رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد كابوريا عازف السمسمية وآخر أعضاء فرقة «أولاد الأرض»: «الغنوة زى السلاح على خط النار»

سيد كابوريا
سيد كابوريا

قال الفنان سيد كابوريا، عازف السمسمية بفرقة «أولاد الأرض»، إن المشير محمد عبدالغنى الجمسى، وزير الحربية الأسبق، قابله وطلب منه شريط كاسيت يضم أغنيات الفرقة، وحينما أخبره باسمه عرفه وعرف أغنية «الفاتحة». 

وقال «كابوريا»، فى حوار مع «الدستور»، إنه أنشأ متحفًا للسمسمية، ويعلِّم الشباب حتى الآن عزفها، ليحافظ على التاريخ، مؤكدًا أنه تعلم من الكابتن غزالى وفرقته الوطنية والانتماء وحب الناس.

■ كيف بدأت علاقتك بفرقة «أولاد الأرض»؟

- كان الكابتن غزالى- رحمه الله- صديق خالى، وجمعتنا الجيرة، وكان الجميع يعرف كابتن غزالى كبطل رياضى.

فى البداية ذهبت لأتدرب معه لأتعلم رياضة الجمباز، وكان معى أعضاء الفرقة فيما بعد: «تيتى الخميسى والمصرى والبشندى والسيد خضيرى ومبروك السيد مرجان».

كنت أنا و«مبروك» ميالين للسمسمية، وذات مرة زارنا الفنان حسن نعيمى وتعرف علينا، وطلب منا العمل فى الفرقة القومية للسويس، التى خرجت منها فرقة البمبوطية، لكننى لم أكمل فى هذا الطريق، وتفرقت بنا السبل أنا والأصدقاء.

وبعد النكسة، انضم جميع الشبان للمقاومة الشعبية، وكان جنود الصاعقة يتولون تدريبنا على الرماية بنادى السويس وبمدرسة الصنايع، وحين تجمعنا ثانية فى المقاومة ظهر الاحتياج للفن وقتها كأداة مقاومة، فشكلنا فرقة «النضال»، وشكّل الكابتن غزالى فرقة «البطانية».

حين شاهدنا الحاكم العسكرى بالسويس وقتها، جمال ربيع، اقترح دمج الفرقتين، وأصبح اسم الفرقة الجامعة «أولاد الأرض»، وكنا فى المنطقة الثانية بالأربعين، وذهبنا إلى الخندق ليكون مقرنا، وأصبحنا فى منطقة واحدة يرأسها الكابتن غزالى.

وبعدما اشتهرت أغانينا وأذيعت فى شبكة صوت العرب، دعونا للمشاركة فى حفلات أضواء المدينة، وكانت الحفلة تفتتح بالسيدة فايدة كامل، ونحن بعدها مباشرة. 

■ لماذا أحببت السمسمية؟

- آلة السمسمية عرفها المصريون القدماء «الكِنَّارَة»، وهى مرسومة على جدران المعابد، وكانت فى البداية عريضة وصوتها عريضًا، وانتشرت فى إفريقيا، وكانت تصنع من أمعاء الماعز، وحين صغر حجمها وأصبح صوتها أرق أُطلق عليها السمسمية، وفى أثناء حفر القناة كانت تعزف فى جلسات السمر، ليرفه العمال عن أنفسهم، ولما جرى افتتاح القنال بدأت فرق السمسمية من بورسعيد والسويس والإسماعيلية تجتمع وتعزف معًا وتتبادل الخبرات.

■ ما الأثر الذى تركته فيك فرقة «أولاد الأرض»؟

- تعلمت فى هذه الفرقة حب الوطن والأهل والإخلاص فى العمل.. حين انتهت الحرب تصور البعض أننا سنبحث عن وظائف وشقق، ولكن فى الحقيقة عدنا إلى السويس.

لم أترك السمسمية يومًا، حتى هذه اللحظة، وأسست متحفًا للسمسمية به العديد من آلات السمسمية التى لها تاريخ، وأدرب الراغبين فى تعلم السمسمية، وأتمنى أن أحافظ على هذا التراث، وأعلم الأطفال السمسمية.

■ كيف كان الفن أداة للمقاومة؟

- بمجرد أن يطلق الكابتن غزالى صيحته فى معسكرنا كنا ننتفض واقفين ونلتزم بالتعليمات، وكنا نسير فى طريق واحد جميعًا، وكانت الغنوة بمثابة سلاح نتدرب عليه، ونظل فى البروفات ولا ننام حتى نحفظ الأغنية.

شاركنا أيضًا فى عروض مسرحية تجولنا بها فى كل أنحاء مصر، مثل عرض «غنوة على خط النار» للمخرج سيد طليب، وكان العرض عن حكاية السويس، وكانت تقدمه الفرقة القومية للسويس، بطولة فتحية طنطاوى وعبدالله حفنى وفرقة «أولاد الأرض».

وكنا نقدم اسكتشات صغيرة عن الحرب تحمس الجنود، وكنا نزور كل المواقع ونقدم عروضنا وأغانينا للجنود، نرفه عنهم من جهة، ونلهب حماسهم ونعطيهم أملًا من جهة أخرى، وظل الجميع يذكرنا، حتى إننى حين قابلت اللواء الجمسى طلب منى شريط كاست لأغنياتنا، فأعطيته واحدًا، فسألنى عن ثمنها، فقلت له: «تمنه إنك تسمعه»، وحين أخبرته بأننى من فرقة «أولاد الأرض»، قال لى: «أنهى واحد»، فقلت له: «سيد كابوريا»، فقال لى: «بتاع الفاتحة للعسكرى»، قلت له: «آه».

■ ما حكاية الفاتحة للعسكرى؟

- غنوة كتبها الكابتن وغنيتها أنا، واشتهرت وقتها كانت تقول: 

الفاتحة للعسكرى سبع السباع الفللى

واقف وحاضن مدفعه بطل وحارس موقعه 

الفاتحة 

الفاتحة للباش شويش حضن سلاحه تقول عريس 

بيقول ألفين ما يكفنيش أضحى بعمرى ومصر تعيش

الفاتحة

الفاتحة لكل ملازم بيحب جنوده وملازم وبيعمل كل اللى لازم 

علشان النصر أكيد عازم. 

ما أنجزته فرقة «أولاد الأرض» لم تنجزه فرقة أخرى، والدور الوطنى الذى لعبته بإخلاص دور نادر.. كان الفن مسئولية، وكنا نذكر زكريا الحجاوى ومعه خضرة محمد خضر وغيرهما، يجوبون محافظات مصر فى الستينيات لنشر فنهم المختلف، لا من أجل فلوس، ولا شهرة، بل لأجل مصر.

لذا يجب الحفاظ على هذا التراث وتنميته، فنحن لسنا موظفين، نحن أهل فن، ونريد أن نرى أثرنا ممتدًا، وأتمنى أن يكون هناك مجال، فالأثر هو الباقى والكابتن غزالى مات وبقى أثره رغم السنين.