رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طوارئ بمستشفيات مصر لرعاية شعبنا الفلسطينى

كما توقعت منذ اللحظة الأولى في صباح 7 أكتوبر الماضي، دماء وقنابل وضحايا، قبل تفجر نهر الدم في غزة، قلت لمن يحدثني لنستعد بمئات المئات من الأسرة الطبية في مستشفياتنا، وبالفعل، وكأنه تمرين مشهور، أعلن محافظ شمال سيناء قبل شهر إعلان حالة الطوارئ بكل مستشفيات شمال سيناء، ليس هذا فقط، ولكن بناء مستشفيات ميدانية في أقرب نقطة آمنة لمعبر رفح، حدث بالفعل مستشفى ميداني من خيام مكيفة مشدودة على حديد بها غرف عمليات واستقبال وعناية مركزة واستراحة وكافتيريا، مصر بكل معاناتها الاقتصادية تبذل ما في وسعها من أجل تضميد الجراح.
كان التخوف- وما زال- من التهجير القسري ودفع سكان غزة دفعًا نحو سيناء، على الرغم من علم أصحاب ذلك المخطط أن لسيناء رجال لهم زند من حديد وقلب من الذهب، نحمي سيناء بدمائنا، ونطبب الضحايا من قوت أبنائنا، هكذا نحن ويعلم الجميع.
ليس جديدا علينا أن نستقبل أهالينا الغزاوية الذين رماهم البين بين بلطجة إسرائيل من ناحية وقلة إمكانياتهم من ناحية أخرى، نكتب هذا للتوثيق ولا نكتبه تفاخرًا، ستظل مصر قلبا نابضا للعرب يفيض عطاء ومحبة ومسئولية والتزاما، وهي تمامًا ما قاله الشاعر، عندما تحدثت مصر عن نفسها: "أنا إن قدر الإله مماتي.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي".
هذا الدور المحوري على المستوى السياسي المؤثر وعلى مستوى الدعم المعيشي والطبي يملأ مجلدات، نفتح بيوتنا فعلا لا قولا، نقتسم الخبز من أجل قضية فلسطين العادلة.
مازال المشوار في بدايته ونرى الضوء في نهاية النفق، نرى دولة فلسطينية مدنية ديمقراطية حديثة، نراها مستقلة كي يعوضها الزمن عن جراح طال زمنها وتعمق الألم فيها، لندخل معهم إلى القدس يدا بيد وخطوة بخطوة، لم تكن قضية فلسطين تخص الفلسطيني وحده، لكنها قضية العرب المركزية حسبما تؤكد توصيات كل القمم العربية، والعجيب هو أن إسرائيل ما زالت سادرة في غيها، لدينا المبادرة العربية نموذجًا حيًا للغرور الإسرائيلي، أما أمريكا وهي راعية هذه المعاناة، فهي لم تتعلم دروس التاريخ بعد، لا تعلمته في فيتنام ولا تعلمته في أفغانستان، هي دولة الوحل وشرب الدماء.
أمريكا وإسرائيل قد احترفتا زراعة الكراهية، بينما الضحايا يصرخون من تحت الأنقاض مطالبين بالسلام دون التفات لعنتريات بعض الفصائل الفلسطينية، معادلة صعبة، ولكننا نراها في كل لحظة من لحظات الحرب، نتعامل مع الضحايا في غزة وفي الضفة الغربية بأعصابنا المشدودة مثل وتر، ولا تلفت مصر إلى تصريح حمساوي خائب هنا أو تلاسن عاجز هناك، الشعب الفلسطيني هو الأبقى وهو بوصلة المصريين نحو الحل العادل والشامل للقضية.
الجسر البري للشاحنات لم ولن ينقطع عن غزة، هذا هو قدر مصر منذ بداية التاريخ، وفي حكاية الشاحنات يزيد علينا عبء آخر وهو تنسيق وصول المساعدات القادمة جوا بالطائرات إلى مطار العريش، هذه البطولة المتفردة التي تقوم بها مصر تستحق أن تكتب، ولو أن نابها من أبنائنا المتطوعين على بوابة معبر رفح كتب يومياته من هناك سوف نقرأ أساطير تتحقق على الأرض، نقرأ لنتعلم أن الصمود المصري هو رافعة الصمود داخل غزة وأن المعركة لا يخوضها شعب فلسطين المحاصر وحده، وإليكم اليوم قدمنا أجيال مصرية وعربية طازجة، انتبهت وقامت بترتيب حملات المقاطعة لكل المنتجات التي يقدم أصحابها دعما لإسرائيل، حملة المقاطعة داخل أكبر سوق عربية وهي السوق المصرية أوجعت الشركات التي استهدفها الشباب، لذلك نقرأ يوميا بيانات إعلامية تصدر عن تلك الشركات تحاول مسك العصا من المنتصف.
نؤكد موقف ثابت على الأقل بالنسبة لي وبشكل شخصي، أدعم الشعب الفلسطيني البطل، وانتقد بكل الوعي العقل السياسي لما تسمى حماس، شعب فلسطين سوف يصنع دولته وتنظيم ما يسمى حماس سوف يصنع أزمته التي تبتلعه ويتلاشي.