رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لُطفًا يا كل رموز مؤسساتنا الدينية




عشنا الفترة الأخيرة عقب الهزة الينايرية على أرض وطن يمر كل يوم بمراحل صعبة يواجه فيها أهل بلدى تحديات عدة كثيرة وخطيرة تباينت وتنوعت فيها درجات وأشكال الصعوبة ومصادرها ومدى التصاعد أو التراجع فى الحدة، اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وإعلاميًا... ضربات من الخارج والداخل قاسية ومؤثرة وبعضها غادر وخسيس وغير إنسانى.



وعدت علينا حكومات لإدارة مؤسسات البلد بداية من حكومة رئيسها جاء محمولاً على الأعناق من ميدان التحرير وهو أحد وزراء نقل العصر المباركى الفشلة سياسيًا فى إدارة مرفق مهم وحيوى، وسرعان ما رفع راية الفشل صارخًا أنا رئيس حكومة بلا صلاحيات، ليتم بعده اختيار موظف دولى سابق وكاتب مقالات اقتصادية على الطريقة الأهرامية النظرية الرصينة، وفى أول اختبار لحكومته صاحبة الأيادى المرتعشةــ رغم تصريح كبارها بأن مؤسسة الرئاسة قد منحتهم كل الصلاحيات المطلوبة ودون أى تدخل فى أى قرارــ وعند إصدار أمر المرشد لعشيرته بالاحتشاد الإخوانى فى «رابعة» و«النهضة» وإدارة مسرحية هزلية إرهابية لتخويف النظام، يرتبك بالفعل رئيس الحكومة ويغرق فى شبر ميه، ويترك سكانهما منذ اليوم الأول للعسكرة الميدانية رهائن الخوف والجزع والحصار من جانب دولة الإخوان الغاشمة، ولا محاولات حكومية جادة حتى لمحاصرة مثل تلك البؤر لمراقبة ومنع دخول الدعم المادى والذخائر ومواد تموين الإعاشة والبناء على أرض ميدان عام فى غياب دولة وفى وجود أفشل حكومة مصرية.

وعليه، كان إقامة اجتماعات التخريب الإرهابية فى مساجد تم احتلالها بكل بساطة لرسم الخطط الإخوانية الشيطانية وإقامة منصات خطابية إرهابية تبث رسائل تهديد ووعيد من جانب رموز نظام تم إسقاطه بعد صعوده إلى سدة الحكم كان يعمل قبلها تحت وفوق الأرض أكثر من 80 سنة شكلوا فيها على الأرض ملامح مملكة كارهة للوطن «طظ فى مصر» والتأكيد على أن الأولوية وكل الحق للإخوانى أولاً «يحكمنى ماليزى مسلم ولا يحكمنى مصرى مسيحى» فى ضرب لكل حقوق المواطنة الكاملة، والمحصلة اقتصاد ومشاريع كبرى إخوانية وتعليم وجمعيات وإعلام وثقافة إخوانية بتواجد أخطبوطى بطول البلاد وعرضها.

وتمر الأيام لتبلغ 47 يومًا سودة بلياليها على الرهائن، وكان التصور أن التباطؤ الرذيل وتأخر قرار الفض قد يعود إلى استكمال استعداد الحكومة بكل مؤسساتها لمواجهة التبعات المتوقعة من جانب جماعة حُرقت كل سفن عودتها لسابق عهدها بعد أن أعلن الشعب كلمته بأنهم جماعة إرهابية باغية وضغطت على حكومة الملل ليخرج نائب رئيس الحكومة على استحياء ليعلنها كذلك، وكانت النتيجة والمحصلة فى عصر حكومة النكد العظمى كارثة هدم وإحراق وسرقة وسلب عدد هائل من الكنائس والمنشآت المسيحية وأقسام الشرطة والكمائن وغيرها، وأرى أن ما نعانيه حتى الآن هو محصلة أداء متخلف لتلك الحكومة العاجزة.

وعليه عانى الاقتصاد حالة تدهور صعبة لقاء تبعات أحداث داخلية وخارجية من بينها إجراء العمليات الانتخابية الرئاسية والنيابية واستفتاءات لإقرار دستور بعد دستور ومواجهة مطالب فئوية وفواتير فساد زادت فى مناخ فوضوى تم استثماره ببشاعة للأسف، وعودة عمالة مصرية من دول الربيع العربى كما كانوا يطلقون عليها، وفى مرحلة تالية تحمل تبعات قدوم لاجئين عرب بالآلاف، وضرب السياحة وانحسار حركة التجارة العالمية وأثرها على إيرادات قناة السويس، وتراجع قيمة مدخرات العاملين فى الخارج، ونأتى للكارثة الأهم فى امتداد أيادى الإرهاب والتدمير بتدبير وارتكاب كوارث متتالية تنال من جدوى أى عمليات تنموية أو الذهاب لإعادة بناء اقتصاد كان ولا يزال ينذر بمخاطر تهدد أمننا القومى، ومع ارتفاع الأسعار ببشاعة كادت تصيب الناس بجنون!!

وفى الوقت الذى نشر فيه كاتبنا الدكتور محمد الباز، رئيس مجلس تحرير جريدتنا الغراء «الدستور»، مقاله الافتتاحى الهام مستهجنًا ساخرًا «القتلة القدامى يحاولون إنقاذ القتلة الجدد» حول إحدى المبادرات الفاشلة الغبية ببجاحة كتب: «الجماعة الإسلامية أعلنت عما سمته مبادرة»، على غرار مبادرتها لوقف العنف التى أعلنتها فى منتصف التسعينيات، وقالت نصًا: فى ظل تفاقم الأزمة، ينبغى أن يكون الهدف الأول هو منع مزيد من التدهور، وهو ما يتطلب إجراءات متوازية من الأطراف الرئيسية. تتضمن إعلان المجموعات المسلحة بسيناء عن وقف العمليات اعتبارًا من 25 أبريل 2017، أى فى ذكرى عيد تحرير سيناء، وقيام الحكومة المصرية بوقف المداهمات والملاحقات اعتبارًا من ذلك التاريخ، كما تتم إعادة المهجرين من أهل سيناء - مسلمين ومسيحيين- إلى ديارهم، والإعلان عن إسقاط التهم عن كل من يلتزم بمخرجات هذا الحوار... هل رأيتم بجاحة أكثر من هذه؟.. هل رأيتم جهلًا أكثر من هذا؟.

مع توقيت نشر ذلك المقال شاركت فى ندوة بدعوة كريمة من جريدة «الصباح» الأسبوعية وفوجئت بقيادى إخوانى كبير منشق ويكتب فى كل الصحف والمجلات السيارة تقريبا يردد الكلام عن سيناريوهات مستقبلية للإخوان وعن احتمال عودة حركة إخوانية لها فكر وسطى كفكر حسن البنا الذى كان يمثل أمة الإسلام.. تصوروا، ولم يتقبل ثورتى على مقولته، بل أضاف أنه يتعجب ممن يتحدثون عن الفلوس الذى أخذها «البنا» من الإنجليز لبناء جامع، ولا يتحدثون عن الفلوس اللى أخذها عبدالناصر من الأمريكان وبنى بها برج القاهرة.. تصوروا عقد مثل تلك المقارنة بعد كل ما هو معروف عن تاريخ الإخوان الأسود وبعد سقوط عشرات الشهداء والمصابين على أيدى القتلة القدامى والقتلة الجدد على رأى أخينا «الباز»!!

ونحن نعيش كل تلك التحديات، كنا نتمنى من رموز مؤسساتنا الدينية ألا يتصوروا أن هناك حروبًا ومؤمرات داخلية وخارجية لتدميرها وتشويه دورها، وبدلاً من تطوير الأداء يقاومون كل دعوات الحوار ومناشدات الإصلاح.. يعنى إيه الكلام عن تدمير أزهر الألف عام «جامع وجامعة» ويزيد، وموضع احترام وتقدير الجميع، ويعنى إيه تشويه وضرب سلام كنيسة الألفين سنة ويزيد، وتاريخهما الوطنى الحافل بالمواقف التاريخية العظيمة.. إنها فقط همسات عتاب من المحبين لتلك المؤسسات العملاقة، وكل المطلوب الاعتراف بقصور فى الأداء ليتناغم ويتماهى مع معطيات العصر، وتصويب بعض الأخطاء البشرية فى مجالى الإعلام والتعليم الدينى والعمل بحماس لمقاومة أى فرص لتطوير الوجود الإرهابى وضرب السلام الاجتماعى.