رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كله جايز .. فى ثقافة الجوايز !


دعنا نتفق بداية على أن كل الجوائز وليس فقط جوائز الدولة المصرية شابتها ولازمتها شبهات التحيز وترجيح كفة الولاء السياسى كما أن معظم الجوائز يستخدم لاستمالة الأدباء وتوجيه الحركة الأدبية. ليس أدل على ذلك من نوبل كبرى الجوائز التى – لسبب ما - تجاهلت عام 1901 عملاقاً روائياً هو ليف تولستوى، وأيضا مارسيل بروست الفرنسى، وفرجينيا وولف. ولهذ رفضها البعض مثل برناردشو الذى قبل التكريم عام 1925 ورفض الجائزة المالية قائلاً: «إنها مثل طوق نجاة يلقون به للشخص بعد بلوغه الشاطئ». رفضها أيضاً الروسى بوريس باسترناك عام 1958، وجان بول سارتر عام 1964. أيضاً فإن الجوائز لم تصنع كاتباً قط وإن كانت تساعد فى تحسين أوضاعه الأدبية والمالية وترويج أعماله. وقد نقبل أو نرفض انحياز الجوائز سياسياً وفكرياً على ضوء أن من يدفع النقود يستهدف إعلاء شأن وجهة نظره، وليس وجهات نظر الآخرين. بعد ذلك تراعى الجوائز كلها عدة قواعد بديهية ومفهومة من دونها تهبط قيمة الجائزة والفائزين بها إلى أسفل درك، وتفقد تأثيرها. من تلك القواعد- مثلاً- ألا يتم منح الجائزة لمرشح ورد اسمه فى فضيحة رشوة مدوية! كما حدث فى جوائز الدولة هذا العام بفوز د. ليلى تكلا أرملة نائب وزير داخلية سابق، أستاذة القانون، بجائزة النيل فى العلوم الاجتماعية رغم استبعادها من قبل حين كانت نائبة فى البرلمان بسبب فضيحة تورطها فى تلقى رشوة من شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية مقابل التوسط لدى الحكومة لشراء طائرات من إنتاج الشركة! وقد نشرت بذلك الصدد عدة وثائق أمريكية! أستطيع على مضض أن أتفهم انحياز الدولة السياسى لكتابها إن كانوا كتاباً، وعلمائها إن كانوا علماء، لكن هل نفدت أسماء الأوفياء فلم يبق سوى شخص متهم بتقاضى رشوة؟. هناك أيضاً قواعد أخرى بديهية منها عدم تفصيل شروط الفوز على مقاس كاتب بعينه! وإلا تحولت الجوائز إلى محلات تفصيل والمحكمون ترزية. من البديهى أيضاً، ألا يكون الفائز هو الحكم على عمله الأدبى! أى ألا يكون عضوا فى اللجنة التى ترشحه للفوز ثم عضواً فى اللجنة التى تختاره!! أتحدث عن جائزة القصة القصيرة التى بدأت بإعلان غريب فى سبتمبر 2014 عن تخصيص فرع القصة لما يسمى «القصة القصيرة جداً»! فى حينه لم نفهم السر فى تخصيص المجلس الأعلى جائزته لشكل واحد من أشكال القصة فى ظل تنوع أشكالها؟! خاصة إن كان شكلاً فنياً مازال تحت الاختبار. لم نفهم فى حينه التخصيص، إلى أن فاز بالجائزة أ. منير عتيبة عن مجموعته «روح الحكاية». المدهش أن عتيبة عضو بلجنة القصة التى تختار المحكمين والفائز! فكأن عتيبة منح عتيبة جائزة أدبية! جدير بالذكر أن لعتيبة أعمالاً أدبية أخرى منها «يا فراخ العالم اتحدوا». السؤال الآن هو: هل يمكن لأحد أن يحترم جوائز ينالها متورطون فى رشوة؟ هل يمكن لأحد أن يحترم جوائز يمنحها الحكام فى اللجان لأنفسهم بأنفسهم؟ أم أن كله جايز فى ثقافة الجوايز؟. يمكن للمؤسسات الثقافية أن تفعل ما تشاء، لكن عليها وهى تفعل ذلك أن تحترم عقولنا فتقدم إلينا الأكاذيب منمقة. لكن كثير علينا أن يضاف إلى التزوير قلة احترام عقولنا.

 أديب