رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجدة قطاع غزة.. مصر "الوسيط النزيه" لوقف التصعيد وإغاثة الأهالى

القضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية

تحتل القضية الفلسطينية أولوية لدى الدولة المصرية منذ القدم، وكانت ولا تزال على أجندة رؤساء مصر، خاصة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وتتحرك مصر في مسارات الحفاظ على "القضية الفلسطينية" والتذكير بها، وهي تواجه بشكل شبه دوري تداعيات جولات التصعيد المتكررة من جانب الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة، والتي تطورت خلال الأشهر الأخيرة لتشمل عدة مناطق في الضفة الغربية، منها مخيم جنين.
وقال محمد منصور باحث بالمرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: "جولات التصعيد ضد قطاع غزة دومًا هي الأكبر والأكثر صعوبة في إخمادها وإيقافها، وهنا يتجلى بشكل واضح حجم وأهمية الدور المصري في مثل هذه المناسبات، ومن أقرب الأمثلة على هذا الأمر، جولة التصعيد التي شهدها قطاع غزة في مايو 2021، والتي استمرت لمدة 11 يومًا. وتمكنت مصر بعد جهود حثيثة من إيقاف هذه الجولة التي كانت هي الأعنف منذ أعوام طويلة".
وأضاف أن المسار المصري في مثل هذه المناسبات يتضمن السير في عدة مستويات مختلفة: أولًا وقف العمليات العسكرية وفرض هدنة لدواعي إنسانية، ثم الانتقال بعد ذلك إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار سيرتبط بطبيعة الحال بشروط ومطالب متعددة من كلا الطرفين، وهو ما يحتاج إلى وسيط نزيه يتمتع بثقة الجانب الفلسطيني، ويرتبط في نفس الوقت بعلاقات مع الجانب الإسرائيلي تسمح له بممارسة مهام الوساطة. وهو ما يتوفر بشكل كامل في الجانب المصري الذي لعب دور البطولة في التوصل للتهدئة خلال جولة مايو 2021 التصعيدية، وهو ما أسفر عن إيقاف هذه الجولة العنيفة من القتال".
وأشار إلى أن النجاح المصري في هذا الصدد دفع بعض الأطراف الغربية -التي كانت تفكر في انتهاج سلوك مناهض للدولة المصرية- إلى التراجع عن موقفها والإقرار بأهمية ومحورية الدور المصري، ناهيك عن إقرار القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بفاعلية الدور المصري في هذه الأزمة، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن عقب التوصل إلى اتفاقية التهدئة، عبر اتصال هاتفي جمعه والرئيس عبد الفتاح السيسي، أعرب فيه "بايدن" عن "امتنانه الصادق" له وفريق الوساطة الذي شكله، للعبهم الدور الحاسم في المسار الدبلوماسي لهذه الأزمة.
ولا تكتفي مصر وفقا لدراسة المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالعمل على إيقاف التصعيد والقتال؛ فمهام الإغاثة وإعادة الأعمار تبقى جزءًا أصيلًا من هذا الجهد، وبجانب القوافل المتعددة من المساعدات المصرية التي تمر بشكل دوري عبر معبر رفح، تعهدت مصر عقب جولة مايو 2021 التصعيدية بالعمل بشكل ميداني أكبر على إعادة إعمار قطاع غزة، وخصصت لهذا الغرض مبلغ يعد الأضخم في تاريخ القضية الفلسطينية "نصف مليار دولار"، وهو ما وسع بشكل كبير من هامش الدور المصري في الملف الفلسطيني، ليصبح ذا اتجاهات مختلفة.
وتقود مصر جهودًا دبلوماسية مكثفة للحيلولة دون الذهاب إلى مواجهة مفتوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال المواجهة الجارية حاليًا في قطاع غزة، حيث حذرت مصر من مخاطر وخيمة للتصعيد الجارى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في أعقاب سلسلة من الاعتداءات ضد المدن الفلسطينية.
وتواصلت الرئاسة المصرية خلال اليومين الماضيين مع أطراف دولية، من بينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حين أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري مشاورات مع وزيري خارجية الأردن والسعودية، وتواصل هاتفيًا مع كل من أنتونى بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وسيرجى لافروف، وزير خارجية روسيا الاتحادية، وكاترين كولونا، وزيرة خارجية فرنسا، وهاكان فيدان وزير خارجية تركيا، والشيخ عبدالله بن زايد، وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويمكن فهم أهمية الدور المصري في القضية الفلسطينية، ومدى حرص القاهرة على وجودها بشكل مستمر في ثنايا محاولات حل هذا الملف، من زاوية الحرص على الإيفاء بمتطلبات الأخوة العربية، وعدم التخلي عن التزامات مصر كقوة عربية كبرى لها تاريخ عريض في دعم الشعب الفلسطيني في كل العهود، وهو ما يوجب استمرار مصر في لعب هذا الدور وتوسيع هامشه ليضم كل جوانب هذا الملف.