رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رؤية لدراما وبرامج رمضان «٢»


استكمل رؤيتى لدراما الشهر الكريم وابدأ بانتقاد هذا الكم الهائل من الإعلانات الذى تزدحم به المسلسلات دون استثناء، وكأن إعلانات السنة كلها قد تلخص فى شهر واحد فلقد أفسدت الإعلانات هذا العام متابعة الدراما الرمضانية ووصلت إلى حد أن المشاهد ينسى أى مسلسل كان يتابع فالحلقة لا تتجاوز مدة عرضها نصف ساعة بينما الإعلانات تستمر لأكثر من ربع أو ثلث ساعة، كل خمس دقائق مما أفسد على المشاهد المتابعة والتركيز مما يعد تجاوزاً فى حق المشاهد واستفزازاً له، ولقد طالبت فى العام الماضى من إدارة القنوات أن يتم تركيز الإعلانات فى بداية المسلسل ثم فى نهايته ولكن لا حياة لمن تنادى، وهناك إعلانات تدعو وتشجع على العنف وعلى الألفاظ البذيئة وتحث على العنف مثل الإعلان الذى يضرب فيه الأب ابنه على وجهه بكل قسوة مما يتنافى مع قانون حقوق الطفل المصرى والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر، كذلك هناك الإعلان الذى يتحول فيه الإنسان إلى وحش آدمى أخضر يدمر ما حوله بسبب العصبية والسلوك الفوضوى والبلطجة وقلة ذوق الشعب المصرى، إن الإعلانات توضح أننا شعب همجى وعنيف وغير متحضر.

أما الجانب الإيجابى فيها هذا العام فكان الدعوة للمشاركة فى التبرع للمستشفيات المجانية وللمرضى الأشد احتياجاً، ورغم مرور أسبوع واحد فقط على الشهر الكريم لكن يمكننى أن أقول إن أفضل مسلسل فى تقديرى هو «حارة اليهود» لأنه قد نجح فى جذب المشاهد وقدم دراما متميزة لشكل الحياة فى الحارة فى حقبة زمنية فى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، إن هذا المسلسل رغم أنه يثير جدلاً كبيراً حوله، إلا أنه يحسب له فى تقديرى أنه قد اقتحم منطقة جديدة لم تتطرق إليها الدراما المصرى الا هامشيا، لأنه يقدم حارة مصرية يعيش فيها ناس عاديون من المسلمين واليهود والمسيحيين فى وقت ما بمصر وقبل تنفيذ الصهيونية على أرض فلسطين، ورغم أنه يقدم موضوعاً حساساً وشائعاً وهو حياة اليهود فى مصر باعتبار بعضهم من الناس العاديين، وليسوا جميعاً من المنضمين إلى الأطماع الصهيونية وشكل اليهودى النمطى الذى اعتدنا تقديمه فى الدراما المصرية، إلا أنه قد نجح فى تقديم وجهة نظر المؤلف مدحت العدل بشكل موضوعى فى شكل العلاقات فى المجتمع المصرى قبل ظهور تيارات التطرف الدينى سواء ظهور جماعة الإخوان المسلمين التى تدعو للتطرف الدينى والعنف والدماء أو سواء الحركة الصهيونية التى قامت على أنقاض الشعب الفلسطينى.

إن حارة اليهود هو قصة لرؤية ورأى مؤلف متميز هو مدحت العدل، لا أظن أنه يحاول بها المساهمة فى تقارب العلاقات بين المصريين والإسرائيليين بل هو يقدم جانباً من شكل الحياة الاجتماعية على خلفية تاريخية تتناول ظروف الحارة المصرية التى لم تكن بها تفرقة بين الأديان إلى أن بدأ تنفيذ مخطط قيام إسرائيل فى أرض فلسطين مصحوباً بالتغيرات التى حدثت داخل الحارة، وكل ذلك من خلال قصة حب رقيقة بين فتاة يهودية وضابط مصرى، وفى الحلقات الأولى نرى أنماطاً مختلفة ومتعددة من الحارة فمنهم الموالون من اليهود للاستيلاء على فلسطين وقيام دولة إسرائيل، ومنهم الناس العاديون من اليهود الذين يعيشون فى مصر، وليس لهم ميول استعمارية كما يقدم الأسر المسيحية التى تعيش مع الأسر المسلمة المعتدلة بشكل طبيعى وأيضاً الأصوات المتطرفة التى تحث على العنف والتطرف.

وللحديث بقية..