رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سماسرة الدم.. كيف يدير مساعدو الرئيس الأمريكى ملف العدوان الإسرائيلى؟

غزة
غزة

موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة لا يديره الرئيس جو بايدن وحده، بل يعتمد فيه على فريق مخضرم، غالبيته ممن يدينون باليهودية، والجزء الآخر داعم لإسرائيل، لدرجة الدعم المطلق فى كثير من الأحيان، حتى وإن كانوا يعملون على تحقيق المصالح الأمريكية. وطوال العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة الممتد لنحو ٣٥ يومًا، والذى تسعى مصر بأقصى ما لديها إلى وقفه، اليوم قبل الغد، يستمر «بايدن» فى تلقى النصائح والاستشارات من أعضاء هذا الفريق، حول كيفية التعامل مع التصعيد الإسرائيلى. فى السطور التالية، تحاول «الدستور» الاقتراب من خلفيات هذا الفريق وطرق تفكيرهم، وأبرز تحركاتهم بشأن الأحداث الأخيرة.

جيك سوليفان.. مهندس تطبيع يعتبر انتصار إسرائيل تعزيزًا للنفوذ الأمريكى فى المنطقة

منذ تعيين جيك سوليفان فى منصب «مستشار الأمن القومى الأمريكى» وهو يرسم خريطة جديدة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، يعتمد فيها على ما يمكن اعتباره «تجاهل» الصراع الإسرائيلى الفلسطينى من الأساس. وقبل أحداث السابع من أكتوبر وما تلاها كان «سوليفان» يرى أن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى يمكن ألا يكون من بين أولويات الإدارة الأمريكية، وذلك بأن تظل القضية الفلسطينية «خامدة»، مع إعلان «بايدن» دعمه حل الدولتين بين الحين والآخر، والتركيز بصورة أكبر على توجيه الدعم لإسرائيل بسبل أخرى، بما يدعم نفوذ واشنطن فى المنطقة الأهم عالميًا. كما يمكن أن نصف «سوليفان» بأنه «أحد أهم مهندسى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل فى المنطقة»، وكان تركيزه فى الأشهر الماضية على إنجاز اتفاق بذلك بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، على غرار «اتفاقيات إبراهيم» التى عقدت مع الإمارات والبحرين. وعمل مستشار الأمن القومى الأمريكى على دمج إسرائيل فى المنطقة، و«إذابة العداءات» عبر «السلام الاقتصادى»، معتبرًا أن تحقيق هذا أمر شديد الأهمية، سواءً لإسرائيل أو الولايات المتحدة، فى ظل صراع النفوذ الدائر عالميًا، خاصة فى الشرق الأوسط. ويرى «سوليفان»، الذى يتمتع بتأثير رئيسى على الرئيس الأمريكى عند اتخاذ أى قرارات تتعلق بالسياسة الخارجية، أن دفع إسرائيل فى حربها الحالية ضد «حماس» قد يسهم فى تقوية النفوذ الأمريكى بشكل أكبر فى المنطقة، حال تحقيق الهدف من هذه الحرب. كما يسعى إلى تحقيق ما أسماه «وقف إنسانى فورى لإطلاق النار» فى غزة، بعد أن رفض دعوات دولية إلى «وقف إطلاق نار شامل»، معتبرًا أن هذا فرصة لالتقاط الأنفاس، وتعزيز الوجود الأمريكى فى المنطقة، وإعادة ترتيب أولوياتها مع دول كانت تلوّح بالانصراف عنها فى وقت سابق.

أنتونى بلينكن.. «يهودى» يرغب فى تولى السلطة الفلسطينية حكم غزة

«أقف معكم لا كوزير ولكن كيهودى فرّ جده من القتال فى روسيا».. تلك الجملة التى تحدث بها أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، فى زيارته الأولى لإسرائيل بعد اندلاع التصعيد العسكرى الأخير فى غزة- كافية لشرح كيف يتحرك الرجل فى الأزمة الحالية.

هو ابن زوجة أحد الناجين من «محرقة الهولوكوست»، والتى شكلت قصصها نظرته للعالم، ومن ثم قراراته السياسية، بما فى ذلك تجاه الشرق الأوسط، مع حمله وجهات نظر ديمقراطية سائدة بشأن إسرائيل.

ويعد «بلينكن» هو «وجه الموقف الأمريكى» تجاه التصعيد الإسرائيلى الحالى، فهو الأكثر ظهورًا فى وسائل الإعلام للحديث عن توجه الولايات المتحدة، ليس لحل الصراع فقط، لكن أيضًا لمنع امتداده إلى مناطق أخرى.

ويعمل وزير الخارجية الأمريكى، كونه يهودى الديانة وداعمًا قويًا لإسرائيل، على تحقيق مصالح الأخيرة من خلال تحركات الولايات المتحدة، خاصة أنه يتمتع بتأثير قوى فيها، باعتباره كبير دبلوماسييها.

وتشمل أهداف «بلينكن» عدة مسارات، أولها تعزيز نفوذ إسرائيل الذى يتناسب طرديًا مع نفوذ الولايات المتحدة، وهو ما يقود إلى المسارات التالية المتعلقة بجعل السيطرة داخل غزة لطرف يمكن أن يتواصلوا معه دائمًا، لذا يدفع إلى ضرورة تولى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة، فى وقت تعانى فيه هذه السلطة عدة تحديات فرضها عليها الاحتلال والضغوط الأمريكية.

جون فاينر.. مساند لأهداف إسرائيل ويعتبر المقاومة «شرًا خالصًا»

يعتبر جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى، هو أول من أسهم فى سرعة إرسال المساعدات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل، بعد اندلاع الصراع الحالى، وكان هذا نابعًا من أصوله اليهودية. 

ويشرف «فاينر» على التنسيق بين الوكالات الأمريكية بشأن السياسة الخارجية، بحكم منصبه كنائب لمستشار الأمن القومى، كما أنه أحد كبار المسئولين الإداريين القلائل فى الإدارة الأمريكية الذين لديهم خبرة مباشرة فى إدارة الصراع فى غزة، وهو ما يستغله فى دعم الأهداف الإسرائيلية، وتطويع ما يمكن منها لتعزيز النفوذ الأمريكى.

وأسهم نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى فى أن يكون أول تعليق صادر عن الإدارة الأمريكية حول الهجمات الفلسطينية فى السابع من أكتوبر متضمنًا جملة تصف هذه الهجمات بأنها «الشر الخالص».

أفريل هاينز.. مديرة مخابرات من «المجتمع اليهودى»

تقدم أفريل هاينز، مديرة المخابرات الأمريكية، إحاطة يومية حول المعلومات الاستخباراتية إلى الفريق الرئاسى الأمريكى. وتعد «أفريل» أول امرأة تتولى منصب مديرة المخابرات الأمريكية، وكذلك أول يهودية، وسبق أن عملت كنائبة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، ونائبة لمستشار الأمن القومى الأمريكى. تدرجها فى هذه المناصب التى ترتبط بشكل مباشر بالأمن القومى الأمريكى جعلها من بين المؤثرين على دوائر صناعة القرار فى واشنطن، وهو ما دفع «بايدن» لترشيحها فى منصب مديرة المخابرات الوطنية منذ ٣ أعوام. «هاينز» هى ابنة لأم يهودية تدعى أدريان رابين، وهو ما يجعلها تشعر بالانتماء إلى المجتمع اليهودى، رغم أنها تحث فى بعض الأوقات على تبنى لغة أكثر صرامة بشأن إسرائيل.

أوستن لويد.. ناقل رؤية المخططين العسكريين الأمريكان فى حرب القطاع

لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكى، أمريكى من أصول إفريقية، ومن أقوى الداعمين لإسرائيل فى الإدارة الأمريكية.

«أوستن» ينسق مع نظيره الإسرائيلى يوميًا بشأن العملية العسكرية فى غزة، ويعمل على إقناع نظرائه فى تل أبيب بوجهة النظر الأمريكية إزاء عدم توسيع الصراع، وكذلك الاستماع إلى وجهات نظر المخططين العسكريين الأمريكيين. يعمل «أوستن» على تعزيز الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة، وله تأثير قوى على الأمريكيين الذين ينتمون إلى أصول إفريقية. ويعد وزير الدفاع الأمريكى خبيرًا فى شئون الشرق الأوسط، ويستفيد من ذلك فى كونه كان قائدًا للقوات الأمريكية خلال حرب العراق.

فيل جوردون.. يتولى التنسيق الأمنى بين السلطة وتل أبيب

كان فيل جوردون، مستشار الأمن القومى لنائب الرئيس الأمريكى، يتولى فى وقت سابق مهام المنسق لمجلس الأمن القومى للشرق الأوسط فى إدارة أوباما، ما يجعله يتمتع بفهم أكبر لمجريات الأمور، وأكثر قدرة على التعامل مع هدف دعم إسرائيل، لكونه من أقوى داعميها بشكل شخصى، وزيادة النفوذ الأمريكى فى المنطقة فى آنٍ واحد.

وخلال الآونة الأخيرة، حضر «جوردون» العديد من الاجتماعات الأمريكية رفيعة المستوى حول التصعيد الإسرائيلى والأوضاع فى غزة، وينظر إليه على أنه يمكنه لعب دور محورى فى العمل على كيفية إقناع السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى غزة، وعلى الجانب الآخر إقناع إسرائيل بالتعامل مع هذا الأمر، خاصة أنه كان يتولى مهمة التنسيق الأمنى بين السلطة وتل أبيب فى المناطق المحتلة.

بريت ماكجورك.. عرّاب التطبيع فى المنطقة العربية

بريت ماكجورك، نائب مساعد الرئيس ومنسق مجلس الأمن القومى للشرق الأوسط، من الشخصيات الرئيسية المشاركة بشكل فعال للغاية بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية حول قضايا تهم الجانبين فى المنطقة، ويطلق عليه فى الإدارة الأمريكية «عرّاب الشرق الأوسط».

ونظرًا لعلاقاته القوية مع عدة دوائر مهمة فى دول المنطقة، لا سيما دول الخليج، دفعه «بايدن» إلى التواصل مع مصر وقطر فيما يخص مباحثات استعادة المحتجزين الأمريكيين من غزة، وكذلك تطورات الأوضاع داخل القطاع فى ظل استمرار التصعيد الإسرائيلى.

كامالا هاريس.. نائبة الرئيس الداعمة لـ«حل الدولتين» 

كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى، هى أقرب شخص إلى «بايدن»، والمحطة الأخيرة التى تتخذ معه القرارات، حتى إن عدة تقارير كشفت عن أنها انضمت إليه فى مجموعة من مكالماته مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، التى بلغ عددها نحو ١٠ مكالمات منذ اندلاع التصعيد الحالى، إلى جانب مشاركتها فى اجتماعاته مع عدد من المسئولين الإسرائيليين.

وتروج «هاريس» لحل الدولتين باعتباره «يضمن استمرار دولة إسرائيلية قوية يمكنها أن تتشعب فى علاقاتها مع دول الجوار فى المنطقة». كما أنها تعمل على زيادة قوة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، وتعزيز إرسال المساعدات العسكرية إلى الأخيرة.

وتؤثر على نائبة الرئيس الأمريكى فى اتخاذ هذا التوجه تلك العلاقات القوية التى تربط زوجها اليهودى، دوج إيمهوف، مع المنظمات اليهودية الكبرى الموجودة فى الولايات المتحدة، والتى تسيطر على المنظمات اليهودية حول العالم.

وليام بيرنز.. مدير «CIA» يسعى لاستمرار «اتفاقيات التطبيع»

أجرى وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، زيارة إلى المنطقة، شملت مصر بجانب دول أخرى، خلال الأسبوع الجارى، تركزت حول إدارة التصعيد العسكرى الإسرائيلى فى غزة، والحفاظ على عدم توسيع الصراع إلى خارج حدود المنطقة.

ويعد «بيرنز»، الذى يقدم تقريرًا يوميًا لـ«بايدن» حول الأوضاع، أحد أقوى الداعمين لإسرائيل، وكان عنصرًا رئيسيًا لا غنى عنه فى تفعيل «اتفاقيات التطبيع» بين إسرائيل والإمارات والبحرين، والتنسيق لاتفاقيات مع دول أخرى فى الخليج، كما أنه من منسقى عملية السلام بين إسرائيل ومصر والأردن. من بين أهداف مدير «CIA» تشجيع زيادة «التطبيع» فى المنطقة، باعتبار أن دمج إسرائيل فى المحيط العربى والشرق أوسطى يمثل أهمية كبرى للولايات المتحدة، ومن ثم فهو يعمل على عدم توقف مثل هذه الاتفاقيات إلى وقت طويل.

إريل كوريلا.. يدير الاتصالات ويشرف على القطع الأمريكية فى الشرق الأوسط

يشرف إريل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكى، على حركة القوات الأمريكية والسفن وأى أصول أمريكية يمكن تحريكها فى منطقة الشرق الأوسط، لا سيما العراق وسوريا فى الأيام الأخيرة الماضية، ويتولى إدارة الاتصالات العسكرية بين الجيشين الأمريكى والإسرائيلى فى الوقت الحالى.

ويعمل على زيادة التعاون العملياتى بين الجيشين خلال التصعيد الحالى فى غزة، بالشكل الذى يمنع من توسيع رقعة الصراع الحالى فى المنطقة، ما قد يؤدى إلى مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن فى الوقت ذاته يؤكد الدعم المطلق لإسرائيل فى عملياتها الحالية داخل غزة.

ديفيد ستارفيلد.. منسق انسحاب الجيش الإسرائيلى من لبنان

ديفيد ستارفيلد، المبعوث الخاص للقضايا الإنسانية فى الشرق الأوسط، هو دبلوماسى متقاعد، لجأ بايدن إلى تعيينه كمشرف على الاستجابة الإنسانية الأمريكية فى غزة، تحديدًا بعد يوم ٧ أكتوبر الماضى.

ويتمتع «ستارفيلد» بنحو ٤٠ عامًا من الخبرة فى التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، حيث قام بمهام دبلوماسية سابقًا فى سوريا وتونس والمملكة العربية السعودية، وكان له دور فى الاتفاقيات التى تعاملت مع انسحاب الجيش الإسرائيلى من لبنان عام ٢٠٠٠ عندما كان سفيرًا للولايات المتحدة فى بيروت، وكان مدير موظفى مجلس الأمن القومى الأمريكى سابقًا. وتولى رئاسة مكتب وزارة الخارجية الأمريكية للشئون الإسرائيلية والعلاقات العربية الإسرائيلية فى الفترة بين عامى ١٩٩٣ و١٩٩٦، وكان أحد المسئولين عن مراقبة تنفيذ بنود معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وعمل على عملية السلام العربية. الخبرة التى اكتسبها ديفيد ستارفيلد تفيد إدارة بايدن فى أن تحقق دورها بدعم إسرائيل فى المنطقة، واستعادة نفوذها من خلال تلك العملية، وعبر الدور الذى يؤهله إلى التأثير فى مسار الصراع الحالى.

روجر كارستينز.. ممهد المفاوضات للإفراج عن المحتجزين

أرسل روجر كارستينز، المبعوث الرئاسى لشئون الرهائن ومسئول ملف الرهائن الأمريكيين المحتجزين خارج البلاد، نائبه «ستيفن جيلين» إلى إسرائيل، حيث يعد أحد المسئولين الأمريكيين الموجودين فى إسرائيل بشكل شبه مستمر منذ اندلاع الحرب فى غزة، ويعمل على التنسيق مع المسئولين الإسرائيليين بشأن قضية المحتجزين، وتم إطلاق عدد منهم من قبضة حماس، بينما يظل نحو عشرة آخرين موجودين داخل القطاع.

يعتمد الرئيس الأمريكى على الإحاطات التى يقدمها له «كارستينز» بشكل لحظى، حيث يتم البناء عليها فى التفاوض حول جدية الضمانات الممكنة لعودة المحتجزين الأمريكيين من غزة، وأن يكون ذلك دون أضرار كبيرة بالمصالح الإسرائيلية، أو نشوب خلاف بين واشنطن وتل أبيب.

ويتمتع روجر بخبرة كافية فى ملفه الحالى، نظرًا لأنه كان مشاركًا فى حرب أفغانستان والعراق، وتعامل مع مواقف مماثلة.