رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرية التزام ومسئولية


والحرية تبدأ من حيث ينتهى الجهل ليتمكن الإنسان من اتخاذ القرار وتحديد الاختيار من بين عدة خيارات متاحة دون قيود مادية أو معنوية بالوعيد أو التهديد، سلباً أو إيجاباً، من الداخل أو من الخارج.

فى مقولة لمؤرخ يونانى اسمه ثيوسايدس «الحر هو إنسان سعيد وسر الحرية هو الشجاعة»، أما فولتير فكتب « يصبح الإنسان حراً فى لحظة اشتياقه إلى الحرية وسعيه الجاد نحوها»،

أما أبراهام لينكولن فقال «من ينكر الحرية على الآخرين لا يستحقها لنفسه»، أما أينشتاين فقيل عنه «كل شىء عظيم صنعه إنسان حر»، ومما ما كتبه مارتن لوثر كنج « لا أحد يستطيع أن يمتطى ظهرك إلا إذا انحنيت له».

وروى عن عمر ابن الخطاب مقولة «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». ومن أقوال المسيح «تعرفون الحق والحق يحرركم ومن يفعل الخطيئة يكون عبداً لها».

أما الأطباء النفسيون فلهم توصيفهم العلمى لمعنى الحرية، فهى حالة أن يكون الإنسان حراً من الحواجز، وغير واقع تحت ضغوط نفسية، وأن يكون متحرراً من الضغوط الخارجية أو الداخلية بكل أنواعها، والقدرة على اتخاذ القرار دون ضغوط.

كما أنها الاستقلال السياسى الخارجى والداخلى ورفض العبودية بكل صورها، فالعبد هو من باع حريته بأى مقابل، فالحرية تحتاج إلى قوة رافضة للعبودية.

والحرية تبدأ من حيث ينتهى الجهل ليتمكن الإنسان من اتخاذ القرار وتحديد الاختيار من بين عدة خيارات متاحة دون قيود مادية أو معنوية بالوعيد أو التهديد، سلباً أو إيجاباً، من الداخل أو من الخارج.

أما الحديث فى أمريكا عن الحريات، وهل هى حقيقية أم أنها على الورق، ولم تعد إلا شعاراً بالقول إنها بلد الحريات؟ فكثيرون تلقاهم فتسألهم عن صحة هذه المقولة فتسمع من يقول إنها ليست كما يتخيل الناظرون إلينا من الخارج، ولكن يمكن القول بالأكثر دقة أننا أفضل من غيرنا فى كثير من دول العالم، فالطفل الصغير وقبل السن المدرسية، كما اسمع حفيدتى وهى دون الخامسة، لكنها مثيرة للجدل، فكثيراً ما تكرر عبارة معناها فى العربية « اتركنى وحدى «، تلك العبارة ليست قاصرة على «هنا» وحدها، بل معظم من نلقاهم فى عمرها يكررون ذات اللفظ . وتسمع المواطنة أو المواطن يقول لا أحد يستطيع إجبارى على عمل لا أحبه أو أستريح له، كما لا يستطيع أى من كان أن يلزمنى على موقع بذاته للسكن فيه، إنها أبسط حرياتى طالما كنت المسئول عن سداد مقابل سكنى، ولا يجبرنا أحد على شراء سلعة لا تعجبنا، حتى بعد شرائها، كما لاحظت أنه حتى المأكولات التى لا تعجب من اشتراها فهى تعاد إلى متاجرها، وهم يلقونها فى المخلفات ولا تعرض مرة أخرى، حتى وإن كانت لا تزال مغلفة، وسمعت المسئول يقول إننا لا نعلم درجة التبريد التى تعرضت لها السلعة المباعة، لكن لك كل الحق ألا تقبل سلعة لا تحبها. ولكن السؤال: هل هذه هى الحرية ؟ بالطبع لا، فهناك قواعد وقيود لا بد من احترامها، فالطالب لا يستطيع أن يحمل فى حقيبته أى نوع من الأدوية ولو كان الأسبرين، أو يعطى زميلاً قرصاً منها، كما لا يستطيع مدخن أن يدخن فى مطعم، ولا يستطيع مواطن أن يخبئ ماله الخاص بعيداً عن الرقابة المصرفية أو الحكومية، والعقوبات رادعة قد تصل إلى الحبس. والقانون لا يسمح لك أن تأوى طفلاً ضالاً ولو لساعة فى بيتك، فقد تعرض نفسك للاتهام بتهمة ترجمتها «القرف».

كما أنه فى الكثير من المواقع تسجل مكالمتك الهاتفية، صحيح أنهم ينبهونك قبل التحدث أن حديثك مسجل، فالحرية فى أى بلد فى العالم ليست مطلقة، كما أنها ليست غائبة بالكلية، وكلما كثرت القوانين قلت الحريات، وهم فى أمريكا يعلمون حتى الأطفال حقوقهم وواجباتهم، وما لم يلتزموا بالقوانين فالعقوبات رادعة، وقد شاهدت على التلفاز القاضية تحكم بحبس سيدة لأنها خرقت الاتفاق المبرم بينها وبين زوجها السابق بألا تتحدث عنه بأى من الوسائل العلنية، وبعد سماع محامى الزوج السابق والردود على استجواب القاضية للسيدة ولمدة أربع ساعات، كان الحكم فى عبارة واحدة «إذهبى إلى السجن»، وهنا لا توجد معارضة أو كفالة، فالخروج من قاعة المحكمة إلى السجن لنحو ستة أشهر لأنها خرقت الاتفاق، وكان رد السيدة للصحافة «أين الحريات».

وحتى لا تكون الصورة قاتمة، فهم يعلمون الأطفال حقوقهم وواجباتهم، وما لهم وما عليهم، فالأطفال يتكلمون مع معلميهم بكل حرية، لكن فى حدود الأدب بالطبع.

إنها الحرية الموجهة والتى تنتهى عند حرية الآخر، وفى حدود القانون وقواعد الأخلاق، وبقى المطلب.. نعم للحرية مع قبول الحدود الملزمة، فالحرية التزام ومسئولية .

الرئيس الفخرى للطائفة الانجيلية