رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجربة تستحق التوقف.. عقبالنا يارب


لأول مرة تتزامن زيارتى للولايات المتحدة يوم السباق الانتخابى للولايات المتحدة، ومن الغريب أن يوم الانتخاب لم يكن لاختيار شخص واحد للرئاسة الأمريكية، ولكن لأن نظام الحكم فى أمريكا نظام رئاسى،

فالأضواء كلها تتسلط على شخص الرئيس القادم إلى البيت الأبيض، وكان يوم الثلاثاء السادس من نوفمبر هو يوم نهاية السباق، ولا شك وقد تابعنا المنافسة الحامية بين أوباما الذى يتسابق مع رومنى حول فترة ثانية لأربع سنوات بالنسبة لأوباما، أو ليدخل رومنى إلى القلعة البيضاء ليبدأ رحلة جديدة فى ذلك البيت الجديد بالنسبة له.

الشعب الأمريكى بكل أطيافه وألوانه، شباباً وشيوخاً، نساء ورجالاً، الكل يتحدث عن الرئيس القادم، فأوباما يمثل غالبية الشباب الأمريكى واللون الأسود، والطبقة المتوسطة، والفقراء الذين لا يملكون تذكرة علاجهم الطبية حيث لا يقدرون على سداد قيمة التأمين الصحى، وينضم إلى كل أولئك غالبية العرب المهاجرين بأمريكا، أما يوم السباق الكبير فكان يوما رائعا لا يسمع صياح ولا شجار، بل الهدوء كل الهدوء، فاللجان الانتخابية معدة قبل يوم السباق العظيم، ولا يقف أمامها أى شرطى أو رجل أمن، بدأ سباق انتخابات أمريكا، ليس فقط لرئيس البلاد، بل لكل المواقع السياسية، بداية من الرئيس ونائبه، حيث تقدم ستة مرشحون للرئاسة ومعهم ستة نواب للرئيس يمثلون الأحزاب «الخضر والمستقلون والجمهوريون والأحرار والسلام والحرية وأخيرا الديمقراطيون»، ومن أبرز المرشحين كان رومنى للرئاسة ونائبه بول ريان ويحملان رقم 13 ويمثلان الحزب الجمهورى، ثم باراك أوباما ونائبه جوزيف بيدن ويمثلان الحزب الديمقراطى ورقمهما 19، أما القائمة الثانية فاحتوت على مرشحى مجلس النواب عن حزبى الجمهورى والديمقراطى، ثم القائمة الثالثة للشيوخ عن الحزبين الجمهورى والديمقراطى، والقائمة الرابعة مندوبون عن مجلس الولاية، والقائمة الخامسة عن المدينة.

أما القائمة الأكبر فاحتوت على مسئولى الخدمات المحلية كالتعليم والضرائب، ثم الآراء حول المشروعات المقترحة وهى الخدمات وليست الأشخاص، مثل الأمن العام وزيادة الضرائب على الدخول الكبرى التى تزيد على ربع مليون سنويا، والتعديلات الدستورية، وشركات التأمين، ونظم العلاج، وعقوبة الإعدام، وزيادة مدة السجن لبعض الجرائم، وزيادة الغرامات لبعض المخالفات، واقتراح ضريبة تخصيص للتعليم ورعاية الأطفال لمدة 12 سنة ولمدة أربع سنوات لسداد مديونية الولاية، وذلك كله لتوفير عشرة مليارات دولار تتزايد سنويا تخصص كلها للتعليم ورعاية الطفولة قبل السن المدرسية، مع احتياطى لسداد عجز الموازنة على الولاية، كما يصوت المواطنون لاستطلاع رأيهم حول خدمات الولاية.

أما قائمة الانتخابات التى تأتى تحت رقم 7 فهى لاختيار المجلس المحلى ومجالس إدارات التعليم وغيرها، والسؤال الذى يتبادر إلى الذهن كيف تتم هذه الاختيارات التى وصلت أرقامها إلى 192 خانة مطلوب من كل أمريكى فى الولاية والمحافظة والمدينة والحى أن يختار منها فى زمن قياسى لا يتجاوز دقيقة واحدة وعلى الأكثر دقيقة ونصف الدقيقة - كما تابعت بنفسى فى واحدة من اللجان الانتخابية، لقد بدأت عملية الانتخابات منذ السابعة صباح الثلاثاء وحتى الثامنة مساء، ولم يكن ذلك اليوم عطلة رسمية فى أى من الولايات المتحدة الأمريكية.

الخطوات كما يلى: أرسلت كراسة تحت عنوان «عينة رسمية للانتخابات الأمريكية العامة الثلاثاء السادس من نوفمبر عام 2012»، وكتب على الغلاف «ضع تأشيرة على اختيارك فى هذا الكتيب واحمله معك حيث دائرة انتخابك، ولتعرف دائرتك راجع الملحق الأخير بهذا الكتيب، أو تابع ذلك على الموقع الإلكترونى، أو اتصل بهذه الأرقام تليفونيا، وللمشاركة بالبريد راجع الجزء الأخير بالكتيب.

أما كيف تمكنت من هذه المتابعة وأنا لست أمريكيا وليس لى حق المشاركة، فقد رافقت أسرة مصرية لها هذا الحق، وعندما عرف الشخص المتطوع والمسئول عن تلك اللجنة رحب بى لأجلس فى وسط الغرفة على مقعد وأمامى منضدة لأتابع حركة الانتخاب، فكل مواطن أو مواطنة يدخل الدائرة وفى يده الكتيب المرسل إليه بالبريد، والذى يحتوى على أسماء المرشحين، والأسئلة والمطالب المراد التصويت عليها، وقد درسها الناخب بعناية، وعندما يدخل إلى لجنته ويتسلم بطاقته الانتخابية يقوم بالتأشير أمام اختياراته التى أعدها فى كراسته الانتخابية، والتى لا تستغرق أكثر من دقيقة، يقوم بعدها بإدخالها فى الجهاز الآلى الذى يمتصها لتذهب إلى المقر الرئيسى فى طرفة عين، وبالتالى يتلقاها الحاسب الآلى الذى يقع فى المركز الرئيسى حتى لا يتدخل أى عنصر بشرى فيما قام به الناخب الأمريكى، وعند الثامنة مساء كان كل شىء قد انتهى.

مع ملاحظة أن القنوات التليفزيونية كانت تركز على انتخاب الرئيس، ففى كل دقيقة تقريبا كان يظهر عدد الأصوات وعدد النقاط التى حصل عليها كل من المرشحين للرئاسة، فهناك مؤشران للنجاح، أولهما عدد أصوات الناخبين، وعدد النقاط التى لكل ولاية، والمعروف أن من يحصل على 270 نقطة يكون هو الفائز بالرئاسة، فهناك ولاية لها أربع نقاط فقط وأخرى لها 20 نقطة ولثلاث ولايات لكل منها أربعون نقطة، والأمريكيون يعرفون أنه لا أحد يفوز بالرئاسة إلا الحاصلون على نقاط الولاية ذات النقاط الأعلى مثل أوهايو وفلوريدا، أما كاليفورنيا فهى فى غالبيتها للحزب الديمقراطى، وأوباما ينتمى إلى هذا الحزب، وقد فاز بتجاوزه لأكثر من 270 نقطة وكان إعلان النتيجة بعد انتهاء التصويت بدقائق معدودة، تلك هى التجربة الأمريكية التى راقبتها من قبل إحدى لجانها وقد تمت بلا شرطة ولا قوات أمنية ولا ضجيج، حيث كان أول المهنئين لأوباما هو خصمه الجمهورى رومنى، وما خرجت أنا به هو كراسة الانتخابات التى تحمل تفاصيل التجربة التى علقت عليها بالقول «عقبالنا يارب