رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السيسى» وثقافة التنوع «2-3»


ذكرنا فى المقال الماضى أنه للمرة الثانية على التوالى فى أثناء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد،قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أثناء القداس لتهنئة المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح، وفى كلمات رقيقة معبرة لمست شغاف القلب قال الرئيس للمصلين من ضمن ما قال: «من سنن ربنا سبحانه وتعالى، التنوع والاختلاف، ربنا خلقنا أشكالاً وألواناً وديانات ولغات وعادات وتقاليد مختلفة، ولا أحد يستطيع جعل الناس كلهم شيئاً واحداً». ويُحسب للرئيس السيسى أنه أول رئيس مصرى يهنئ المسيحيين ويلقى كلمة تهنئة أثناء القداس منذ 23 يوليو 1952، حيث إنه يُعتبر أول رئيس مصرى يهنئ المسيحيين بعيدهم أثناء القداس داخل الكاتدرائية فى يناير 2015، وكررها للمرة الثانية هذا العام، وهذا يؤكد أن عقلية هذا الرجل عقلية تسامحية منفتحة تقبل التعددية والتنوع وترفض التعصب والأحادية. وفى مقال اليوم نستكمل الحديث حول زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية، فنؤكد أن قيمة زيارات الرئيس للكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد تظهر عندما نقارنها بالمواقف السلبية للرئيس السابق محمد مرسى من مسيحيى مصر، ففى خطابه قبل الأخير تحدث مرسى عن مسيحيى مصر فقال: «وأصارحكم بأننى لا أشعر براحة منعلاقات فاترة، لا تخطئها عين مدقق خلف الابتسامات واللقاءات البروتوكولية التى تجمعنا مع الإخوة المسيحيين»، هذا فضلاً عن غياب مرسى ورئيس وزرائه عن حفل تنصيب البابا تواضروس، وتأكيداً لكراهية الإخوان للمسيحيين قال الدكتور محمد البلتاجى أحد أقطاب الإخوان: «إن معظم من كانوا فى الاتحادية من المسيحيين» حتى إنه بعد صدور فتوى بتحريم التهنئة بأعياد المسيحيين، حاول الإخوان مغازلة المسيحيين بعدها بطريقة «جه يكحلها عماها»، فقال مفتيهم الدكتور عبدالرحمن البر: «يجوز تهنئة المسيحيين فى عيد الميلاد ولا يجوز فى عيد القيامة»!!

وزيارة السيسى للكاتدرائية وتهنئة المسيحيين بالعيد أثناء القداس لها عدة دلالات،الدلالة الأولى أن المسيحيين مواطنون مصريون يتساون مع كل المصريين دون تفرقة أو تمييز وأعيادهم هى موضع تقدير واحترام،وهذا ما أكده الرئيس بوضوح فى كلمته القصيرة البليغة العميقة،والدلالة الثانية أراد الرئيس بزيارته للكاتدرائية أن يوجه رسالة إلى المتطرفين أعداء الحب الذين ينشرون ثقافة الكراهية ويدعون لعدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، أراد الرئيس أن يقول لهم إنه رئيس لجميع المصريين وأن تهنئة الآخر بعيده لا تعنى بالضرورة أن من يقوم بالتهنئة يؤمن بمعتقدات من يهنئه، ولكنها اللفتة الإنسانية الجميلة المفعمة بالحب والتى تتمنى الخير الدائم للآخر الدينى المغاير، والدلالة الثالثة لتلك الزيارة التاريخية هى الاعتراف بالدور التاريخى والوطنى لمسيحيىمصر،فالمسيحيون المصريون كانوا بجانب إخوانهم المسلمين فى جميع ميادين التحرير وخرجوا للشوارع فى 25 يناير 2011 وفى 30 يونيه 2013 ولا يمكن لأحد أن يقلل من قيمة الدور الوطنى الذى قاموا به طوال تاريخهم. وللحديث بقية.