رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم القهر.. معارك الشجاعية.. لعنة تطارد جيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة

جيش الاحتلال الإسرائيلى
جيش الاحتلال الإسرائيلى

سلطت صحف إسرائيلية وأمريكية الضوء على ما حدث فى معركة حى «الشجاعية»، أحد أكبر أحياء مدينة غزة، والتى نجحت خلالها فصائل المقاومة الفلسطينية فى قتل عدد كبير من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلى، فى تفجير واحد لإحدى آلياته العسكرية، من بينهم ضابط برتبة «عقيد»، إلى جانب قائد «الكتيبة ١٣» فى «لواء جولانى». ورأت صحف عبرية أن حى «الشجاعية» تحول إلى «لعنة»، بعد أن شهد المعارك الأكثر دموية بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلى خلال حربه على غزة، بالإضافة إلى ما شهده فى الماضى من خسائر كبيرة لقواته، مؤكدة أن الخسائر الحقيقية للجيش خلال الحرب أكبر كثيرًا مما تم الإعلان عنه حتى الآن. 

«تايمز أوف إسرائيل»: مقتل قادة كبار.. والاعتقاد فى ضعف «حماس» السبب

ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن جنازة الجنود الذين قتلوا فى حى «الشجاعية» بمدينة غزة أُقيمت الأربعاء الماضى، وكان من بين القتلى العقيد يتسحاق بن بسات، والمقدم تومر جرينبرج، قائد «الكتيبة ١٣» فى «لواء جولانى».

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن معركة «الشجاعية» كانت واحدة من أكثر المواجهات دموية منذ بداية التوغل البرى الإسرائيلى فى قطاع غزة منذ ٢٧ أكتوبر الماضى، وتسببت فى حضور العديد من كبار ضباط الجيش الإسرائيلى جنازات رفاقهم الذين سقطوا أثناء القتال.

ووصف الرئيس الإسرائيلى، إسحاق هرتسوغ، القتلى بأنهم كانوا الأفضل فى جيش الاحتلال، ومن بينهم العقيد يتسحاق بن بسات، ٤٤ عامًا، رئيس فريق القيادة الأمامية لقائد «لواء جولانى»، والذى يعد أكبر ضابط فى الجيش الإسرائيلى يقتل فى الغزو البرى لقطاع غزة. 

وقالت «هدار»، زوجة «بن بسات»: «طوال الليل حاولت الكتابة.. لم أتمكن من ذلك، وقلبى يتحرق للوداع»، مضيفة: «هذا الصباح استيقظت وبكينا، أنا والأطفال.. ٥ قلوب مكسورة تحبك ومتصلة بك».

وكشف رئيس مديرية شئون الموظفين فى جيش الدفاع الإسرائيلى، اللواء يانيف أسور، عن أن «بن بسات» كان فى إجازة قبل تقاعده من الجيش الإسرائيلى عندما وقعت عملية «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر الماضى، لكنه استقل سيارة «جيب» فورًا وذهب للمساعدة، ثم قرر البقاء فى الخدمة فور اندلاع الحرب.

وأشارت «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن جنازة المقدم تومر جرينبرج، «٣٥ عامًا»، قائد «الكتيبة ١٣» فى «لواء جولانى»، أقيمت فى المقبرة العسكرية بجبل «هرتزل» فى القدس. بينما دُفن الرائد موشيه أفرام بار أون، «٢٣ عامًا»، قائد سرية فى «الكتيبة ٥١» بـ«لواء جولانى»، فى رعنانا. وأعربت شريكته «لويزا» عن عدم تصديقها وقوفها فى جنازته.

وعن تفاصيل المعركة، قالت الصحيفة إن قوات الاحتلال كانت تجرى عمليات تفتيش فى قلب «الشجاعية»، عندما تعرضت لكمين فى الحى الذى يعد أكثر معاقل حركة «حماس» الفلسطينية تحصينًا فى شمال غزة.

وأضافت: «الجيش الإسرائيلى اعتقد أن قيادة وسيطرة (كتيبة الشجاعية) التابعة لـ(حماس) مُعطلة إلى حد كبير، وأن الحركة تعمل فى المنطقة بطريقة أقل تنظيمًا ومع فرق أصغر، لكن ما حدث أكد عكس ذلك»، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلى رفض الإعلان عن عدد مقاتلى «حماس» الذين قُتلوا فى المعركة.

وواصلت: «الكمين كشف عن طبيعة العلاقة المريرة بين لواء جولانى والشجاعية، فخلال حرب غزة فى ٢٠١٤ قُتل ٧ جنود من اللواء، عندما أصيبت ناقلة جنود مدرعة أثناء القتال فى الحى، كما تم أسر الرقيب أورون شاؤول، الذى لا يزال محتجزًا لدى الحركة».

وأشارت إلى أن «الكتيبة ١٣»، بقيادة المقدم تومر جرينبرج، كانت أيضًا واحدة من الوحدات الأكثر تضررًا خلال هجوم ٧ أكتوبر، عندما اجتاح حوالى ٣٠٠٠ من مقاتلى «حماس» قواعد وبلدات تابعة للجيش الإسرائيلى فى منطقة غلاف غزة، ما أسفر عن مقتل حوالى ١٢٠٠ شخص، واحتجاز ٢٤٠ رهينة أخرى، موضحة أن الكتيبة فقدت ٤١ جنديًا فى هذا اليوم.

«وول ستريت جورنال»: الخسائر تثير مخاوف حول الفشل فى القضاء على «حماس»

قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إنه منذ بداية التوغل البرى الإسرائيلى فى غزة قُتل ١١٥ جنديًا إسرائيليًا، وأصيب حوالى ٦٠٠ آخرين، وفقًا لما أعلنه الجيش الإسرائيلى، مضيفة: «هذا أكبر عدد ضحايا من جيش الاحتلال مقارنة بالهجمات البرية السابقة على غزة».

ووصفت الصحيفة ما حدث فى «الشجاعية» بأنه «أحد الأيام الأكثر دموية بالنسبة للقوات الإسرائيلية فى غزة، منذ بدء الحرب قبل شهرين»، ناقلة عن دانى دانون، النائب الإسرائيلى عن حزب «الليكود»، الذى يتزعمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قوله: «أشعر بالقلق من أننا سنعلن النصر قبل الفوز فى الحرب. نحن بحاجة إلى توضيح ما هى أهداف الحرب بالضبط، وما يعنيه حقًا الانتصار على حماس والقضاء عليها؟».

وأشارت إلى أن إسرائيل تواجه ضغوطًا مباشرة ومتزايدة من الولايات المتحدة لإنهاء العمليات القتالية النشطة فى غزة، كاشفة عن أنه عندما سُئل وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، الأربعاء الماضى، عما إذا كانت إسرائيل تكيف تكتيكاتها الحربية لتتوافق مع الطلبات الأمريكية لتقليل الخسائر فى صفوف المدنيين، أجاب: «لا أحد يقرر لنا كيفية التصرف».

وأضافت: «على الرغم من ارتفاع أعداد القتلى فى غزة، لا يبدو أن إسرائيل أو (حماس) على استعداد للتراجع عن القتال قريبًا، فكل منهما يضغط على الآخر لحمله على الاستسلام»، مشيرة إلى أن «حماس» اعتبرت أن الخسائر الإسرائيلية الأخيرة بمثابة انتصار كبير لها، قائلة: «قيادتكم الفاشلة لا تهتم بحياة جنودكم، ليس أمامكم خيار سوى الانسحاب من غزة، وكلما طالت مدة بقائكم هناك، زادت فاتورة الوفيات والخسائر الخاصة بكم».

ورأت أن ارتفاع عدد الضحايا الإسرائيليين يعكس تحولًا فى تكتيكات الحرب العسكرية، مع التركيز بشكل أكبر على القتال فى المناطق الحضرية، خلافًا لما حدث فى الأسابيع الأولى من الحرب، حينما اعتمدت إسرائيل بشكل شبه حصرى على القصف الجوى.

ونقلت عن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى، الأدميرال دانيال هاجارى، القول إنه «كلما زادت عملياتنا على نطاق واسع، كما نفعل فى القطاع، زادت المواجهات مع المسلحين، ولسوء الحظ زاد عدد الجرحى».

كما نقلت عن بعض المحللين العسكريين قولهم إن إسرائيل ستحتاج إلى شهرين إضافيين على الأقل لتحقيق هدفها المتمثل فى «استئصال حماس»، والقضاء على التهديد الذى تشكله على إسرائيل. وقالت ميرى آيسين، العقيدة المتقاعدة فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية، إن «أحد أكبر التحديات التى تواجه إسرائيل هو تفكيك شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لـ(حماس)، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للحركة لنقل المقاتلين والإمدادات، لذا بدأت إسرائيل فى إغراقها بمياه البحر، منذ الثلاثاء الماضى». ورأت الصحيفة أنه مع القصف الجوى المكثف، والقتال البرى الجارى فى شمال وجنوب غزة، وتفكك نظام الرعاية الصحية، فإن الحرب تدخل مرحلة جديدة ومميتة. وأوضحت أن نحو ٢٨٠ فلسطينيًا يُقتلون يوميًا فى غزة، ووفقًا للسلطات الفلسطينية، فقد قُتل أكثر من ١٨ ألفًا و٦٠٠ فلسطينى، بينما يقدر الجيش الإسرائيلى أن عدة آلاف من نشطاء حركة «حماس» قد قُتلوا فى الحرب الدائرة منذ ٧ أكتوبر الماضى.

«جيروزاليم بوست»: اليوم الأكثر دموية للجيش منذ بدء العدوان على غزة

وصفت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية كمين حى «الشجاعية» بأنه «اليوم الأكثر دموية للجيش الإسرائيلى» منذ بدء الحرب على قطاع غزة.

وأفادت الصحيفة بأن المعركة وقعت خلال مرحلة «الشفق» من احتلال حى «الشجاعية»، والتى حاول خلالها الجيش الإسرائيلى القضاء على معاقل «حماس» المتبقية فى الحى، من أجل فرض سيطرة كاملة على شمال قطاع غزة.

وأضافت: «بدأ الغزو البرى، لكن وسط القتال فى منطقة القصبة، تعرضت قوات (جولانى) لكمين وانفجار، أدى إلى قطع الاتصال ومقتل ٤ جنود، فيما سقط ٦ جنود آخرون فى مهمة الإنقاذ التى تلت ذلك».

وأشارت إلى أنه «خلال جنازة الجنود العشرة الذين قُتلوا فى الكمين كشفت القبور عن حجم الخسائر الكبرى فى صفوف الجيش الإسرائيلى، خاصة بعد أن تم افتتاح جزء جديد من المقابر فى جبل هرتزل لاستيعاب القتلى من الجنود الذين يسقطون خلال التوغل البرى فى غزة».

وتابعت: «الأرقام المعلنة تكشف عن مقتل ١١٥ جنديًا إسرائيليًا منذ بداية الغزو، فيما قُتل أكثر من ٤٠٠ جندى خلال عملية (طوفان الأقصى)، وفقًا للأرقام المعلنة».

وأكملت: «تم استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط بعد ٧ أكتوبر. ومنذ بدء الغزو البرى، استمعت العائلات الإسرائيلية إلى إعلانات الضحايا بقلق، وهى تقرأ الأسماء، وتنظر إلى الصور، وتأمل ألا يكون أحباؤها من بين القتلى».

ونقلت الصحيفة عن ليئور بينيستى، مسئول الجيش الإسرائيلى المختص بملف دعم العائلات، خلال الجنازة فى جبل هرتزل، القول: «من الصعب جدًا فتح الأخبار كل يوم، لأنه فى كل مرة تكون هناك أخبار عن سقوط مزيد من الجنود».

وأضاف: «خلال ١٥ عامًا من الخدمة لم يقترب أى شىء من صعوبة الفترة الحالية. إنها أخبار صعبة بالنسبة لنا جميعًا، حيث يشارك كل واحد منا فى حزن هذا الحداد الوطنى».

واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن تلك التصريحات وغيرها تكشف عن أن أعداد القتلى من صفوف الجيش الإسرائيلى أكبر من تلك التى تعلنها الحكومة.