الرحمة بالطفل المصرى أولا « ٢»
أستكمل الجزء الثانى عن مقالى والذى كنت قد بدأته الأسبوع الماضى تحت عنوان «نائبة لا تعرف الرحمة» التى كان لابد لى من التوقف عند ما طالبت بنقل الحضانة إلى الأب عندما تتزوج الأم بعد طلاقهما من رجل آخر، الغريب فى الأمر أن إعلاميى التليفزيون والفضائيات لم يُهتموا بمناقشه مقولات هذه النائبة التى تعكس منتهى القسوة على الطفولة المصرية، وعلى حقوق الطفلفى رعاية أمه له.
ولم أر أية إعلامية على شاشة الفضائيات المصرية تنتفض ضد هذه القسوة المعلنة فى البرلمان على مشروع قانون جديد به مادة خاصة بحضانة الطفل المصرى، وبرنامج واحد ناقش الموضوع ووجدنا تليفونات من رجال ومعظمها فيها اتهامات للأمهات، وهجوم شرس عليهن.
إننى هنا أتوقف عند حق الطفل فى أن يكون هو محور الاهتمام الأساسى والأول فى أى قانون جديد يطرح أو يتم تعديله فى البرلمان.
إن مصلحة الطفل تتمثل فى أن ترعاه أمه منذ ولادته، وأن يظل فى حضانتها خاصة فى السنوات الأولى التى تتطلب الحب والعطاء والتربية والسهر والخدمات الشاقة، والتى لن تعطيها له ولن تتحملها سوى أمه، وأنا لست هنا بصدد مناقشة بعض الحالات النادرة التى لم تكن فيها الأم على مستوى المسئولية، لأن الأصل هو أن الأم هى الأولى بالرعاية للطفل، بل أوصت الأديان بالأم وفى حديث واضح لخاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام، أوصى الأبناء بالأم وبحسن صحابتها ثلاث مرات قبل الأب.
وبالإضافة إلى هذا لابد أن نتنبه إلى أن الأطفال يواجهون مشاكل كثيرة ومتنوعة بعد انفصال الأبوين، وبعضها يكون ذَا تأثير سلبى فى الطفل، لهذا لابد من التوعية المجتمعية بشأن تعاون الأم والأب فى تربية الطفل بعد الانفصال ورغم الانفصال، حتى نحميه من مخاطر كثيرة يواجهها فى الشارع المصرى الذى يمتلئ بالفوضى فى السنوات الأخيرة، ولابد أن تتولى الأم الرعاية لأنهاوحدها القادرة على تخفيف مشاكل الانفصال والطلاق عن الأطفال، وهى فقط التى يمكن أن تتولى رعاية ابنتها الصغيرة التى قد تمر بمراحل وتغيرات نفسية صعبة، وتكون دائماً فى حاجة إلى متابعة واهتمام وفهم الأم ، وأيضا الولد يكون فى حاجة إلى مساعدة ورعاية وتربية ومتابعة الأم فقط أن تمنحه هذه الرعاية الضرورية والمستمرة حتى لا يتولى أصدقاء السوء التأثير فيه سلبافينجرف إلى مشاكل خطيره قد لا يلحظها الأب فى بدايتها لانشغاله خارج المنزل ساعات طويلة بسبب العمل، صحيح أن الأطفال يكونون فى حاجة أيضاً إلى دعم وتربية وإنفاق الأب، وهذا أمر مؤكد ومطلوب وأساسى فى تنشئة الطفل، ولابد أيضاً أن يتنبه الطرفان أن تربية الأطفال فى حالة الطلاق لكى تكون ناجحة ومتوازنة، من الضرورى أن تكون من خلال التراضى والتفاهم بين الوالدين ومن خلال التعاون بينهما، ولابد أن تظل العلاقة متحضرة بين كل الأم والأب، وأن تقوم على أساس توافر الاحترام وتبادل وجهات النظر بهدوء ودون نزاعات حادة حتى يشب الأبناء فى بيئة سوية، وبأقل قدر من المشاكل بين الوالدين.
إن الأوضاع الراهنة التى نمر بها قد جعلت الحياة معقدة ومتغيرة، وتحتوى على تأثيرات كثيرة ذات تبعات سلبية وتأثير كبير فى تربية الأطفال خارج المنزل.
لهذا لابد أن تتنبه الأم إلى أن دورها ضرورى ومسئوليتها مضاعفة فى التربية والمتابعة للأبناء بعد الطلاق، أما الأب فلابد ان يكون تعامله متحضراً ومتعاوناً مع الأم حتى لا يلقى الطلاق بظلاله السلبية على الأبناء.
إن هذا المشروع الجديد الذى تقدمت به النائبة مؤخراً، أعتقد أنه سيتم رفضه من كل عقلية سوية ومتحضرة وبها قدر من الإنسانية بداخلها. بل أرى أنه لا يصح أن يصدر مثل هذا المشروع للحضانة من نائبة فى برلمان مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، فلا الإنسانية ولا المنطق يقر باقتراحها المقيت والقاسى بشأن حرمان الأم من رعاية أطفالها بعد الطلاق، وأطالب عضوات البرلمان بالتصدى بكل الحزم لهذه الممارسات الضارة التى تسلب المرأة والأم حقوقها والتى كافحنا من أجل الحصول عليها طوال السنوات الماضية، ويقينى أن الرفض لابد أن يكون مصير هذا الاقتراح السىء الذى ينم عن رغبة فى نشر الأفكار المتطرفة والمضادة لحقوق الطفل وحقوق المرأة أيضاً.
