رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة الجماهيرية .. والعدالة الثقافية «2»


تحدثنا فى المقال السابق عن مؤتمر أدباء القاهرة، و الذى أقامته مديرية ثقافة القاهرة ومديرها الأستاذ محمد سعيد تحت عنوان «تحت استراتيجية ثقافية جديدة». ونستكمل اليوم المواد التى جاءت بالدستور والتى تنص على أن الثقافة حق لكل مواطن. ولأن الإبداع لا يزدهر إلا فى مناخ الحرية والديمقراطية أكد الباب الثالث من الدستور الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة فى المادة 65 «حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير»  وتحظر المادتان 67 و71 أى عقوبة سالبة للحرية بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أو علنية المنتج عن طريق النشر.

إن دستورنا المصرى يكفل لنا حق المطالبة بالنهوض الثقافى، فالثقافة حق لكل مواطن كحق التعليم والصحة والسكن والغذاء والعمل. إننا فى حاجة إلى وضع إطار استراتيجى جديد للثقافة عن طريق مجموعة ثقافية تتكاتف معها الوزارات المعنية من التربية والتعليم، والتعليم العالى، والشباب والرياضة، والمجلس الوطنى للإعلام، والمؤسسات الدينية للأزهر والكنيسة، ووزارة الثقافة بالاشتراك مع منظمات المجتمع المدنى المهتمة بالمجالات الثقافية والحرف البيئية. الكل معا يشارك فى إعادة بناء ونشر منظومة العدالة الثقافية. ويهمنى الإشارة إلى بعض التوصيات التى خرج بها المؤتمر، والتى أتمنى أن يتم تنفيذها وتفعيلها بالحوار والمناقشات بشأنها فى كل الإدارات المعنية بالثقافة الجماهيرية وبوزارة الثقافة كى يتم ترجمتها إلى واقع تشهده الساحة الثقافية المصرية، مع توفير الموارد وتسهيل الإمكانيات لتنفيذها حتى لا تتحول إلى توصيات على الورق ونجد أنفسنا نردد نفس الكلمات العام المقبل. وإننى لواثقة أن القائمين على رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة وكل العاملين بها كلهم حماس، وواثقة أن الكاتب والمبدع والمفكر الدكتور حلمى النمنم همه الأول عودة مصر إلى موقعها الريادى فى كل المناحى الثقافية، كما أنه مهتم برعاية المبدعين والموهوبين لأن ذلك عامل من العوامل الأساسية فى محاربة الفكر المتطرف والظلامى ومكافحة الإرهاب. والآتى بعض توصيات المؤتمر:

1 ــ فى مواجهة ما يبدو من غياب رؤية شاملة للعمل الثقافى وما يتبعها من استراتيجية قومية للمستقبل يوصى المؤتمر وزارة الثقافة بضرورة وجود هذه الرؤية، حيث يتجلى أثر غيابها بوضوح فى انقطاع جسور الاتصال بين الثقافة وجماهير الشعب، وعدم وصول الخدمة الثقافية بجميع أشكالها إليهم، مع غياب المعنى الجوهرى للثقافة عنهم كأداة للتنوير والتقدم.. 2 ــ يوصى المؤتمر الهيئة العامة لقصور الثقافة استعادة اسمها القديم «الثقافة الجماهيرية» وبأن تنشئ رؤية واضحة كرسالة وطنية وقومية نبيلة، وعنصر فى بناء الإنسان التنمية الشاملة للجميع بالتعاون مع المنظمات الأهلية المعنية، وأن تعمل الهيئة كرافعة كبرى للثقافة، لا نكتفى بكونها آلة مركزية لنقل المنتج الثقافى من العاصمة إلى الجماهير كمستهلكين له.. 3 ــ تحقيق التوازن والتفاعل فى المواد الثقافية التى تقدمها الهيئة إلى الجماهير وتشجع على البحث فيها، بين ثقافة النخبة وثقافة الشعبى، باعتبار أن الأخيرة مكون رئيسى فى بناء الهوية المصرية.. 4 ــ تقنين العلاقة بين الهيئة والمحافظين، بما يجعلهم ملتزمين بدعم الأنشطة والمشروعات بقصور الثقافة كحق لها وواجب عليهم، دون فرض وصاية أو إملاءات خارج الرؤية المعتمدة.

5- ضرورة وضع نظام منهجى لتدريب العاملين من خلال معهد أو مدرسة للكوادر، على خلفية من التفاعل الميدانى على أرض الواقع من بين أهدفها تدربهم على تفكيك بنية الفكر الظلامى والإرهابى لدى الفئات المهمشة، واعتماد مصطلح «المحرك الثقافى» لمن يقوم بالعمل مع الجماهير، واختيار قصر ثقافة نموذجى للتدريب فى كل إقليم.. 6 ــ تفعيل قوافل الثقافة المتنقلة رؤيةتفاعلية مع الجماهير، تستهدف خلق مجموعات شبابية من أبناء كل موقع لتنهض بالعمل الثقافى بشكل مستديم.. 7 ــ تخصيص قسم بكل قصر ثقافة لمحو الأمية ـ خاصة للمتسربين من التعليم ـ بمنهج يربط بين المعرفة الهجائية والتنمية الثقافية والممارسة الديمقراطية، قسم آخر لتدريب الشباب على ممارسة الحرف التقليدية.. 8 ــ دعوة الهيئة تبنى مشروعاً قومياً للنهوض بالحرف التراثية.. 9 ــ دعوة الهيئة لاستمرار مشروع النشر لإبداعات الآدباء والفنانين والمفكرين كدور أساسى فى مشروعها الثقافى وكذلك النشر الإلكترونى.