رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وضاعت الوسطية والحكمة


ألا يدرك بعض أصحاب التحالف أن الحديث عن الدماء والاستشهاد دفع الشباب إلى صناعة المفجرات والتفجيرات، وما أحدثته للأبرياء ولأنفسهم كما حدث فى كرداسة مؤخراً؟ ألم يكن من الأجدى والأولى أن يدعو التحالف هذا الشباب إلى حسن صناعة المستقبل الذى يليق بالأمة؟

لتكن دماء الشهداء دافعاً لتطوير الفاعليات وقهر الباطل والقرار الميدانى للأرض فى ضوء التطورات.. هكذا يقول بيان تحالف دعم الشرعية فى ذكرى عزل الرئيس مرسى، ثم يدعو التحالف إلى استمرار التظاهرات، وليته احترم القانون فى ذلك. ألا يعرف بعض أصحاب هذا التحالف وهم خليط من إسلام شتى أن الحديث عن الدماء أمر يتحدث فيه الفقهاء ويقضى فيه القاضى، وتكون عليه أدلة شرعية؟

ألا يدرك بعض أصحاب التحالف أن الحديث عن الدماء والاستشهاد دفع الشباب إلى صناعة المفجرات والتفجيرات، وما أحدثته للأبرياء ولأنفسهم كما حدث فى كرداسة مؤخراً؟ ألم يكن من الأجدى والأولى أن يدعو التحالف هذا الشباب إلى حسن صناعة المستقبل الذى يليق بالأمة؟

استوقفنى فى بيان القيادى طارق الملط فى حزب الوسط المستقيل أو المنسحب من التحالف، ثلاث فقرات توضح للجميع حال هذا التحالف، وهو بالتحالف خبير. قال طارق الملط فى حواره مع وكالة الأناضول «إنه غادر التحالف بعد أشهر من عدم وجود رؤية، وتوصيف خاطئ للصراع باعتباره صراع هوية ودين وليس صراعاً سياسياً»، هذه هى الفقرة الأولى، لا توجد رؤية لدى التحالف، والصراع لا علاقة له بالدين. أما الفقرة الثانية فتزعم أن التحالف كانت بدايته مبشرة، لكن للأسف، سرعان ما تحول أداؤه إلى خطابات حنجورية، وأصبح يتحرك بعقول ليس لديها رؤية سياسية، ولكن الفقرة الثالثة مهداة إلى أصحاب التحالف لعلهم يرجعون عن الطريق الخاطئ الذى ساروا فيه وقادوا الشباب إليه. تقول تلك الفقرة «التحالف صار منفصلاً عن الواقع تماماً، ويعيش فى بوتقة لا يرى فيها إلا نفسه، ويبنى مواقفه على أن مصر كلها مع حراكهم، ومع احترامنا لهذا الحراك، لكنه فى الواقع يلقى بخيرة شباب مصر للتهلكة».. انتهى كلام الملط.

وهنا يذكرنى بيان التحالف الذى يقوده الإخوان شكلاً لا فكراً، بأيام كان الإخوانى يعرف أنه مظلوم ومن أجل دعوته يصبر ويحتسب، بل كان هناك شنطة وراء الباب جاهزة طول الوقت يحملها معه إذا جاء الأمن للقبض عليه، وكانت هذه السلمية تكتل الشعب من حول الإخوان، وتدرك مظلوميتهم، وتساعد على نشر الدعوة الوسطية. أما البيانات التى تصدر اليوم عن التحالف وطوال سنة كاملة فتحض على العنف والدماء، بلغة صريحة أو بين السطور.

لغة البيانات اليوم تتحدث عن قهر الباطل وهذا نقل للتنافس السياسى إلى صراع دينى، إلى حق وباطل، وليس إلى صواب وخطأ أو فساد أو ديكتاتورية. عندما يزعم البيان «أن الثوار قد أكدوا اليوم أنهم أصحاب الكلمة العليا وأنهم من يسطرون مستقبل مصر الآن فى الشوارع» وعندما يزعم البيان، أن الشعب المصرى الثائر قد تقدم لتحقيق أهدافه. لقد نسى من صاغ البيان وهو ينتمى إلى تحالف بعض الإسلاميين فقط وليس تحالف الشعب، أن الكلمة العليا هى لله وحده، ونسى أن معظم الشعب المصرى الثائر كره أفعالهم السيئة ويقف مع الدولة ضد أعمال الإجرام والتفجير والقتل. ضاع العقل وضاعت الوسطية التى دعا إليها الإسلام الصحيح، وضاع الفقه بشأن الدماء. نحتاج إلى العقل والحكمة والفهم الوسطى، والعودة إلى العقل أولى من التمادى فى اللاعقل..

والله الموفق