رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مطار العريش.. محطة الأمل لأهالى غزة فى ظل الحرب والحصار (ملف)

مساعدات غزة
مساعدات غزة

في قلب قطاع غزة، ينتظر الآلاف من الجرحى والمرضى، بين الحياة والموت، فرصة للعلاج والشفاء. فالحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ أكثر من أسبوع، خلفت دمارًا واسعًا في المنشآت الصحية والبنية التحتية؛ مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدهور كبير في الخدمات الصحية.

وداخل مطار العريش الدولي، يتجمع المئات من المتطوعين والمنظمات الإنسانية والدولية، في انتظار فتح معبر رفح البري، لإيصال المساعدات الضرورية إلى أهالي قطاع غزة، الذين يعانون من تداعيات الحرب المستمرة مع إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي. 

من بين المساعدات التي تصل إلى المطار، مساعدات طبية وغذائية من مختلف دول العالم والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى مواد إغاثة أخرى مثل الماء والبطانيات والخيام.

إنفوجراف "الدستور"

إنقاذ منتظر

في مستشفى غزة الأوروبي، أحد أكبر المستشفيات في شرق خان يونس، يعمل الأطباء والممرضون بلا كلل، لإنقاذ حياة المصابين، رغم شح الموارد وقلة الإمكانات. ويقول الدكتور علي الديري، الطبيب بقسم العناية المركزة: "نحن نواجه ظروفًا صعبة جدًا، فالمستشفى مكتظة بالجرحى، ولا تكفي لاستيعابهم جميعا، نحن نفتقد إلى الكثير من المواد الضرورية، مثل الغازات والضمادات والمخدرات والأجهزة الطبية".

ويضيف الطبيب: "نحن نسمع عن المساعدات التي تصل إلى مطار العريش في مصر، التي تحتوي على كميات كبيرة من المساعدات الطبية، ونعيش حاليًا على أمل وصول هذه المساعدات بأسرع وقت ممكن، فهي تعني لنا الكثير".

"المرضى يحتاجون عمليات عديدة، ولكثرة الإصابات وقلة الإمكانيات المتوفرة حالية، نفقد العديد من المصابين في الحرب"، يقولها "الديري".

مستشفى غزة الأوروبي

ويستكمل الطبيب حديثه مع "الدستور"، مشيرًا إلى المخازن المركزية لوزارة الصحة بغزة، التي تخلو من المستلزمات والمهام الطبية، فضلًا عن أن الطاقم المتوفر من حيث الأعداد لا يتناسب مع زخم الإصابات وصعوبتها، ففي العناية المركزة، يدوام 4 أو 5 موظفين أساسيين على 12 حالة، ومن المقرر أن كل حالة تستلزم إشراف اثنين من ممرضين.

"نحن نعمل داخل المستشفى على على مدار 24 ساعة، لا نرتاح دقيقة واحدة، وهناك طلاب ومتطوعون يساعدوننا، ولكن العجز مع عدد الإصابات كبير للغاية، ونحتاج بعد استقرار حالات المصابين، أن يتم تحويلهم إلى مستشفى العريش" هكذا اختتم الطبيب حديثه.

إنفوجراف "الدستور"

دور بطولي

من جانبه، يقول محمد جمال، منسق ميداني بالهلال الأحمر المصري متواجد في مطار العريش، إن الدور الأساسي لمنظمة الهلال الأحمر المصري هو دور إغاثي في المقام الأول حال وجود مناطق بها كوارث أو حروب أو نزاعات، مشيرًا إلى أن هذه المنظمة هي جهاز معاون للدولة أثناء الأزمات والكوارث ونقدم الدعم لمناطق تحتاج للإغاثة دون توجيه.

ويؤكد جمال في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن منظمات المجتمع المدني وغيرها من الجمعيات الوطنية المختلفة هي الجهات الوحيدة القادرة على إيصال الدعم لمنطقة النزاع أو الكوارث، مؤكدًا أن الهلال الأحمر يقدم الاحتياجات والطلبات للجمعية الوطنية في الدولة التي بها حرب أو كارثة، حيث يتم التواصل والتنسيق بين الجانب المصري والجانب المتضرر لمعرفة الاحتياجات المطلوبة لتوفيرها بشكل عاجل، سواء دعم إغاثي من أدوات ومستلزمات طبية أو مواد غذائية.

محمد جمال، منسق ميداني بالهلال الأحمر المصري

"المساعدات لدولة فلسطين المحتلة القادمة من كافة الدول موجهة بشكل رسمي إلى الهلال الأحمر  المصري داخل مطار العريش، كما أننا استقبلنا خلال الفترة الحالية مساعدات من دول: "الأردن، تركيا، الإمارات، تونس، قطر، منظمة الصحة العالمية، برنامج الغذاء العالمي"، بالإضافة إلى قافلة التحالف الوطني للعمل الأهلي". يوضح "جمال" أنه يتم التواصل بشكل دوري مع الهلال الأحمر المصري من كافة الدول للتنسيق قبل وصول المساعدات لمطار العريش.

ويستكمل: "يتم التواصل دائمًا مع الجانب الفلسطيني ممثلًا في الهلال الأحمر الفلسطيني؛ لمعرفة ما هي المواد الإغاثية التي يحتاجون إليها والكميات المطلوبة سواء أدوية أو أدوات طبية أو أغذية ومواد إغاثية أخرى، مشيرًا إلى أن المواد الإغاثية تكون عبارة عن مواد غذائية جافة وأدوات طبية وأدوية وكذلك أغطية وملابس في بعض الأحيان".

إنفوجراف "الدستور" عن حجم المساعدات في مطار العريش

أما عن التنسيق بين منظمات الهلال الأحمر في العالم، فهو يتم على المنوال الآتي: "الهلال الأحمر التركي أو الأردني أو غيره يتواصل مع نظيره الفلسطيني لمعرفة ما هي مواد الإغاثة المطلوبة، ويتم تجهيزها ويكون الهلال الأحمر المصري هو الجهة الوحيدة المنوطة بتوصيل تلك المساعدات لدولة فلسطين المحتلة"، لأنها الجهة القريبة لمكان الكارثة.

"من المستحيل أن أجازف بفريق المتطوعين المتواجد في العريش لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة تحت قصف طائرات الاحتلال"، يتابع "جمال".

ويشير إلى أن المتطوعين من الهلال الأحمر داخل مطار العريش جاهزون بشكل دائم وبفرق دورية لاستقبال المساعدات على مدار الساعة، وعلى سبيل المثال تم استقبال الطائرة الإماراتية في تمام الساعة الواحدة والنصف صباحا، والانتهاء من تفريغ وتخزين الشحنة، الساعة السادسة صباحا.

مساعدات مطار العريش

وينوّه "جمال" إلى أن هناك ما لا يقل عن 150 متطوعًا بالإضافة إلى الجهاز الإداري للهلال الأحمر فيصبح الإجمالي أكثر من 200 فرد جاهزون بشكل دائم، كما أن المتطوعين تم تدريبهم بشكل احترافي على العمل داخل مناطق الكوارث، بالإضافة إلى التدريب والتوجيه على أرض الميدان بشكل مباشر.

ويختتم حديثه برسالة من متطوعي الهلال الأحمر: "رسالتنا جميعًا للشعب الفلسطيني، بأننا لن نغفل حتى نصل لكم بالمساعدات"، مؤكدًا أن هناك تعاونًا شديدًت للغاية من السلطات المصرية وكذلك أهالي شمال سيناء، مشكورين عرضوا التبرع بمخازن أو أماكن لتخزين المساعدات لحين تحركها إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى أن السلطات المصرية عينت لكل مخزن دورية حراسة خاصة لتأمين موقع المساعدات حتى لا يمسها أي شخص لحين تحركها.

إنفوجراف "الدستور"

مهمة وطنية

وفي السياق، يقول هاني عبدالفتاح، المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير (إحدى مؤسسات التحالف الوطني للعمل الأهلي)، إن المنظمات المشاركة في إرسال مواد إغاثية لغزة هذه المرة مختلفة تمامًا، حيث يعمل أكثر من 34 مؤسسة خيرية ومجتمعًا مدنيًا تحت مظلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التي تقود مساعدات الشعب المصري إلى أهالي فلسطين وقطاع غزة.

ويضيف عبدالفتاح، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن خطوة التجهيز والتنسيق من أهم خطوات العمل الخيري في مجال الدعم في حال الأزمات والكوارث، وتلك هي الاستراتيجية التي يعمل عليها التحالف الوطني من خلال كافة مؤسساته.

ففي "صناع الخير"، يعملون على التخطيط لقياس الاحتياجات الفعلية للجمهور المستهدف إغاثته أو دعمه، وفي حالة الأزمة في قطاع غزة نجد أن المتطلبات تنحصر في احتياجات طبية، وذلك في مجال التبرع بالدم والأدوية والمستلزمات الطبية، وبالتوازي مع الاحتياجات الطبية مهم المواد الغذائية وكذلك البطاطين والملابس، وتلك هي الأساسيات التي تم تجهيزها للمساعدات.

هاني عبد الفتاح، المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير

ويوضح: "الصعوبات التي واجهتنا هي عامل الوقت ليس إلا، كما أن الشعب المصري مبادر دائمًا لدعم أشقائه، وداعم بقوة للقضية الفلسطينية وذلك من خلال التبرع سواء بالمساعدات العينية أو بالدم، ولذلك عندما أطلقنا حملات التبرع بالدم كان هناك مشاركة عريضة من كافة الفئات للتبرع بالدم من أجل أشقائنا في فلسطين".

"التحالف الوطني يسعى في الوقت الحالي لإيصال المساعدات بشكل سريع إلى أهالينا في فلسطين، وهناك تنسيق كبير للغاية مع الأجهزة المصرية لإيصال المساعدات من التحالف الوطني للعمل الأهلي إلى قطاع غزة".

ويختتم حديثه: "الرسالة التي يوجهها التحالف الوطني للعمل الأهلي وفريق مؤسسة صناع الخير، إلى الشعب الفلسطيني هي رسالة تضامن وأخوة ودعم لأشقائنا في غزة ومفرداتها هو إقبال شديد على التبرع بالدم من المواطنين وفرق عمل صناع الخير ومتطوعي المؤسسة بكافة أنحاء الجمهورية، والعمل على مدار الساعة لتجهيز أكبر قدر ممكن من المساعدات الغذائية".

قوافل التحالف الوطني

احمونا من العدو!

وفي مخيم جباليا، أحد أكبر المخيمات في غزة، يعاني سكانه من شح الماء والغذاء والكهرباء. فالحصار الإسرائيلي على غزة، حرمهم من أبسط حقوقهم في الحياة. وتقول أسيل عودة، سيدة تعول خمسة أطفال: "نحن نعيش في جحيم، فلا نجد ما نأكله أو نشربه، كل يوم نخاف على أرواحنا وأرواح أولادنا من قصف الطائرات".

"القصف دمر المخيمات بطريقة بشعة، أشلاء الضحايا نراها في كل مكان، الإصابات الناتجة عن الأسلحة النارية لا يمكن السيطرة عليها، في ظل تدهور الوضع الطبي داخل القطاع".

"نسمع طوال الوقت عن المساعدات التي تأتي من دول عربية وإسلامية وأجنبية، نأمل جميعنا أن تصل في أقرب وقت؛ لإنقاذ ما تبقى منا داخل الأرض المحاصرة، ونشكر أيضًا كل من يقف معنا في هذه المحنة، ونطلب منهم أن يضغطوا على إسرائيل لوقف الحرب وفتح المعابر"، هكذا تستكمل "أسيل" حديثها لـ"الدستور".

قصف المنازل في غزة

وفي معبر رفح، الذي يربط بين مصر وغزة، يقف المتطوعون في المنظمات الإغاثية، وهم يحملون شعارات تطالب بفتح المعبر، والسماح بدخول المساعدات والمتطوعين إلى غزة.

تبقى غزة عالقة بين الحرب والحصار، بين الأمل واليأس، بين الحياة والموت، وتبقى عيونها مشرقة إلى مطار العريش، حيث تصل المساعدات التي تشكل نفسا جديدا لها، وتبقى قلوبها متعلقة بمعبر رفح، حيث تمر الشاحنات التي تحمل رسالة تضامن من العالم، وتبقى آذانها منصتة إلى صوت السلام، حيث تسكت الأسلحة التي تهدد حلمها.