رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا أكذب ولكني أتجمل


عبارة اشتهرت على ألسنة الكاذبين.. يسولون لأنفسهم بها كل المبررات.. ويتسولونها... ولديهم يقين عجيب بأنه علينا تصديقهم واحترامهم، لأنهم كانوا فقط يتجملون ويتزينون ويتلونون بكل أنواع الزينة والألوان التى تسر الناظرين وتغوى الغاوين من محبى الجمال بلا تمييز بين المزيف والأصيل الحر... فكلا النوعين من الجمال له ذات المظهر البراق اللامع وأحياناً الصاخب الذى يحرك لك حواسك لا وجدانك، ويغرى لك عينك لا بصيرتك، والعين والأذن هما أكثر الحواس غفلة من وعن إدراك الحقائق.. حقائق الأشياء ومعدنها.. تخدعنا العيون والآذان دوماً لأنها تصل وتدرك فقط كل ما هو ظاهرى وبادٍ على السطح ولا تصل للبواطن المخبئة التى لا تراها ولا تسمعها.



هنالك دومًا صوت داخلى وعين سحرية تكشف كل مستتر وتزيح عنه ما ستره من عوراته وتمسح ما طاله ووضعه من رتوش أخفت الحقائق تحت المساحيق والأصوات الزاعقة أو الغموض المفرغ من أى أهمية.

كلها حيل دفاعية نفسية يمارسها المحتال للمداراة وستر العورات من أن تكتشف لكنها دومًا وحتمًا تكتشف.

يكتشفها من يكتشفها بالمصادفة أو بدليل يظهر عبثًا.. وأحيانًا يسوق القدر لنا أحداثه فتنجلى الأمور وينكشف ما كان مخبئًا أو ظنه الغافل الأحمق أنه خبأه للأبد.

الضمير، والعقل الجمعى الإنسانى، وصف الكاذب بالكسيح.. يسير بلا أرجل تحمله ع الأرض والعقل الجمعى لا يكذب وضميره حى ويقظ، لا غشاوة تصلح معه، ولا مبررات تشفع له ولا تفلح معه الحيل.

أما الجمال فهو أسمى وأرقى من أن نزج به فى سياقات الرياء والكذب لنصف بدورنا الكاذب المحتال بأنه فقط كان يتجمل.

لا تعطوا للكاذبين شرعية.

لا تعطوا لهم مبررات ولا تقبلوها منهم ولا تقبلوا لهم مبرراتهم.

لا تقبلوهم هم ولا تستقبلوهم ضيوفًا أو أصدقاء فى بيوتكم أو فى حيواتكم... هم محتالون بالضرورة لا تفردوا لهم مساحات للاحتيال عليكم ولا تعطوهم وقتًا من أعماركم.

الفظوهم كما تبصقون السم من أفواهكم ومن على ألسنتكم.

الكذب فيه سم قاتل.

يميت من حوله.

لا حياة مع الاحتيال ولا عيش أو تعايش ممكن أو كائن مع الكذب.

الكذب زيف وضلال.

والكذبة بالضرورة أيضًا فجرة.. يفجرون بالعيش وملحه.. تعافه ألسنتهم التى اعتادت الطعام الفاسد وإن بات حلوًا طعمه على طرف اللسان... فبعد بلعه وهضمه تصابون بالتخمة وأوجاع البطن التى لا يصلح معها تعاطى العقاقير.. فسم الكذب بلا ترياق ولا حلول معه سوى غسيل الأمعاء وتطهير العقول من السموم بمواد تشبه البوتاس!!

لابد من طمس معالم الكذبة والتخلص منهم بالفناء.

فنائهم.. ليبقى الصدق واضحا ًجليًا براقًا جميلًا.

الصدق له جمال أخاذ تميل له البصائر والأفئدة وتلتفت إليه الأعين وتلمع برؤيته ويسود الفرح وتكون المسرة.

ضعوا الكاذبين فى غياهب النسيان يتوهون فيها فى متاهاتهم.

تجاهلوهم ولا تعيروهم أى التفات.

فالثأر منهم يكون فى نسيانهم.

ونسيانهم أيضاً هو عين المغفرة.