رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا للعنف ضد المرأة «3-4»


فى المقالين السابقين وضعنا تعريفا للعنف ضد المرأة وذكرنا إن كان الوأد قد انتفى اليوم بالمعنى الحرفى إلا أن وأداً جسدياً ونفسياً واجتماعياً مازال يطبق على المرأة بالمعنى المجازى للكلمة، والذى يتخذ درجات متفاوتة من العنف ضدها، وفى هذا المقال نضع الأسباب الرئيسية للعنف ضد المرأة.

فى تحليله الشامل لتطوير الحضارة قال فرويد: «إن العنف يُشكل أعظم عقبة للحضارة، فلاتقدم للإنسانية ولا مستقبل لها مع استخدام العنف». وظاهرة العنف لا تمثل فقط تهديداً لمنجزات الإنسان المادية والاجتماعية، ولكن هذه الظاهرة حين تمتد، وحين يتصاعد العنف ويصل للمرأة، أو غيرها من الفئات الضعيفة التى يجب أن تحظى بمزيد من الرعاية والاهتمام، فالتهديد يكون موجهاً نحوالضمير الإنسانى ونحو العقل الإنسانى معاً، لأنه إذا امتد العنف للمرأة أو أى من الفئات الضعيفة أو المهمشة يصبح المجتمع الإنسانى أشبه بالغابة، وحينما يكون العنف بديلاً للإقناع والحجة والمنطق والحوار يكون العنف تهديداً خطيراً للعقل الإنسانى، ومن ثم فإن مظاهر العنف نحو المرأة تمثل فى النهاية تهديداً لضمير وعقل الإنسانية.

يبدأ العنف مع الطفلة المصرية منذ الولادة ولعل أمثالنا الشعبية تؤكد هذا «يا مخلفة البنات يا مخلفة الهم للممات»، «ولما قالوا دى بنية إتهدت الحيطة عليا ولما قالوا ده ولد اشتد ضهرى واتسند»، «اكسر للبنت ضلع يطلع لها اتنين»، بهذا الفولكلور نستقبل البنت فى ثقافتنا الشعبية ويمتد العنف فى محيط العائلة فهى كثيراً ما تكون عرضة للاعتداء داخل منزلها أكثر من أى مكان آخر،فهى تتعرض للعنف الجسدى والعنف الكلامى والمعنوى بالسب والإهانة والتجريح والسخرية، ويشمل العنف ما يسمى بجرائم الشرف التى تبيح للرجل قتل المرأة لدوافع واهية كالشك فى سلوكها، أو لمجرد تكرار خروجها، وكذلك يشتمل العنف على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بعملية الختان والتعرض للضرب على يدى الزوج، أو الوالدين أو الأخوة، والاعتداء الجنسى على أطفال الأسرة الإناث على أيدى الأقارب، والإكراه على الزواج المبكر الذى يعتبر اغتصاباً علنياً وصريحاً، والإجبار على ترك المدرسة والضرب وحرمان الأم من أطفالها الصغار، وكذلك العنف المتصل باغتصاب الزوجة وضربها، ويُمكن أيضاً أن يُدرج ضمن هذه الفئة عمل الطفلة خادمة فى البيوت وكذلك التعدى على خدم المنازل، وفى المجتمع يشمل العنف ضد المرأة الاغتصاب، والتحرش الجنسى، والمضايقة فى أماكن العمل وإرغام النساء على ممارسة البغاء والاغتصاب وغيره من الانتهاكات.

وتعتبر المرأة نفسها هى أحد العوامل الرئيسية لبعض أنواع العنف، وذلك لتقبلها له وتسامحها معه، مما يجعل الآخر يأخذ فى التمادى أكثر فأكثر وكذلك الجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وحقوقه وواجباته، يضاف إلى ذلك تدنى المستوى الثقافى للأسر وللأفراد والاختلاف الثقافى الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هى الأعلى مستوى ثقافياً، مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له فيحاول تعويض هذا النقص باحثاً عن المناسبات التى يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو حتى الضرب، وللحديث بقية.