رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفساد والإهمال.. الوجه الآخر للإرهاب


طالعتنا الصحف خلال الأسبوع الماضى بعناوين تبعث على الحسرة والحزن والأسى، وتؤكد على الأداء السيئ للحكومة الحالية فى كارثة السيول استكمالاً للسياسات نفسها التى لا تحل الأزمات، بل تساعد على استفحالها فى عدة مجالات سياسية واقتصادية ومالية، هذا غير الأزمة المستحكمة للغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار واختفاء السلع بفعل مافيا الاحتكار أيضاً نجد كوارث انهيار الخدمات وكوارث حوادث الطرق وحوادث القطارات التى وصلت إلى أعلى نسبة فى مصر، حيث آلاف الضحايا من الموتى والمصابين وضياع مئات الملايين على الدولة جراء هذه الحوادث، هذا غير الإهمال فى بعض المستشفيات وعدم توافر الأجهزة أو صيانتها مما يؤدى إلى وفاة عدد من المرضى.

كارثة السيول، والتى سقط صريعاً لها حوالى مائة فرد بين متوفى ومصاب. هذه الكارثة فجرت الكثير من التساؤلات وخاصة أن السيول موعدها معروف فى كل عام، ولا ننسى ما تسببت فيه السيول فى الوقت نفسه من العام الماضى بمحافظات الإسكندرية والبحيرة والتى كانت الأعلى تضرراً.

تم رصد ميزانية مليار جنيه من صندوق «تحيا مصر» لاستكمال البنية الأساسية للحماية من أخطار السيول. ورغم تحذيرات هيئة الأرصاد إلا أنه يا سبحان الله «تفاجئ» السيول المسئولين فى الحكومة كل عام.

هل لنا أن نتساءل ماذا تم خلال عام من كارثة سيول 2015 وحتى الآن لنتفادى بقدر الإمكان مصائب تدمير البيوت وغرق آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية والمحاصيل، وتحطيم السيارات، وسقوط الأشجار، وقطع الطرق، وارتفاع المياه فى الشوارع بدلاً من الاستفادة من نعمة المياه وتخزينها. ماذا تم؟ هل هناك متابعة أو حساب؟ «بالطبع لا»!

هناك أولاً غياب الخطط، مع انتشار الفساد والإهمال الذى ينخر كالسوس فى عظام المؤسسات، والذى سيؤدى إلى انهيار الدولة إذا استمر الأداء بهذا الشكل.

هل لنا أن نتساءل عن مدى قدرة أجهزة وزارة الداخلية على مواجهة الإرهاب الذى يرصد ويخطط وينفذ اغتيالات كبار الضباط، هذا غير هروب إرهابيين ومجرمين من السجون. هل لنا أن نتساءل متى يتم تطهير الوزارة من بعض المتواطئين والفاسدين؟

يا سادة يامسئولين إن الفساد والإهمال، والذى طالبت ثورة يناير فى بيانها الأول بتطهيره تحت بند تطهير جميع أجهزة الدولة من الفاسدين. هذا الفساد المستمر حتى الآن سيكون سبباً رئيسياً فى عرقلة أى بناء أو تقدم أو تطوير أو تنمية، فلا تنمية إنتاجية مع استمرار الفساد، ولا استقرار للبلاد مع استمرار الإهمال والفساد. ولا تقدم ولا ثقة ولا شفافية مع استمرار الفاسدين المفسدين.

إن الشفافية وحق المعرفة والحصول على المعلومات وحرية النشر خطوة للقضاء على الفساد. متابعة أجهزة الرقابة وكشف الفساد ومحاسبة ومحاكمة الفاسدين المهملين وتغليظ العقوبات مع تخصيص دوائر متفرغة للتحقيق فى هذه القضايا وسرعة إصدار الأحكام، بل وتنفيذ الأحكام هى كلها خطوات لردع الفاسدين وخطوات فى طريق العدالة الانتقالية.

إن إلغاء جميع اللوائح والقوانين التى تسهل الطريق لمافيا الفساد وتمهد لها نهب المال العام وأيضاً القوانين التى تستثنى فئات من كبار رجال الدولة «مثل الحد الأقصى للأجور». إلغاء هذه الاستثناءات خطوة للقضاء على الفساد.

حماية المبلغين عن الفاسدين فى الأجهزة الحكومية من اضطهادهم أو التنكيل بهم فى وظائفهم، والتى تصل إلى حد نقلهم أو فصلهم، خطوة للقضاء على الفساد. ماذا بشأن لجان تقصى الحقائق بخصوص المحتكرين للسلع واستيراد الاحتياجات الأساسية فى مجال التموين والتجارة الداخلية، الناهبين والمتربحين للمال العام، هل انتهت؟ هل يكفى عزل وزير أو مسئول هنا أو هناك فقط؟ أليست التجارة فى قوت الشعب خيانة فى زمن الحرب؟ وإذا كنا فى حرب على الإرهاب فلماذا لا يتم محاكمة المتاجرين بقوت الشعب بعقوبة رادعة؟ العلاج بالمسكنات ليس الحل، بل يساعد على استشراء المرض فى جسد الدولة.

المصريون يقعون بين مطرقة الإرهاب وسندان الفساد وكلاهما لا يقل خطورة عن الآخر. كلاهما يعمل على خراب وهدم البلاد.