رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإرهاب أخطر أمراض العصر


تبذل بعض دول العالم جهوداً قوية أو متراخية، لمحاربة الإرهاب، وذلك بقدر تأثير الإرهاب عليها أو على مصالحها، وقد لا يهمها تعرض دول أخرى للإرهاب، ولكنها جميعاً حتى اليوم ليس لديها استراتيجية موحدة لمحاربة ذلك الإرهاب واقتلاع جذوره. هناك استراتيجيات متباينة حتى داخل الغرب نفسه، أما العرب فلا أظن أنهم قادرون على تبنى واتخاذ استراتيجية واحدة فى هذا الصدد لأسباب عديدة منه...

 أن مناهج التعليم فى بعضها خاصة الدينى، وكذلك بيروقراطية التخلف تحول دون ذلك. فالقوائم التى تضم أو تدمغ أو تدين أو تحظر الإرهابيين متنوعة ومختلفة، وليست هناك قائمة واحدة موحدة وافقت عليها الأمم المتحدة أو دول التحالف جميعاً أو حتى العرب وحدهم. شهدنا بعد ظهور داعش وحدها، عشرات المؤتمرات التى عقدت فى الشرق أو الغرب لمواجهة التطرف، والإرهاب، كما حدث أيام إظهار القاعدة، والتركيز عليها حتى بلعت طعم 11 سبتمبر، وتلاه ما تلاه من أحداث فى أفغانستان والعراق وسوريا خصوصاً، حتى ظهرت داعش، وتلاشت أو كادت القاعدة، أو لبس معظمها لباس داعش، نظراً لما يظنونه نجاحاً على الأرض، بامتلاك قطعة من الجغرافيا والتحكم فيها، وعجز دولة العراق، كما عجزت سوريا عن مواجهة داعش، ومن تدعشوا بعد بروزها.

كانت كلمات «أوباما» فى قمة واشنطن لمواجهة الإرهاب فى الأسبوع الماضى، تبرئة للغرب من محاربة الإسلام، معتبراً أن محاربة هذه الفكرة، كذبة بشعة، وينبغى عدم التردد فى مواجهة الإرهاب، ودعا «كيرى» فى نفس الوقت إلى وضع استراتيجية موحدة لمواجهة الإرهاب، ودراسة سبل مواجهة الإرهاب.

هل أمريكا تحارب الإرهاب منذ القاعدة حتى اليوم دون استراتيجية أو معرفة سبل مواجهته؟ كيف يمكن للعرب أن يصلوا إلى اتفاقية موحدة مع الغرب، وعلى الجانبين من يدعم الإرهاب بالسلاح والتدريب والمعدات والمال والمعلومات، حتى تبرز الفتنة ويقبل العرب خصوصاً، الواقع الجديد إذا نجحت مخططات هذا الغرب فى التقسيم والتفتيت حرصاً على أمن إسرائيل خصوصاً، وحرمان هذا العالم العربى المتخلف من ثرواته والقدرة على النهوض أو الخروج من التخلف. نعم أنا مع أوباما فى أن الغرب لا يحارب الإسلام، حرباً مباشرة كالحروب الصليبية الأولى، وإن كان ذلك يتناقض مع بعض مقولات «بوش» الابن فى هذا الصدد.نعم أنا مع «أوباما» فى أن الغرب لا يحارب الإسلام وحده، فقد حارب الغرب من قبل اليابان ودمرها تدميراً، وحارب فى فيتنام وخرج منها مدحوراً، ولكنه نجح فى تدمير العراق، ونجح فى زرع وتقوية إسرائيل فى قلب العالم العربى والإسلامى، واحتكر ثروات العرب، لديه فى البنوك أو فى اتفاقيات حقول النفط، أو تصدير الأسلحة تحت بصره وسمعه، أو زرع القواعد العسكرية فى الخليج خصوصاً أو استخدام بعض الدول العربية كأذرع للغرب فى مخططات الفتنة والتقسيم. الغرب وخصوصاً أمريكا يحاربون نماء الآخر أو تقدمه، ولو أننا اعتبرنا الإرهاب مرضاً أخطر من الإيبولا والإيدز والسرطان والأمراض الوبائية الأخرى، ولو أننا بحثنا فعلاً عن التطرف وأسباب الإرهاب ومقوماته فىالشرق أو الغرب، كما نبحث معملياً عن علاج لتلك الأمراض، لأمكننا أن نعالجه من الجذور، أو نحد من وطأته حتى يتلاشى على الأرض، وقد يبقى منه شىء فى العقل والفكر مما يحتاج إلى علاج فقهى وفكرى ونفسى ضمن الثورة التى نادى بها الرئيس السيسى. هل تستطيع أمريكا أن تفعل ذلك كله أو تقوده عبر الأمم المتحدة؟ أم أن أمريكا تقدم الحل الأمنى من خلال مجلس الأمن وباستخدام الفيتو، حتى تضمن استخدام الإرهاب، الذى شاركت فى صناعته وتطويعه لمصالحها ومصالح الغرب ومصالح إسرائيل؟ إن استراتيجيات مواجهة الإرهاب دون قوة وإرادة مثل التى قامت بها مصر ضد بعض تجمعات ومعسكرات الداعشيين فى ليبيا تظل حبراً على الورق حتى لو وافق عليها العالم أجمع . والله الموفق