رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مياه الصيف الخضراء

الشاعرة الإيرانية
الشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد

 

أكثر عزلة من ورقة الشجرة‏

مع حمل سعاداتى المهجورة‏

أبحر بهدوء‏

فى مياه الصيف الخضراء‏

إلى أرض الموت‏

إلى شاطئ أحزان الخريف.‏

تركت نفسى فى الظل‏

فى ظل عشق لا يبالى، ‏

فى ظل هروب السعادة‏

فى ظل عدم التوازن.‏

الليالى، حيث يطوف النسيم السكران‏

فى السماء الواطئة المشتاقة.‏

الليالى إذ يعصف ضباب دموى‏

فى أزقة الشرايين الزرق.‏

الليالى حيث وحدتى‏

وحيدة مع رعشات روحينا.‏

فى ضربات النبض‏

يغلى إحساس الوجود‏

الوجود المريض.‏

فى انتظار الأدوية سر‏

هذا ما حفروه فى الصخور القاسية‏

على قمم الجبال، ‏

هؤلاء الذين فى خط سقوطهم‏

لوثوا - بالرجاء المرّ- ليلةَ صمت الجبليين.‏

فى اضطراب الأيدى الممتلئة‏

لا هدوء للأيدى الفارغة.‏

ظلام الأنقاض جميل.‏

هذا ما غنته امرأة فى المياه‏

فى مياه الصيف الخضراء‏

كأنها تسكن فى الحطام.‏

نحن، بأنفاسنا، يلوث أحدنا الآخر‏

وها، ملوثين بتقوى الفرح‏

نخاف صوت الريح‏

وسطوة ظلال الشك.‏

فى غابات قبلاتنا نفقد ألواننا.‏

نحن فى كل ضيافات قصر النور‏

نرتجف من وحشة الضياع.‏

الآن أنت هنا‏

تنبسط كعطر الأكاسيا‏

فى أزقة الصباح.‏

ثقيل على صدرى‏

حار فى يدى‏

سكران فى ضفائرى‏

محترق‏

مندهش‏

أنت الآن هنا.‏

شىء ما، واسع قاتم ومديد‏

شىء مضبب‏

مثل صوت يوم بعيد،‏

يدور‏

ويبسط نفسه على‏

أجفانى القلقة.‏

لعلهم يغترفوننى من الينبوع‏

لعلهم يقطفوننى من الغصن‏

لعلهم، كالباب، يغلقوننى على اللحظات القادمة‏

لعلى‏

لا أرى مرة أخرى.‏

نحن نمونا على أرض يباب‏

نحن أمطرنا على أرض يباب‏

نحن رأينا اللاشىء‏

بحصانه الأصفر المجنح‏

على الطرقات‏

يشق طريقه كملك.‏

يا للحسرة، نحن سعداء وهادئون‏

يا للحسرة، نحن ملتاعون وآفلون‏

سعداء لأننا نحب‏

ملتاعون لأن الحب لعنة.‏