن إيمانا منها برسالة حب الوطن والمصريين، وعملا بعقيدة أن رجال الداخلية المصرية "صدقوا ما عاهدوا الله عليه"، وأنهم مستمرون في تقديم جميع التضحيات وأن أعينهم لن تمسها النار لأنهم باتوا يحرسون في سبيل الله.

حكايات التاريخ عن الداخلية لن تتوقف منذ بداية عهد وزرائها المتعاقبين والبالغ عددهم 75 وزيرا أولهم مصطفى رياض باشا عام 1876 وحتى وزير الداخلية الحالي اللواء مجدي عبدالغفار.

25 يناير هي أسطورة تضحيات الشرطة المصرية في الإسماعيلية عام 1952 يوم 25 يناير، الذي أصبح عيدا لهم بعد أن عزفوا أسمى الأنشودات في حب الوطن خلال مواجهاتهم لطغيان دبابات الاحتلال الإنجليزي ومدافعم الثقيلة الحديثة، بأسلحتهم الخفيفة، رافضين أن يتركوا أماكنهم.

في صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة - "البريجادير أكسهام"- ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس "الشرطة" المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتترك دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها. والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته في منطقة القناة ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية " فؤاد سراح الدين باشا " الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

فقد القائد البريطانى في القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس "شرطة" الإسماعيلية لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره، غير أن ضباط وجنود البوليس "الشرطة" رفضوا قبول هذا الإنذار ووجهت دباباتهم مدافعهم وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت علي الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس "الشرطة" مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة.

وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البوليس "الشرطة" الصغير مبنى المحافظة في الإسماعيلية، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق. واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة، ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 50 شهيدًا و80 جريحا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز في مبنى القسم، وأصيب نحو سبعين آخرين، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم. ولم يستطع الجنرال أكسهام أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: «لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا».

25 يناير عيد الشرطة المصرية الـ66، رغم أنف أعداء الوطن، وكل عام ورجال الشرطة المصرية بألف خير.