رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدو على الأبواب


يقول المثل العربى البليغ: «إن كان عدوك نملة.. فلا تنم له»!، والمعنى المقصود أنه، وأيًا كان حجم عدوك، ومدى ضآلته، فلا ينبغى أن تغفل عن تحركاته، أو تسهو عن صنيعه، حتى لا يفاجئك بلدغة قد تودى بك إلى الهلاك!.
ومن المهم استدعاء مضمون وحكمة هذا المثل اليوم، ونحن نطالع سلوك الرئيس التركى، «رجب طيب أردوغان»، وتحركاته الالتفافية الكبيرة، مؤخرًا، لحصار مصر ودورها التاريخى فى القارة الإفريقية، انطلاقًا من السودان، واعتمادًا على النظام الحاكم فيها ورئيسه «عمر البشير»، بانحيازاته الانتهازية المعروفة لجماعة «الإخوان» الإرهابية، ومع إثيوبيا فى موقفها المعادى للمصالح الاستراتيجية المصرية فى مياه نهر النيل، ومع قطر المعادية لمصر والداعمة للإرهاب!.
منح «عمر البشير» لتركيا الأردوغانية حق التصرف فى جزيرة «سواكن»، وإدارتها لمدة مفتوحة، تحت مزاعم تطويرها وإعدادها لاستقبال المعتمرين الأتراك، وهى الجزيرة التى احتلها، سليم الأول، سلطان العثمانيين، واتخذها مركزًا سياسيًا، وموقعًا لأسطوله، ولانطلاق جيوشه العسكرية، لغزو منطقتنا. واعتراف «أردوغان» بوجود ملحق سرى للاتفاقية، «لن أتحدث عنه الآن»، ثم ما جاء فى تصريح وزير الخارجية السودانى «إبراهيم الغندور»، الذى يقول فيه: «لقد وقَّعنا على اتفاقية يمكن أن ينجم عنها أى نوع من التعاون العسكرى»، وأن «أى ترتيبات عسكرية مع تركيا واردة»، ما يكشف عن المستور من خبايا هذا الاتفاق، وما يبين عن حجم التهديدات الواقعية التى تهدد مصر جراء هذا التطور، الذى يؤكد ما أشيع عن أن الميناء سيتحول إلى قاعدة عسكرية تركية، فى موقع بالغ الخطورة بالنسبة لأمن مصر ودول المنطقة، انطلاقًا من الساحل الغربى للبحر الأحمر. وهذا التهديد أمر لم تنكره صحيفة «زمان» التركية، بتأكيدها أن «التحرك لإيجاد موطئ قدم فى إفريقيا، بالسودان، على الرغم من عدم وجود تعاون سابق يُذكر بين البلدين، لا تفسير أو هدف آخر له غير مصر». «إن طلب الرئيس التركى من نظيره السودانى تخصيص جزيرة «سواكن» فى البحر الأحمر لفترة زمنية غير محددة، يمنح تركيا نفوذًا جديدًا وخطيرًا فى القارة الإفريقية»!.
ويضاف إلى ما تقدم، دلالة مضمون ونغمة التحرش بمصر وشعبها، ومحاولة «جر شكلها»، بلا مناسبة، فى المؤتمر الصحفى لوزيرى خارجية البلدين، فقد صرح «غندور» بوقاحة فاضحة: «ليمت بغيظه من يمت، وليفرح بسعدنا وفرحنا من يفرح»، وهو ذات ما عبر عنه وزير الخارجية التركى، «مولود جاويش أوغلو»، بقوله: «من يفرح (بزيارة «أردوغان» للسودان)، فليفرح، أما الذين ينزعجون، فليظلوا بهذا الهم!».
ويلفت النظر، بعد هذا التطور لنقطتين مهمتين: الأولى: انعقاد اجتماع ثلاثى، ضم رؤساء أركان جيوش تركيا والسودان وقطر، والثانية: انتقال «أردوغان» من السودان لزيارة كل من تشاد، وتونس. ولا يخرج مستهدفات الاجتماع والزيارة عن استكمال مخطط حصار مصر.
فما يحتاج لاجتماع رؤساء أركان الثلاث دول المعادية، إنما استهداف أمن مصر واستقرارها، والتخطيط للإضرار بمصر وشعبها، أما تشاد فهى معبر للإرهابيين والأسلحة التى يتم إنفاذها إلى ليبيا، فمصر، ثم إن تونس مرتع لـجماعة «الإخوان» الإرهابية، وتوابعها، برعاية رئيس حركة «النهضة»، «راشد الغنوشى»!. ومن المهم فى هذا السياق، تمعن صورة «أردوغان» لدى استقبال «عمر البشير»، ثم الرئيس التونسى «الباجى قائد السبسى»، له، وهو يشير بيده إشارة «رابعة»، تعبيرًا فجًا عن موقفه الداعم للإرهاب، وانحيازه لمن يسيل دماء مصر وشعبها، وإصراره على استمرار مواقفه المساندة للخراب وإسالة دماء المصريين الأبرياء!.. لا تكرروا خطأ سد النهضة، وتحركوا لحصار الحصار، واحموا مصرية «حلايب» و«شلاتين» بكل السبل، وواجهوا الخطر قبل أن يستفحل أمره!.